ومثل هذا التصريح كان يمكن أن يكون بصيغة أخرى مختلفة للحفاظ على حسن سمعة الاستثمار في السودان، لأن من يتلقى الخبر أياً كان يمكن أن يفكر في أن مشكلة الاستقرار في ولايتين بعيدتين عن بعضهما يمكن أن تنتقل لولايات أخرى، مثل هذه الملاحظة يمكن أن تدخل في بعض دراسات الجدوى للاستثمار في السودان. وكان يمكن أن يقول السيد الوزير مثلاً إن أغلب الولايات تحتضن مشروعات استثمارية دون الإشارة إلى «التوترات». فمن بالداخل يعلمون بها تماماً ومن بالخارج يفهم أنها مثل المشكلة الاسكتلندية في بريطانيا أو مشكلة باكستان في كشمير أو مشكلة تقرير المصير للمسلمين في جنوب الفلبين كل حسب نظرته، دون أن يمس الأمر سمعة الاستثمار في السودات. خاصة أنها مضت في تحسن بعد تحسين العلاقات بين السودان ودول الجوار من تشاد إلى دولة جنوب السودان إلى إثيوبيا وإرتريا إلى ليبيا. إن أرض وموارد السودان ومناخاته كلها مغرية جداً لجذب الاستثمارات الإسلامية والأجنبية وهذا ما يجعل دول الاستكبار مثل الولايات المتحدة الأمريكية ومعها موروثها الإستراتيجي من التاج البريطاني «إسرائيل» تتحمّس لدعم وتمويل التمرد ليستمر عائقاً أمام الاستفادة من موارد البلاد من نفط ومعادن وموارد أخرى مفيدة جداً في كل ولايات السودان. ومعلوم اقتصادياً أن البديل الاقتصادي الأفضل للسودان الرازح تحت تأثير العقوبات الاقتصادية هو الاستثمار. وأفضل وزير للاستثمار بحكم خلفيته الدبلوماسية هو وزير الخارجية الأسبق ووزير الاستثمار الحالي الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، فالرجل حتى لو لم يكن قيادياً وعضواً بالمؤتمر الوطني أيضاً هو الأنسب لهذا الموقع. ومن إنجازاته الدبلوماسية المهمة إنه مهندس إعادة العلاقات بين السودان والكويت بعد أن ساءت عقب احتلال الأخيرة بقوات حزب البعث العربي الاشتراكي العراقي. لقد وصلت الخصومة غير المبررّة تلك حينها إلى درجة أن حضر محمد الأمين خليفة القيادي بالمؤتمر الشعبي حالياً إلى السفارة الكويتية عقب احتلال الكويت وقال لطاقم السفارة «سلمونا المفاتيح نريد تسليمها للعراقيين». إنه بالطبع تصرف صبياني.
المهم في الأمر هو أن يهتم الإخوة في وزارة الاستثمار وعلى رأسهم شيخ مصطفى بإعلام الاستثمار ويضعوا له فلسفة مثمرة حتى لا يكون مثل السياحة بلا إعلام ذكي رغم أن وزيرها الحالي من الأذكياء وهو المهندس محمد عبد الكريم الهد. وما لا يعلمه الكثير جداً من محبي السياحة حاملي العملة الصعبة هو أن أقدم مدينة في العالم موجودة في السودان وليس غيره هي «كرمة». والآن دعونا نروج لحقيقة أفضل استثمار بالقارة الإفريقية في السودان لثروات باطن الأرض وسطحها ولإمكانية حسم المشكلات الأمنية بأي ثمن.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش