غرفة الإنعاش فجرت الكثير من الأسرار وكانت سبباً في كثير من المشاكل الأسرية بقائمة الاعترافات الخطيرة التي أدلى بها المريض هو في حاله لا وعي، ومن داخل غرفه الإنعاش مفجراً مفاجآت داوية.
البنج سبب طلاقي منى شابة ثلاثينية تحكي والألم يعتصرها والمرارة لم تفارقها، فتقول: رغم إجراء العملية التي كانت سبب انفصالي عن زوجي، لم يمر بخاطري ولم أتخيل قط أن يحدث ذلك، ولم اكتشف أنه يخونني إلا عندما كان طريح الفراش الأبيض، حين أجريت له جراحة طارئة، فطفق يتحدث عن أشياء لم أكن على علم بها، وهو في حالة بين الوعي واللاوعي، وأضافت: كشف عقله الباطني الكثير من الأسرار والخبايا التي لم أكن أتخيلها، الغريب في الأمر أنه لم ينكرها عندما أفاق مبررا أنها كانت في السابق حبيبة له، وانفصلا بعد ذلك، وأضافت كان لابد أن أطلب الطلاق حفاظا على كرامتي، لأنه لم ينطق باسم غير اسمها، فأدخلني وأسرتي في حرج شديد وسط الزائرين. العرس على طريقة الزين يبدو أنه وبعد أن حفظ أجزاء كبيرة من رواية (عرس الزين) للكاتب الكبير الطيب صالح صار يطبقها، وهو في غرفة العملية وتحت ثأثير البنج، فيعلو صوته مناديا بها (ياناس أنا بحب هنادي بت خالتي) أدهش الجميع بما فيهم خالته (أم هنادي) الذي أحرجت ولم تجد منفذا إلا بعد قران هنادي وعثمان الذي كاد يجن بحبها. وأضاف عثمان رب ضارة نافعة رغم ألم العملية، فحب هنادي كان دواءً شافياً لما حل بي. وأردف: لا أحد يعلم بالحب المكبوت داخلي حتى هي، فتسجيل الاعتراف بالحب على هذه الطريقة لا يستهزئ بها، ويقال (فلان ده ما تأخذه تحت تأثير البنج). تقصي و تحليل من جهته أشار السر بابكر ـ محضر عمليات ـ بمستشفى الخرطوم إلى أن التخدير يختلف من عملية لأخرى، فهناك تخدير عام بحيث يفقد المريض الوعي والإحساس، وغالبا ما يجعله يتحدث وهو في حالة اللاوعي. أما النوع الثاني، فهو التخدير الموضعي يؤدي إلى فقدان الإحساس في مناطق معينه، وكشف السر عن أن البنج الذي يجعل المريض يهلوس يسمى (الكتلين) ودائما ما يعطى معه (الفاليوم)، ويستخدم في العمليات الصغيرة مع العلم أن ليس كل من يجري جراحة يهلوس، بل الذين يتعاطون المخدرات والمكيفات هم الأقرب للهلوسة، وللعلم أن هذه الأنواع من البنج دائما ما يتم استخدامها في العاصمة بل ينحصر في الريف والعمل الميداني، حيث لا يوجد أوكسجين، وله في الحقيقه مضاعفات ومرضى ضط الدم هم أكثر فئة مستبعدة منه.وأضاف نسأل المريض قبل التخدير هل يستعمل الكحول؟ وهكذا حتى يخضع للتخدير ويقول: في هذه الحالة يكون تحت ذمتنا ونحن مسؤولون عن ما يقول فيدخل حديثه حتى قائمه الأسرار، ويواصل نستقبل مرضى بمختلف الأعمار وتواجهنا عده مواقف ونسمع عن أشياء يقشعر لها الأبدان.
صحيفة اليوم التالي
دُرِّية مُنير
ع.ش