الإغريقي الغامض .. جيراسيموس كوندو ميخالوس .. وعلاقته ببيت المهدي

[JUSTIFY]عندما رأيت صورته لأول مرة ظننته سقط من كتب الادب الانجليزي اسوة بأصحاب الاقطاعيات قبل ان يدفعنى الفضول لأقرأ عنه فكدت اجزم انه سوداني كامل الدسم رغم انه اغريقي خالص وجد نفسه في السودان الا انه اختفى مثل اشياء كثيرة فلم يتبق سوى شارع يحمل اسمه.. الكونت دي ميخالوس «جيراسموس كوندو ميخالوس».. اليوناني الذي كان اسمه يلمع في السودان في كل مكان لأن سيرة الرجل اشبه ببرطمان توابل عندما تفتحه تجد اكثر من مزيج لعب دورا اقتصاديا وسياسيا وحتى اعلاميا بتاسيسه لاهم الصحف في ذلك الوقت قبل ان يضع المشير جعفر نميري نقطه نهايه لمشواره بتأميم ممتلكاته وإبعاده هو وأسرته من السودان.. توقفت في كثير من محطاته وعلاقته ببيت المهدي.. من هو ميخالوس؟ مستر كونتوميخالوس يوناني غادر وطنه في سيقالونيا إحدى الجزر اليونانية عام 1889م، ليواصل دراسته بإنجلترا إلا أنه عدل عن رأيه وجاء إلى الخرطوم عام 1901م ليساعد خاله كاباتو في أعماله.

وفي ديسمبر 1904م تم نقله مديراً لأعمال خاله في سواكن ثم افتتح فرعاً في قرية «الشيخ برغوث» التي تحوّلت إلى ميناء بورتسودان الحالي. اشتهرت شركته بالعمل في الشحن والتصدير وهندسة السيارات وغرابيل التنظيف والمحاصيل.. كما كان رئيساً للجالية اليونانية بالخرطوم لمدة «20» عاماً وأسهم في بناء كنيستها ومدرستها.

امتلكت شركته خمس أراضي المدينة ذات الملك الحر بالخرطوم ودخلت تحت ادارته «500» سفينة من مختلف الجنسيات تجلب البضائع إلى بورتسودان، في عام 1937م حدثت له بعض الاضطرابات المالية فذهب الى مصر وأسس شركة أخرى هنالك.

يقول عنه احد الرعيل الذين عاصروا شركته السيد مكرام ميلاد «اننى لم اعمل فى هذه الشركة ولكن عاصرت نشاطها وكنت اعرفه شخصيًا لأنه كان يعمل فى جميع الأنشطة التجارية ويجب ان اذكر ان كان يحب السودان ويود له كل التقدم فهو من الرعيل الأول الذى شارك فى زراعة القطن بل اول من جلب المحالج وصدَّر الأقطان وعمل فى اعمال الملاحة حتى يتسنى له تصدير المحاصيل السودانية فى كل بلاد يكون له عملاء جدد وكان خيِّرًا يمد يده للفقراء وساهم فى بناء المدارس وكان رئيسًا للجالية اليونانية وحقًا كنت اعرف ابنته وكان يسميها اسمًا عربيًا فقد كانت تسمى «نادية».

علاقته بالصحف دعـم كونتوميخالوس جريدة «سودان هرالد» التي كانت تصدر ثلاث مرات في الأسبوع، وكانت الصحيفة الوحيدة الناطقة بالإنجليزية ثم صارت يومية ثم توقفت عن الصدور عام 1952م.. كان يمتلك معظم اسهم صحيفة «النيل» إلا أنه تخلى عنها للسيد عبد الرحمن المهدي.

ولعل اكثر المخطوطات التى ناقشت نفوذ الكونت ميخالوس الاعلامي والسياسي كتاب بعنوان «بين السياسة والصحافة في السودان» الذي اشتمل على مجموعة وثائق للادارة البريطانية غطت الفترة 1920 ـ 1960. وتتناول الوثائق البريطانية نشأة وتطور الصحافة السودانية، التي يرجع تاريخها الى عام 1903.. وان الكتاب تضمن فصلاً بعنوان «حرب الاغريق» كما اسماها السكرتير المالي والحاكم العام البريطاني آنذاك، اذ كانت الجالية الاغريقية ذات نفوذ اقتصادي واسع النطاق نسبيًا في السودان، ومن هذا النفوذ استمدت الجالية نفوذها السياسي في المجتمع السوداني، وكان امبراطور الجالية هو كونت ميخالوس اول رئيس للغرفة التجارية السودانية وعرف عنه اهتمامه بالمساهمة في نشر الصحف اليومية وشراء أو التخلص من الصحف التي تنتقده وهو شخصية مثيرة للجدل، لكنه ظل موضع احترام السودانيين لانحيازه للمشروعات التعليمية والخيرية للسودانيين.
علاقاته الاجتماعية وتداخلاته السياسية

يحكي عنه شوقي بدري قائلاً «كونت ميخالوس وتعني ميخالوس القصير شارك بمبالغ ضخمة متبرعًا لمدرسة الاحفاد وكان يدفع مبلغًا محترمًا سنويًا لمدرسة الأحفاد. وكان كثير من اليونانيين يتبرعون للأحفاد.

علاقته ببيت المهدي ذكر الأخ السفير علي حمد ابراهيم انه قد قابل ابن كونت ميخالوس في الغربة وانه قد بكى وقال للأخ علي حمد ان النميري قد طردهم من السودان. وهو مولود في السروراب خارج امدرمان.

يقول د. عبد الرحمن الغالي لـ«الانتباهة» ان الكونت كان رجلاً متنفذًا وله علاقات عديدة من ضمنها علاقته بالسيد عبد الرحمن المهدى الذي اشترى منه عددًا من الأملاك.

ويُحكى عنه انه كان وسيطاً ومفاوضاً لبقاً بين السودان ومصر وقد نجح في مصالحة حدثت بين مصر وآل المهدي عام 1951م.

تأثر السودانيين به ومن شدة تأثر السودانيين بثروته ومكانته، ذكره الشاعر «محمد بشير عتيق» فى معرض رباعيات شعرية فى شكل شكوى للسيد وزير الثقافة متظلمًا من هدر حقوق الشعراء بواسطة الفنانين واهمال الدولة فى انصافهم: يقول عن نفسه اولاً مشبهًا لها من ناحية الوزن والقيمة»

بتـبـاع أكون في الثروة «كونتي ميخالوس».. خمسـين سـنة ولـلآن للأغـانى أمـارس.. للتـجديد مواكب وللفضـائل غـارس بى أشعارنا إبداعـات فنـون ومدارس لكين للأسف .. حيّين وغيرنا الوارث.

صحيفة الإنتباهة
سارة شرف الدين

[/JUSTIFY]
Exit mobile version