” الغيرة ” مسبب جديد للألم في السودان

[JUSTIFY]الحرب هي الحريق، والسؤال؛ ما الذي قادنا إلى ذلك؟ من حول دار التعايش إلى دار موت لا يجف نبعه إلا من أجل أن يحقن التربة بدماء جديدة؟ غيرة الترابي -وفقاً للسان حزب الأمة- هي ما أوصلت دارفور إلى هذه النقطة وهو المسؤول عن كل ما يحدث، لتخرج الأحاديث تضيف مصطلحاً جديداً في التعاطي مع السياسة بالسودان؛ وهو مصطلح (الغيرة السياسية) ولكن بتأثيراته السلبيّة.. الحرب تشعلها الغيرة والمبررات هي أن البُعد الجغرافي الذي تدور فيه تاريخياً يمثل منطقة ثقل للأنصار حاول الشيخ توظيفها لخدمة مشروعه السياسي!

ثمّ من يؤكّد بأنّ التاريخ السياسي السوداني هو تاريخ الصراع على هدى الغيرة، والسياسة -باعتبارها سلوكا إنسانيا- تخضع لمثل هذا النوع من المعايير، ولكن تزداد حدة الغيرة وتأثيراتها حين تسود في مجتمع تعلو فيه درجة التعاطي مع الأمور بشكل عاطفي، كالمجتمع السوداني، كما إن مخاض التكوين الأولي للأحزاب السودانية كان له الدور في تفاقم الظاهرة في غياب أسس التنافس الموضوعي سياسياً.. لندع الحديث الأكاديمي جانبا ونعبر نحو الوقائع.. خذ عندك؛ معادلة الثنائيّة بين الأمّة والاتحادي هي ما يحرّك المشهد في كلياته، وهو السلوك الذي يبدو وكأنّه محسوم من الجدل بالضرورة.

في أحد نقاشاته الصحفية وفي نشاط معارض مد رئيس تحالف الإجماع الوطني ضحكته قبل أن يداعب الحشد قائلاً بأنّه يستحق أن ينصب له تمثال صبر، مردفاً بالقول إنّه استطاع تجميع شتات واختلافات الأمّة والاتحادي طوال سنوات التجمّع الوطني.. حكاية أبوعيسى يمكنك أن تحملها معك وأنت تتجه نحو أيّ من الجامعات السودانيّة في زمان تحالفات ما قبل تكوين الاتحادات، أو تقديم القوائم.. الصراع يبدو وكأنّ هدفه لا يغادر أنّ كل طرف يحاول تعظيم مكاسبه من المقاعد القادمة، وهو صراع يتخذ شكلاً مختلفاً في معادلة (الاتحادي)، و(الأمّة).. ساعة التقسيم للمجلس (الأربعيني) يطالب ممثل الأمّة بعشرين مقعداً فيردّ عليه الاتحادي بأنّه يطالب بواحد وعشرين مقعداً، ليقف الآخرون في محطة دهشتهم الأولى، التي سرعان ما تجاوزوها لعلمهم بالخلفيّة المنطلق منها الصراع والغيرة بين الاثنين.

البعض يرجع تفاصيل الاختلافات السياسية في تاريخ القوى السياسية إلى بروز ظاهرة الغيرة السياسية فالقادة التقليديون لم يكونوا ليحتملوا أن يتجاوزهم دعاة الحداثة ويسحبون البساط من تحت أقدامهم… مشهد غيرة الترابي من حزب الأمة بجدلية الدوائر الجغرافية في انتخابات 1986 قد يقبله البعض ولكنهم سيمضون نحو نقطة أخرى تتعلق بانفجار الأزمة في دارفور نفسها في العام 2003، وبذات محتوى الغيرة كسلوك سياسي، يمكنك أن ترد الأمر لموقف الشيخ من تلاميذه القدامى وهم يسحبون بساط السلطة من تحت سجادته… هل الغيرة السياسية سبب في الحروب والأزمات بتوصيف الساسة؟ قطعاً وبلا شك، وهو أمر يوافق عليه الكثيرون في رحلة بحثهم عن (غيرة) تكون على الوطن لا سواه .

اليوم التالي
الزين عثمان

[/JUSTIFY]
Exit mobile version