علي الصادق البصير : رعاية الدولة لحفل ماجن

[JUSTIFY]عذراً خرطوم السودان الحبيب، فقد تبدل ثوبك المصنوع من المن والسلوى بالخبث والثوم والبصل «المعفن»، وعذراً للتي رقصت عند ملتقى النيلين الذي لا يساوي هذه ولا تلك ولا الدنيا بأجمعها. فملتقى النيلين عند الضفة الغربية وبساحة قاعة الصداقة رقصت الخرطوم مساء أمس الأول على أوتار الراب الأمريكية وأوبرا الساحر الماجن.

أقول ذلك وقد شهدت ما لم تسمع به أذن ولم تره العين، فقد تبدل الشباب، صرت أرى أناساً كأنهم غرباء عن بلادي، وعجبت من شكل هذا الوجدان المهووس ومن غير ملامح تلك الوجوه الكالحة إلى أشياء أشبه بالمسخ لدرجة أنك تحتاج لفراسة تبين فيها «الولد والبنت»، فكلاهما يسبل شعراً مكشوفاً، ويتمايع بالنطال الناصل، رأيت فتاة ترتدي «برمودة» محزقة لأسفل ركبتيها، بصحبة وليها جعلت ترقص وكأنها جزء من الفرقة الأمريكية، وعندما بدأت أغنية أخرى ظهرت ذات الشابة بلباس آخر كانت تحمله في سيارة الأسرة، ثم ظهرت في المرة الثالثة بزي ثالث يساعد على رقصة ما يعرضه المسرح.

أيضاً رأيت شاباً يرتدي زي «الراستات»، وهو بنطلون جنز منفوخ وناصل، وفانيلة «تي شيرت» بيضاء وجاكيت أسود، يعلق سلاسل جنزير طويلة على رقبته وشعره مسدل ومبرم يرتدي قبعة «سيات كاب» معكوسة، ظننته أحد أعضاء الفرقة، وعندما دنوت منه وجدته يتحدث بالهاتف مع آخرين، وقال لهم: «يا وهم إنتو من أمبدة وما بتعرفوا القاعة»، بعدها خرجت لأن الوضع لا يحتمل، والمشاهد لا تنقل فقد تقع الصحيفة في مخالفة نشر تتعلق بالذوق العام ولا يمكنني نقل «الأحضان» الماجنة.

هذه الصورة كشفت بجلاء عن خواء فكري يعيشه الشباب المستلب، وكشفت ضعف مؤسسات التربية الدعوية في صياغة وجدان الشباب، وكشفت أيضاً مسألة مهمة جداً هي التصدعات الخطيرة التي تعاني منها الأسر السودانية.

تيقنت تماماً أن المشروع الحضاري أكله الذئب وألقى بفتاته في غياهب الجب طالما رقصت الخرطوم على أنغام الراب والراستات.. خرجت حزيناً لهذا الشباب المسلوب من كل شيء، فلا نادٍ يشبع هواياته، ولا منتدى يغذي أفكاره ولا مكتبة تروي ظمأه المعرفي، فعلينا ألا نلقي عليه اللوم ونطالبه بما لم يوفر له.

أفق قبل الأخير إن كانت أمريكا تريد خيراً لهذا الشعب المسكين، عليها أن تسمح بدخول التكنولوجيا المتقدمة وتدخل أسبيرات لمصنع كنانة والنيل وقطع غيار الطائرات قبل فرقها الاستعراضية. أفق أخير شكراً وزارة الثقافة، فقد عرفنا شبابنا على حقيقته!!

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version