أبو عبيدة عبد الله : منع «الكدمول» في الخرطوم

[JUSTIFY]فوجئت الخميس الماضي بالقرب من مقر الزميلة «آخر لحظة» بوجود مكثف لقوات الشرطة وزحمة غير طبيعية في الشارع، سرت ببطء إلى أن وصلت امام مبنى فندق «دانداس»، فوجدت عددًا من الأشخاص ملثمين بـ «الكدمول» وكلٌّ منهم يحمل رشاشًا ويده على «التتك»، يرتدون نظارات سوداء، ومكشرين في وجوه المارة، بسبب وبلا سبب، وفي المقابل وعلى بعد «200» متر هناك عربة شرطة بها عدد من الأفراد يتناولون وجبة الإفطار ويتبادلون كوب الماء.

عرفت بعد ذلك أن سبب كل تلك الضجة والهيلمانة أن بخيت دبجو رئيس حركة العدل والمساواة الموقِّعة على اتفاق الدوحة يحل بالفندق مع وفده الذي وصل الخرطوم مؤخرًا للمشاركة في السلطة وتقسيم الكيكة، وتساءلت لماذا لا تحمي الشرطة والقوات الأمنية «دبجو» بدلاً من قواته التي ما زال بها نَفَسَ الميدان والحروب والقتال والعراك، ألم تتعظ الحكومة من كل تجاربها الماضية مع الحركات المسلحة التي وقَّعت اتفاقيات ودخلت الخرطوم وهي تحمل سلاحها، ابتداء من قوات الحركة الشعبية، ومليشيات دولة الجنوب ناس فاولينو في الكلاكلة، وبيتر قديت في الفتيحاب، ومن ثم حركة مناوي وحادثة المهندسين الشهيرة التي قُتل فيها مقدم بالشرطة.

لماذا تسمح الحكومة لحركة وقَّعت معها اتفاقًا لوقف الحرب في دارفور أن يحمل منسوبوها السلاح في الخرطوم؟ ألا تثق حركة دبجو في القوات الأمنية والشرطية في حمايتها؟ أم أن الحركة اشترطت ذلك، إن كان كذلك فعلى دارفور السلام، وليس اتفاق الدوحة. أذكر في مدينة أبوجا النيجيرية أثناء مفاوضات دارفور في العام «2006» رفضت السلطات هناك لأي شخص أن يحمل سلاحًا لا حرس ولا غيرو وتولت أمر الحراسات بنفسها، وإن لم تتخذ ذلك القرار لسالت الدماء داخل فندق «شيدا» الذي كان يحتضن تلك الأطراف، لكنهم اكتفوا بالملاسنات والعراك بالأيدي، وحادثة الأستاذ عبد الرحمن الزومة مع المدعو كابيلا ما زالت في الأذهان.

لا أعتقد أن دولة لها سيادة تسمح لشخص يقوم بمهام قوات الأمن والشرطة، قوات مناوي التي كانت موجودة بالخرطوم إلى أن تمرد جزء منها مرة أخرى لم تستطع الحكومة أن توقع معها اتفاق الترتيبات الأمنية، وهو ما شجع مناوي على العودة مجددًا للتمرد بسلاحه وقواته فضلاً عما اغتنمه من أموال السلطة الانتقالية وغادر به إلى جوبا آنذاك.

يجب على الحكومة أن تُحكم اتفاقياتها في غرف المفاوضات وعدم ترحيل القضايا العالقة أو غير العالقة إلى وقت آخر بغية الحديث عن تحقيق اتفاق والتلويح بالاتفاق أمام الكاميرات وتوزيع الابتسامات.

يجب أن تدخل قوات العدل والمساواة إلى الخرطوم أو غيرها من المدن بعد جمع سلاحها، وإن كان هناك خطر يهدد قادتها فهناك من يقوم بمسؤوليته، لأنه إن تعرض أي من أولئك القادة لإطلاق نار أو أي محاولة اغتيال داخل الخرطوم فإن المسؤولية لا تقع على الحرس من قوات الحركة بل تقع على الحكومة لأنها المسؤول الأول عن حراسة وتأمين كل الشعب السوداني وقادته.

أتمنى على وزير الداخلية أو مدير عام الشرطة أن يصدر قرارًا بعدم لبس «الكدمول» والتلثم في شوارع الخرطوم، ليحذو حذو ولاة دارفور الذين أصدروا مثل ذلك القرار، ومنع تظليل السيارات وحده لا يكفي بل يجب اتخاذ قرار بمنع تظليل الوجوه.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version