إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي، فكنا نقول وما عسى أن نصنع بهذا الصبي وماذا يفعل جده وهو يتيم؟.
أما التي تريد أن تعمل خادمة منزل في السعودية أو في الخليج أو في أوربا فهي قطعاً لا تأكل بثدييها.. ولا تأكل بعرقها ولا بيديها ولا بفكرها.. إنما تأكل بما أنعم الله به عليها من جسد.
ولا يغرنك أنها قد تعمل في بلاد الحرمين.
فلعمر الله ليس رجال الحرمين بأقل رجولة ولا فحوله من بقية رجال أهل الأرض..
ولعمر الله ليس رجال الحرمين بأكثر عصمة من المعاصي والآثام من بقية أهل الأرض.
ولو كانوا كذلك في الأولى أو الثانية لما خاطبهم الله سبحانه وتعالى بذات الأحكام والشرائع التي خاطب بها أهل الأرض من عرب ومن عجم ومن روم ومن فرس ومن أزرق ومن أحمر!!.
إن هذا الخطاب ليس موجهاً لأهل المملكة.. ولا لعلمائها.. ولا لقادتها السياسيين.. ولكنه موجه لعموم أهل السودان.. وللحكام خاصة.. وللعلماء بدرجة أخص.. فإن الحاكم لا يقع في معصية إلا كان على أهل العلم كفل منها إذا سكتوا وأغضوا.. ولم يأمروا ولم ينهوا.
فلماذا يسكت أهل العلم وأهل الحكم على هذه الطامة التي يوشك أن تصيبنا في أكثر من مقتل؟!.
لماذا لا يسارعون فيصدعون بالعلم أو يسارعون فيصدعون بالحكم؟! وهل العلم إلا المنع من السفر بلا محرم؟ وهل يخالف الحكم العلم حتى في هذه؟!.
لا أن بعض الطائشات من ذوات السفه وخفة العقل وخفة الدين قد سارعن إلى التقديم والإنطلاق إلى بيوت الذل والهوان والضعة.. ووزرهن على من أذن قبل أن يكون على من طلب واستقبل.
ألا يعلم أهل الحكم عندنا هنا ما الذي قامت عليه العلائق بين أهل المملكة وأهل السودان؟ إن لم يكونوا يعملوا فأنا أذكرهم.. فقد جاءني في هاتفي ما يلي:
لقد ظل السودان منذ إعلان المملكة العربية السعودية يوفد اليها العلماء والأساتذة في كل المراحل من مرحلة الأساس إلى الجامعات، فيرفع من جهالات السعوديين ويعلمهم حتى اللغة العربية.. فلم يشهد السودان أستاذ لغة عربية واحد جاء من السعودية إلى السودان لتعليم أبناء السودان اللغة العربية.. بل على العكس ظل الأساتذة السودانيون يعلمون السعوديين اللغة العربية في المدارس السعودية في الحجاز (المنطقة الغربية) ونجد (المنطقة الوسطى) ثم المنطقة الشرقية.. ولم توفد السعودية إلى السودان منذ قيام المملكة طوال تاريخها طبيباً أو مهندساً أو زراعياً أو بيطرياً أو أستاذاً جامعياً.
وظل التقرير يسرد ما أوفده السودان إلى المملكة من العلماء والأطباء وغيرهم.. حتى أوشك من طول السرد أن يدخل في حالة من الإمتنان لا توافق السرد الذي أحسن فيه وأجاد.
وأنا أقول لأهل الحكم عندنا هنا ربما أن الأخوة السعوديين لا يعلمون شيئاً من ذلك.. وأكثر من هذا ربما هم لا يعلمون ولا يصدقون أن لأهل السودان من العزة ما لم يسمعوا بمثله أو يخطر لهم على بال.. ولعلهم يحسبون أن استقدام خادمات من السودان ليعملن في السعودية هو من باب الإحسان ورد الجميل!. لماذا لا تعتبرون هذه الحالة مثل السقوط في الرياضيات أو الجغرافيا وتقررون دروساً إضافية حتى يتحسن المستوى قليلاً.
والدرس الوحيد الذي يعجل بالفهم هو حمل السفير السعودي على الإعتذار.. كما اعتذر لأهل اليمن ولابد من سحب جوازات الطائشات اللائي أسرعن بالتقديم وإصدار أمر بوقف هذا العبث والتلاعب بدين الله.
وليتعلم أخواننا في السعودية منا أن شريعة النبي المختار منعت سفر المرأة بغير محرم، ورخصت لها في حالة الضرورة القصوى وهي (الهجرة) وليس دونها، ولم ترخص لها بالحج دون محرم ولا لأي ضرورة سوى ترك دار الكفر.. أطفال الأساس عندنا يعلمون ذلك.. فلماذا يجهله الوزراء والولاة والسفراء وأصحاب الياقات؟.. إن هذا العبث- عبثنا نحن بأعراضنا- يجب أن يتوقف وكيف نطلب إيقافه من الآخرين ونحن أول من يتلاعب به ونستهين.. لعل السادة الحكام آباؤهم لا يعلمون اليوم أن مراجل الغضب تغلي في كل أنحاء السودان من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه (جنوبه المسلم).
إن الإشكالية ليست في تفكير السعوديين في استقدام خدامات سودانيات بل الإشكالية الحقيقية هي في قبول المسؤولين السودانيين للفكرة والتفاوض حولها.. أقرأوا معي ما كتبته الأستاذة رانيا أحمد في موقعها بعد أن وثقت ورود الخبر في وكالات الأنباء السعودية ووروده في الشرق الأوسط الواسعة الإنتشار.. قالت رانيا:
تم تناول الخبر في معظم الصحف السعودية، ومن ضمنها جريدة الشرق الأوسط الواسعة الإنتشار..
ويُعرف عن السعوديين اعتناؤهم وانتقاؤهم للعبارات والألفاظ في الخطابات الرسمية في دواوين الدولة أو في التصريحات الرسمية.. وعليه فإن ما ورد يؤكد قبولاً مبدئياً سودانياً على مستوى رفيع بفهم من منصبه قبول الدولة السودانية بالأمر، فما جعل وزارة العمل السعودية تذكر السودان بالاسم!!.
إن هذا ما يخشى منه أن يقود إلى نوع جديد من التطرف، أول أنواع التطرف أن يتشكل جيش من مهيرة بت عبود ورابحة الكنانية لغزو السعودية!!.
وأخشى أن تهدي كل واحدة منهن لبعلها ولشيخها ولأخيها رحطاً وخماراً ومجمراً (مبخر بلهجة السودان العامية)، ويعلن لهم- كما قال عقبة بن أبي معيط لأمية بن خلف عندما تخلف عن بدر: يا أبا علي استجمر بهذا، فإنما أنت من النساء، فقال له أمية قبحك الله وقبح ما جئت به.. ثم خرج إلى بدر فكان أحد من ألقى بهم في بدر من قتلى قريش، ولكنني أخشى أن بعض هؤلاء الذين لا يمانعون من السماح لنسائهم بالعمل خادمات منازل في السعودية أو في أي مكان آخر أو يفاوضون على ذلك.. أخشى أنهم سيكونون أقل عزة وأتفه كرامة من أمية بن خلف.. وأخشى أنهم سيأخذون المجمرة ويتجمرون بها.. وبهذا سيكون أقل غيرة وأقل شهامة وأقل غيرة من بعض الحيوانات بل من كل الحيوانات، لأن كل الحيوانات تغير.. سوى أنها تتفاوت في الغيرة.
ومن أشد الحيوانات غيرة الجمل.. والشمبانزي والحمام والفئران.. أما الذباب فمن غيرته أنه يقتل زوجته بعد وضع البيض حتى لا تفكر في أحد سواه.
والغيرة على الحريم من الطاعة لله، لأنها من الغيرة على محارم الله، والمرأة من محارم الله التي صانها وحرمها إلا بكتابه وسنة رسوله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يغار والله أشد غيرة). وفي زيادة (وغيرة الله أن يأبى المؤمن ما حرم الله).. ومن حكمة الله البالغة تحريم لحم الخنزير لنجاسته وقذره.. والخنزير هو الحيوان الوحيد الذي لا يغار على حريمه أي أنه ديوث فسبحان الله.
وفي الختام سؤال: الفتاة التي تعمل في بيت سعودي لمدة عام أو عامين أو ثلاثة ثم تعود إلى السودان من الذي سيتزوجها؟ من يرضى بها اللهم إلا أن يكون من نسل الخنازير.
إن كل من تساوره نفسه الأمارة بالسوء أو تحدثه بأن أمراً مثل هذا يمكن أن يمر فنحن نقول له بالصوت الجهير إن السراويل التي ترتديها والعمائم والملافح(خسارة قماش ساكت)، وهي مهما كثرت وغلا ثمنها فهي لا تهب لابسها ومرتديها ما ليس عنده من الرجولة.. إلا إذا جاءوا بتعريف جديد للرجولة.. وأنا أن هذا الأمر إذا أجيز وأعتمد فلن أوقر رتبة ولا قامة ولا لحية.
رأي: سعد أحمد سعد
صحيفة اخر لحظة