تجنيد قسري للطلاب من أبناء جبال النوبة للقتال في الشمال

[JUSTIFY]الحرب في جنوب كردفان وصلت لمرحلة بالغة التعقيد، دخلت فيها نفقا مظلماً، وأصبح مكان اعتراف من قبل الجميع، بان لجبال النوبة قضية في جنوب كردفان لها أبعاد (سياسية، اجتماعية، ثقافية، اقتصادية وتنموية)، عزها أهلها لمظالم تاريخية وتراكمية ازدادت تأزماً بتعاقب الحكومات الوطنية، ولكن نضالات أهلها لم تتوقف منذ حركة النوبة السياسية في العام 1904م والتي عرفت بـ(ثورات الجبال ضد المستعمر)، مروراً بعدة تنظيمات وحركات ومعاهدات وإتفاقيات، قبل أن تنفجر الأوضاع فيها مجدداً في السادس من يونيو 2011م ولأكثر من (53) شهراً، أوصلت خلالها أهلها لمرحلة (أمنية معقدة وإنسانية سيئة واجتماعية مزعجة واقتصادية مزرية وسياسية قاتمة)، ولكنها لم تزدهم كذلك إلا مزيداً من (إزهاق الأرواح وهلك الحرث والنسل وتدمير مقدراتها الإنتاجية ومؤسساتها الخدمية والتنموية)، (الصحافة) ستتلمس تلك القضية الشائكة عبر سلسلة من الحلقات وعلى صفحاتها محاولة منها الوصول للإجابة على السؤال المطروح (جنوب كردفان)… إلى أين؟!

في الحلقة الماضية وقفنا على جانب من الحركة السياسية لأبناء جبال النوبة والتي عرفت بـ(ثورات الجبال ضد المستعمر)، والتي كانت من أسبابها كما أسلفنا قانون المناطق المقفولة (1916 1948) ومن ثم ضريبة (الدقنية) والضرائب الأخرى دون عداهم من المجتمعات أدت بدورها لميلاد (الكتلة السوداء بجبال النوبة) والتي أدت بذاتها لقيام إتحاد عام جبال النوبة، ومن ثم ميلاد تحالف (الكتلة السوداء) والتي ضمت تنظيمات (جبهة نهضة دارفور، مؤتمر البجا، جنوب النيل الأزرق، اتحاد عام جبال النوبة) بقيادة صمويل أرو أحد القيادات الجنوبية، ومنذ تلك اللحظة بدأ التغلغل والمد اليساري في قضية جبال النوبة، محكماً قبضته من باب الحركة الشعبية لتحرير السودان (ستاراً له) والتي جاء تحت ضغوط من الدكتور جون قرنق أجبر عليها قيادات الجبال الأوائل لقبول (صيغة) تم بموجبها تذويب قضية جبال النوبة في داخل قضية جنوب السودان مع منح هامش خصوصية في تسمية جبال النوبة بـ(جبهة العمليات الرابعة)، والتي تم تتويجها بإعلان القيادات التاريخية (ميلاد النضال المشترك مع جنوب السودان)، إلا أن جنوب السودان قد اختار الانفصال وأصبحت جبال النوبة بكاملها الضحية وضاعت القضية.

تحول المسار:
المتتبع لتحول وتطور مسارات المشكلة في جنوب كردفان/ جبال النوبة يجد أن المد اليساري المتمثل في الحركة الشعبية لتحرير السودان، قد إنحرف بقضية جبال النوبة عن مسارها كقضية مطلبية عادلة ومعترف بها من قبل الدولة السودانية (مظالم تاريخية تراكمية) لها أبعاداً (سياسية، اجتماعية، ثقافية، اقتصادية وتنموية)، إلى أجندة (إسقاط الحكومة في المركز من جبال النوبة) تحت تأثير دغدغة العواطف وإثارة المشاعر وتأليب الأنفس تحت ستار قضايا الهامش، فقد جاء تحالف الجبهة الثورية والفجر الجديد والربيع العربي وغيره على ذات المنوال متخذه من جبال النوبة منطلقا لعملياتها العسكرية، فما يدور على ارض جنوب كردفان الآن من حرب ضروس بين الحكومة بقواتها النظامية والمساندة ضد القوات التي تقاتلها من الجبهة الثورية والتي تضم حركات دارفور (العدل والمساواة جناح جبريل، حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور، حركة تحرير السودان جناح مناوي) والحركة الشعبية لتحرير السودان (الفرقتين التاسعة والعاشرة)، تؤكد بلا شك انحراف قضية جبال النوبة عن مسارها المذكور لتصبح وسيلة لتنفيذ (مشروع إسقاط الحكومة في الخرطوم)، فيما تواصل قياداتها جولتها الأوربية لذات الغرض.

القوة لأجل السلام:-
ولكن هل من تفاوض لحل المشكلة في المنطقتين؟
ومع من وكيف ومتى؟
بينما تواجه العملية التفاوضية ذاتها بمنعطفات خطيرة أولها مآلات إنهيار الجلسة السابقة والتي أشار إليها رئيس الوفد الحكومي المفاوض مع قطاع الشمال) حول المنطقتين بروفيسور إبراهيم غندور في مؤتمره الصحفي الذي عقده الأول من أمس بقاعة شيلا بوزارة الخارجية عقب تقديمه تنويراً إعلامياً (حول قضايا المنطقتين) للسفراء الأوربيين حضره (14) سفيراً من دول أوربا من بينهم السفير (البريطاني، الفرنسي، الهولندي، الألماني، النرويجي، السويدي التركي وآخرون) علاوة على بعض السفراء من خارج الإتحاد الأوربي من بينهم روسيا وإيرلندا وبحضور (6) من أعضاء وفد التفاوض الدكتور حسين حمدي والفريق دانيال كودي والشفيع على الفكي المأمون وزير الدولة بالمعادن سراج الدين حامد والدكتور حسين كرشوم وباكو تالي، أشار إليها غندور بكل تحسر قائلاً إنهارت الجلسة في 26 أبريل 2013م واحتلت قوات الجبهة الثورية بالتنسيق مع وفد قطاع الشمال المفاوض (أبوكرشولا) واعتدت على أم روابة والله كريم) في 27 أبريل أي بعد يوم واحد فقط وصاحبتها إنتهاكات إنسانية من ترويع وتشريد وقتل وتصفيات جسدية، وكأن رئيس الوفد أراد أن يقول (لابد من ضمانات) لأي جلسات تفاوض مقبلة.

حكومة بلسانين:-
إلا أن مداخلة السفير البريطاني وتساؤلاته ما إن كانت الحكومة مع الحرب أم السلام؟ وكانت ذاتها مكان تساؤل من قبل وسائل الإعلام والتي أجاب عليها قائلاً (الحكومة ليست تتحدث بلسانين كما يتهمها البعض)، مؤكداً بأن وفده يحمل توجيهات واضحة من قبل رئيس الجمهورية (التفاوض مع حاملي السلاح) في المنطقتين بغرض الوصول لسلام دائم فيهما وفق مرجعيات التفاوض التي وقعت عليها الحكومة وتتمثل في (برتكول المنطقتين وقال إنها المرجعية الرئيسة لكل المفاوضات، قرار مجلس الأمن الدولي (2046)، قرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي بتاريخ 12 مارس 2012م)، ولكن من الملاحظ أن الحكومة ظلت تتجنب الإشارة إلى إسم الحركة الشعبية (قطاع الشمال) وبدلاً عنها تقول (حاملي السلاح)، كما تجنبت أيضاً الإشارة إلى (المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات قطاع الشمال) وبدلاً عنها تقول (المناطق المتأثرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق)، يقول مراقبون في حديثهم لـ(الصحافة) أن ذلك يعني (عدم الاعتراف من قبل الحكومة)، وذاتها ما جعلت قطاع الشمال مصراً على جلسة مفاوضات مباشرة مع الحكومة لوقف العدائيات لتنفيذ حملة تطعيم الأطفال، إلا أن غندور إستدرك قائلاً ليس هنالك تعارض بين ما تنادي به الحكومة من تفاوض وما يدور من عمليات عسكرية فـ(القوة ذاتها لأجل السلام) مبيناً بأن ما تقوم به القوات المسلحة ضمن واجباتها ومسؤوليتها الدفاعية عن الوطن والمواطنين، إلا أن غندور استدرك قائلاً مآلات العملية التفاوضية لا تخلو من إثنين أما وقف إطلاق النار للتفاوض، أو إتباع أسلوب ما يعرف بـ(قاتل وفاوض).

فشل حملة تطعيم الأطفال:-
إلا أن قضايا المنطقتين ذاتها لا يمكن لها أن تمر هكذا دون الوقوف على الوضع الإنساني في ظل هذه العمليات العسكرية، أكد رئيس اللجنة الفنية الدكتور سليمان عبد الرحمن سليمان المفوض العام للعون الإنساني إستقرار الأوضاع الإنسانية والصحية وأن الحكومة بالتعاون مع شركاءها الدوليين تبذل جهوداً مضاعفة في هذا الجانب، إلا أن سليمان ذهب محملاً حاملي السلاح مسؤولية فشل حملة تطعيم الأطفال ونقص فيتامين (أ) في المناطق المتأثرة بتواجد قواتها في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، مؤكداً بأن الحكومة من جانبها إلتزمت ورتبت كافة الإجراءات الفنية واللوجستية لتنفيذ الحملة بضمانات الوسطاء وتسليم جداول وقف العدائيات من طرف واحد من قبل القوات المسلحة لمدة (12) يوم للفترة ما بين الأول من نوفمبر وحتي الثاني عشر منه وتم تحديد (86) شخص من الكوادر اليت تعمل بالوكالات الدولية وطائرتي هيلوكبتر عبر برنامج الغذاء العالمي يتم الاستعانة بهما من دارفور لتوصيل اللقاحات والاستمارات الي (18) منطقة منها (11) عبر الجو (كاودا، هيبان، جلد، أم سردبة، البرام، كرنقو، لقاوة، تلودي في جنوب كردفان ويابوس شالية وودكة في النيل الأزرق و7) مناطق أخري بالبر في جنوب كردفان إلا أن الحملة فشلت حسب سليمان بسبب (التعنت والمراوغة) من قبل قطاع الشمال رغم جهود المنظمة الدولية ووكالاتها (الشؤون الإنسانية، برنامج الغذاء العالمي، اليونسيف) إلا أن المفوض عاد مشيراً الي الحاجة الملحة لتطعيم الأطفال ومؤكداً في ذات الوقت استعداد الحكومة وحرصها علي تنفيذ الحملة كاشفاً عن حملة أخري في ديسمبر المقبل لتنفيذ حملة التطعيم مطالباً الطرف الآخر بالجدية لأجل مصلحة ومستقبل الأطفال في المنطقتين. تجنيد الطلاب إلا إن السيناريوهات ذاتها لا تنفصل عما ظل يقوم به الحلو من انتهاكات لحقوق أهل جبال النوبة حيث كشفت مصادر موثوقة بجوبا لـ(الصحافة) عن حملات تعسفية ” كشة” للتجنيد القسري لطلاب الثانوي والجامعي لأبناء جبال النوبة في صفوف الجبهة الثورية بتوجيه من رئيسها مالك عقار وقائدها الميداني عبد العزيز الحلو ينفذها كل من العميد سعيد كجو كومي وعمار امون دلدوم والتجاني تمة شملت الطلاب من أبناء الجبال المتواجدين حالياً داخل مدن دولة جنوب السودان ويتلقون تعليمهم بالمدارس والجامعات اليوغندية والكينية علي نفقة شركة كمولو التي أسسها المرحوم عوض الكريم كوكو ويديرها عقب وفاته النقيب بالجيش الشعبي سليمان توتو وأوضحت ذات المصادر ان الحملات وعملية التجنيد القسري تمت دون علم حكومة دولة جنوب السودان وقد قامت ذات المجموعة أولاً بحل الإدارة الأهلية هناك والتي كانت تدير الشأن الاجتماعي هناك وقد شملت الحملات حسب المصادر “1830” طالب بكل من نمولي وكبويتا وتوريت بشرق الاستوائية في الفترة ما بين 5-8 نوفمبر الجاري و “2133” طالب بكل من مريدي وياي ويامبيو في الفترة ما بين 9-11 نوفمبر الجاري كاشفة عن تجميع هؤلاء الطلاب بكل من معسكري نوكورو الواقع ما بين كبويتا وتوريت وابا التي تبعد 8 كيلو من تقاطع مريدي ياي ومريدي رمبيك وسيتم نقلهم لمناطق التدريب المختلفة و في جبال النوبة بينما تسلمت الصحافة مناشدات من بعض الأسر بداخل السودان وجنوب السودان تناشد فيها رئيسي البلدين البشير وسلفاكير والمجتمع الدولي انقاذ حياة ومستقبل أبناءها من التجنيد القسري الذي ظل يمارسه الحلو وجماعته بحق أبناء جبال النوبة معتبرة ما يحدث كارثة إنسانية يتطلب صحوة الضمير المحلي والإقليمي والدولي. تخريب وتصفيات جسدية المعلومات التي كشفها لـ( الصحافة) معتمد هبيلا علي السيد كيران من كرتلا وقد وقف بنفسه علي الأوضاع فيها عقب الاعتداء عليها من قبل الجبهة الثورية مشيراً الي اعملا تخريبية وسلب ونهب طالت (51) دكان خردوات بالسوق و(7) أماكن اسبيرات و(8) مخازن أدوية بشرية و(12) دكان موبايلات و(6) مخازن ذرة ومحصولات مختلفة و(30) برميل جاز من برج الاتصالات وبعض محلات الوقود كما أحدثت خسائر في مساكن المواطنين وحرق اخري (117) منزلاً ومباني الوحدة الإدارية بلغت في مجملها (3) مليون جنيه وقتلي وجرحي من قبل الطرفين قد تقل هنا وتتزايد هناك إلا أن المعتد ذاته كشف عن معلومات خطيرة كشفاً للتصفيات . استهدف كل من الأمير عبد الله صابون وجعفر وعبد الله إبراهيم وآخرين ولكنها لم تكن الأولي فكم منطقة وقع عليها اعتداء مماثلاً طالت المواطنين في أنفسهم وممتلكاتهم من اغتيال وتصفيات جسدية وتشريد وترويع وتدمير لمقدراته ولم تزد الجميع إلا ضيقاً في الحال ومزيداً من الأزمات ودوننا ما حدث لأهل حجير الدوم ومرنح أو الدندر والموريب وأبو كرشولا و طاسي و غيرها من مناطق جنوب كردفان. ضغوط ورفع سقوفات إلا أن ذات تحركات قوات الجبهة الثورية الأخيرة كما كشفت مصادر موثوقة لـ(الصحافة) القصد منها تشتيت جهود القوات الحكومية ومحاولة منها لفك محاصرة قواتها وفتح الطريق لتغطية وتامين وصول قوة كبيرة في مناطق كيقا الخيل والدشول بالجبال الغربية تقدر بـ( 250) لاندكروزر تحمل الزاد والعتاد والوقود وقوات جديدة ما بين (4500-3000) فرد تم تدريبها بفاريانق بجنوب السودان لتعزيز قواتها في المناطق الشرقية لجبال النوبة بينما كشفت لـ(الصحافة) مصادر أخري مقربة من الحلو انه اسر إليها ابتعاده وتخليه عن قيادة قضية جبال النوبة بسبب ضغوط وانتقادات وخلافات حادة نشبت بين الحلو وقيادات ميدانية وسياسية من أبناء جبال النوبة علاوة علي مخططات وتحولات ومستجدات في العمليات العسكرية والسياسية تجعله متمسك بقيادة الجبهة الثورية التي يتولي قيادتها الميدانية بينما اعتبرتها قيادات سياسية تهرباً من القضية في جبال النوبة إلا أن ذات التحركات العسكرية للجبهة الثورية والتي جاءت متزامنة مع جولة قادتها الأوربية تحمل في طياتها حسب مراقبين كرت ضغط علي الحكومة ورفع الروح المعنوية لقادتها ولإثبات القوة لدي الداعمين لها لوضعها في الاعتبار لجلسات تفاوض مقبلة. خسر السودان تحركات الجبهة الثورية الأخيرة في المناطق حول الدلنج كما كشفتها مصادر موثوقة لـ(الصحافة) ان قوة من 80 سيارة لاندكروزر جاءت من منطقة رشاد قبل أن تنقسم لمسارين الأول 30 لاندكروزر اعتدت الأولي علي الضليمة وحلايب تضاربت الأنباء بشأن الخسائر التي تعرض لها كل طرف حيث توعدت الحكومة المتمردين بصيف حار فيما توعد المتمردين من جانبهم الحكومة بصيف حار مضاد إلا أن خسائر الطرفين ذاتها تؤكد في مجملها خسارة السودان لنفر من أبنائه ومقدراته ومقوماته بسبب أجندات خاصة ليست أجندات خاصة ليست في مصلحة مستقبل السودان وهنا استوقفني نداء سابق لام بشاير محمود المرأة الدارفورية الأم مناشدة أهلها في دارفور متسائلة لماذا الاقتتال؟ وأردفت أم بشاير قائلة ( يا أهلي البموت من الجيش ولدنا .. ومن الأمن ولدنا.. من الشرطة ولدنا.. من الدفاع الشعبي ولدنا.. من حرس الحدود ولدنا.. من الجنجويد ولدنا.. من المواطنين ولدنا.. بلدنا كبيرة وبتشيلنا كلنا بس اخلصوا النية…!!) وسيظل ذات السؤال قائماً لماذا الاقتتال في جنوب كردفان؟ ويظل الأمل أيضاً قائماً لان تأتي مكملة لجهود الرئيسين البشير وسلفاكير وجهود الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدولتين ومساعدتهما في تسوية الملفات العالقة في أبيي من جهة وجنوب كردفان والنيل الأزرق من جهة أخري؟.

صحيفة الصحافة
إبراهيم عربي
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version