خالد حسن كسلا : «حلايب» الآن مع ذكرى تسلُّم عبود

[JUSTIFY]أولاً نقول ونحن في مناخ الذكرى الخامسة والخمسين لتسليم الأمين العام لحزب الأمة رئيس الوزراء وزير الدفاع العميد «م» عبد الله بك خليل السلطة لقائد عام الجيش الفريق إبراهيم عبود، نقول إن تسلم الأخير للحكم لا يعني فتح الطريق للانقلاب العسكري على الحكومة المنتخبة أو غير المنتخبة.. وإذا لم يتسلَّم الفريق عبود الحكم بتوجيه من قائده الأعلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع عبد الله خليل لا يعني هذا ألا تتحرك الخلايا السياسية السرية في صفوف الجيش لاستلام السلطة. في عهد عبود نفسه وقعت المحاولة الانقلابية واتهم زعيم الإسلاميين «الحركة الإسلامية» الأستاذ الرشيد الطاهر بكر بأنه الزعيم السياسي للتحرك ومعه شقيقه عبد الله الطاهر. فشل التحرك وأدخل الرشيد السجن وتغيّرت قيادة الإسلاميين لصالح الترابي في انتخابات اعترف لاحقاً من صوتوا له بأنها لم تكن نزيهة وأن الفائز الحقيقي هو بروفيسور جعفر شيخ إدريس. لكن الرشيد الذي لم يصبح رئيساً للوزراء لفشل انقلابهم قد وضعه نميري لاحقاً في هذا المنصب الرفيع بعد الانقلاب الثاني الناجح إذا اعتبرنا أن انقلاب جماعة الرشيد الطاهر أو كبيدة هو الأوّل. والقائد العام للجيش ليس من الساهل أن يستلم السلطة دون تفويض حزبي كما كان الحال مع عبود، أو بضغط من الجماهير كما كان الحال مع سوار الدهب.

عبد الله خليل برّر الخطوة المجافية للديمقراطية بتعرض البلاد لخطر دولي لعله كان يقصد مشكلة حلايب فيما قصد، ففي عهده كان يبدو على أهبة الاستعداد لإعلان الحرب على مصر حتى اضطر عبد الناصر لاستخدام أسلوب دبلوماسي مع السودان حيث قال: «لو وصلت آليات السودان الحربية إلى القاهرة لن يطلق باتجاهه طلقة واحدة».

لم تكن هذه العبارة الدبلوماسية وقتها نابعة من عاطفة حب وأشجان حينما ركَّت عصافير السياسة الخارجية المصرية في أفنان شجرة الدبلوماسية تتغنى للسودان ولما فيه من حكم عادل ونيل خالد ووجه طبيعة حسن. فكل ما في الأمر كان لعبد الناصر مشروع سياسي جعله ينظر إلى حلايب بأنها ليست قضية المرحلة وقتها، لأن السودان نفسه سيستدعى للعب دور لصالح مصر ونظامها تحت غطاء القضية العربية، وفي ذاك الوقت كانت مصر نفسها تلتقط أنفاسها بعد حرب العدوان الثلاثي عليها عام 1956م، وكانت تتفاءل بكسب معركة جديدة والسودان من خلفها يشد أزرها ولا يحاربها لاسترداد حلايب، وإذا كانت إسرائيل قد احتلت سيناء فلماذا تستبقها هي باحتلال حلايب؟! لكن حدثت نكسة 1967م بسبب خداع من موسكو معروف لصالح إسرائيل، وها هي موسكو يزور مصر منها مؤخراً بعد الانقلاب على الديمقراطية وزيرا الدفاع والخارجية. ترى ستكون الخدعة الروسية لصالح من هذه المرة؟! هل لصالح نظام البعث السوري؟! من تصريحات السيسي التي أطلقها لتبرير الانقلاب ما أشار فيها إلى علاقة مصر الرسمية بسوريا بعد تفجر ثورة الربيع هناك ووقوع مجازر البعثيين والطائفيين الموالين لهم في المنطقة.

المهم في الأمر هو أن من ضمن ما برر به عبد الله خليل تسليم السلطة للقائد العام هو تعرُّض البلاد لتآمر خارجي، ووقتها لم تتلاشى حرارة قضية حلايب. الآن وفي مناخ الذكرى الخامسة والخمسين يتعرض خمسة مواطنون سودانيون للقتل برصاص الأمن المصري. لقد أصبح المواطن السوداني في منطقته حلايب مثل المواطن الفلسطيني في منطقة غزة أو القدس. وما عادت مصر في حاجة إلى السودان بعد احتراق آخر ورقة مصالح مصرية فيه بعد كامب ديفد لا حاجة لموقف ووقوف السودان خلف الجيش المصري الذي كان عام 1967م صديق الراقصة سهير زكي. ولم يعد في حاجة إليه على الصعيد الاقتصادي بعد قيام سد النهضة.. وبعد إسقاط الحكم الديمقراطي المنتخب الذي أتى بالإسلاميين باعتبارهم هم أغلبية الناخبين وهكذا يستمرون بعد اليوم مهما كان حجم التآمر، ولو كان التآمر والتعذيب والتقتيل يكسر ظهرهم تماماً لما فاجأوا الساحة بعد إعلان الحرب عليهم منذ الخمسينيات أو قبلها بأنهم أصحاب الأغلبية. لم يأتوا بانقلاب فلم يكونوا في حاجة إليه. مثل الأحزاب الضفدعية صاحبة الصوت الأكبر من الحجم. وتلك إسرائيل الدولة الديمقراطية تبتسم لاطاحة الديمقراطية في مصر لأنها تريد مصر دولة متخلفة رجعية تستمر مثلها في احتلال أرض الجوار.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version