وتأتي خطوة حل أجهزة الحركة الشعبية بسبب تأخير قيام المؤتمر العام للحركة عن موعده حسب التبريرات التي أعلنت، بمثابة الخطوة الثانية التي يقوم بها سلفاكير ضد صقور الحركة الشعبية بقيادة باقان أموم ورياك مشار ومن تابعهما! فقد كانت الخطوة الأولي هي تجريدهما من موقعهما في الحكومة، بل وإحالة بعضهم للتحقيق في قضايا جنائية يتم التحقيق فيها، ويضعف موقفها تبعاً لذلك قبل أن تظهر نتائج التحقيق.
ولعل سلفاكير قد نفد صبره إزاء مجموعة ما أطلق عليهم أبناء قرنق الذين كانوا يثيرون المشاكل في جنوب السودان ويخربون علاقة دولة الجنوب بالسودان، وفق أفكار يسارية كانوا يدينون بها أيام الحرب ضد الحكومات المركزية في الخرطوم، ولا زالت تراودهم بعد أن صاروا دولة وصاروا هم من رجال هذه الدولة، لكن لأن الطبع غلاب، فقد سدروا في غيهم ومارسوا أعمالهم اليسارية في إثارة الفتن والشغب على الحكومتين الجنوبية والسودانية إلى أن نفد صبر الرئيس سلفاكير فأطاح بهم من المواقع الحكومية أولاً، وها هو يطيح بهم من المناصب السياسية التي يتحصنون بها في الحركة الشعبية، فأصبحوا بلا مواقع.
لكن في ظل هذه التطورات التي جرت في دولة الجنوب بحل أجهزة الحركة الشعبية، يصبح التساؤل عن مصير قطاع الشمال الذي انخرط في أعمال تمرد ضد حكومة السودان تحت مظلة ما يسمي بالجبهة الثورية، فهل صار الحلو وعقار وعرمان بهذا الحل خارج أجهزة الحركة الشعبية، وبالتالي تم فك الارتباط السياسي بينهم وبين سلفاكير تمهيداً لفك الارتباط العسكري؟ يبدو أن مسار الأحداث يسير في هذا الاتجاه.
وأحد أبناء قرنق ممن يحسبون على جناح اليساريين داخل الحركة الشعبية، لما لم يجد له مواطئ قدم داخل دولة الجنوب لجأ إلى إثارة المشاكل بين الدولتين، فقام بتدبير استفتاء أبيي ليقوم بإثارة الفتنة بين الدولتين جنوب السودان والسودان، بل بين القبيلتين المسيرية ودينكا نقوك، ولا يخفي على أحد أن كل ذلك مدعوم بسند خارجي لعله وعد بالدعم وضمان التأييد، لكن لسوء حظهم فإن الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن لم يعترفوا بهذا الاستفتاء الأحادي، كما أن وفد الاتحاد الإفريقي أخبر سكان المنطقة صراحة في زيارته الأخيرة أن موضوع ابيي في يد الرئيسين البشير وسلفاكير مما أغضب دعاة الحرب هناك.
الخلاصة أن الحركة الشعبية تشهد سخونة واضحة في أجوائها في عز الشتاء، ولعل الرئيس سلفاكير مصمم على إنفاذ برنامجه ((الإصلاحي)) الذ كان يعرقله أبناء قرنق.
صحيفة الصحافة
حسن عبد الحميد