إذن كأنما يريد البروف شمو أن يقول بأن عاملين تضافرا للمضي بالصحافة في السودان «إلى زوال» هما بروز الصحافة الإلكترونية وغلاء أسعار الورق وزيادة الضرائب. لكن السؤال المهم هنا أيضاً قبل التعليق على تصريح البروفسور والخبير الإعلامي والقائد الإعلامي المخضرم.. هو: ماذا عن الإعلان الذي يُنشر في الصحف الورقية؟!. ألن ينتقل إلى الصحف الالكترونية بعد زوال الصحافة الورقية؟! بالطبع سينتقل وإن كانت القنوات الفضائية المتعددة إلى جانب الإذاعات ستكسب قدراً من نسبة الإعلانات التي تُنشر في الصحافة الورقية. وستستمر الصحافة بمضمونها بعد أن تتحول من ورقية إلى إلكترونية على صعيد السوق والناحية التجارية وتكون قد تجاوزت مشكلة سعر الصحيفة الذي يضعها في ورطة الآن بين إرضاء القارئ ومواجهة متطلبات تكلفة الطباعة. هذا من الناحية المادية، لكن من الناحية الأدبية تكون الصحافة بعد زوال طرحها الورقي وانتقالها إلى المتصفح الالكتروني قد خرجت من دائرة القيود القانونية واللوائحية واكتسبت فرصة كبيرة للتمتع بفوضى الحريات فبعد زوال «الورقية» سيرتفع بالطبع رواد «الإلكترونية» إلى درجة عالية قد تكون أضعاف درجتهم الآن. ستزدهر أيضاً مواقع القنوات الفضائية والإذاعات والمواقع الأخرى غير المرتبطة بوسائط إعلامية. وسيكون الإعلان والدعاية والترويج عن أسماء الصحف في القنوات والإذاعات بقدر أكبر بكثير مما هو عليه الآن حينما تكون هناك صحيفة صادرة جديدة أو مجددة صدورها بعد توقف بسبب سوء التوزيع مع شح أو عدم الإعلان. وطبعاً تتولد مشكلة الإعلان من سوء التوزيع وقلته رغم أن هناك من يعزون قلته إلى عدم وفرة الإعلان. وهذا غريب وعجيب لأن الإعلانات أصلاً للترويج في صحف توزع بقدر يجعله يأتي ثمرته، لكن أن يكون هو داعماً لاستمرار الصحيفة، فهذا يعني أنه فاعل خير وأن أصحابه متبرعون. إن التوزيع يتوقف على التحرير ليكون جيداً بنسبة لا تقل عن الثمانين في المائة حتى لا تقع الخسارة فتكون الصحيفة إلى زوال بسبب ذلك قبل أن تكون مع الصحف الأخرى «إلى زوال» بسبب الصحافة الإلكترونية كما يقول البروف شمو.
والسؤال هنا: هل من صالح ناشري الصحف ومن يشاركونهم زوال الصحافة الورقية لأنها ستريحهم من مشكلات مدخلات الطباعة وتكاليفها الباهظة إذا ما انتقل «الإعلان» إلى التصفح الالكتروني؟! بالطبع نعم.. وربما يفكرون في إطلاق قنوات فضائية باسم الصحف باعتبارها الصحيفة نفسها لكنها غير مقروءة هنا بل مشاهدة ومسموعة أكثر مما إنها مقروءة وإن كان المقروء على الشاشة محدوداً. وقد نسمع بقناة «الإنتباهة» وقناة «آخر لحظة» وقناة «الرأي العام» وقناة «السوداني» وهكذا، وهي أسماء الصحف الورقية التي يتنبأ بروفسور شمو بزوالها، وانتقال قرائها إلى شاشات الكمبيوتر والتلفون النقَّال.
لكن سؤالنا إلى البروف شمو: هل يستطيع كل قراء الصحف بمختلف أنواعها أن يمتلكوا أجهزة حاسوب وتلفونات متطورة جداً لتصفح الصحف الإلكترونية؟! وفي أي عام سيكون امتلاك هذا الجهاز أو ذاك مثل امتلاك «الجلابية».. وإن شئت فقل الجلباب؟!
يبدو أن حديث البروف سابق بكثير لأوانه، ويمكن أن يكون تنبؤًا على طريقة التنبؤات ببعض الأشياء التي يتوقع حدوثها بعد عشرين عاماً أو ثلاثين. ولا حاجة إلى هذا التنبؤ الآن ليتنا نستفيد من خبرات البروف فيما يلينا.
نلتقي غداً بإذن الله
صحيفة الإنتباهة
ع.ش