شرطي في مقدمة مواكب الرؤساء

[JUSTIFY]ما من شك في أن الشرطة السودانية اكتسبت عبر تاريخها العريق إرثاً من البطولات والأداء المشرف.. بدءاً من روادها وضباطها مرورًا بجنودها والعاملين في رحابها وهم يحتفظون بذكريات جديرة بالتوثيق.
من أجل ذلك كان لنا لقاء مع أحد جنودها بالمعاش، أفنى زهرة شبابه في خدمة شرطة المرور فعاصر الرؤساء وكبار الزوار وتقدمهم ليفتح ويؤمن لهم الطريق في ركب فخيم تزينه المواتر والزي التشريفي البديع وعربات الإنذار. نسعد اليوم بخلاصة ذكريات رقيب شرطة (م) الماحي جعفر الفاضل.. زرناه في منزله العامر بالحارة السابعة مدينة الثورة أم درمان.
الماحي جعفر من مواليد قرية الشرفة 1938م التحق بالشرطة 26/7/1957م وبدأ العمل بالقسم الغربي الخرطوم ثم انتقل منها للقصر الجمهوري..

سألناه أول سؤال:

{ كيف يتم الاختيار لشرطي المرور؟ ـ شرطي المرور لازم يكون في مستوى علمي وثقافي جيد ولا بد أن يكون ممتازًا من حيث الشكل والمظهر والنظافة والتهذيب. لأنه بالتأكيد يمثل بلده ويمثل الشرطة. { والاختيار للقصر والتشريفات وهي المهمة التي تم اختيارك لها يا الماحي كيف تتم؟ ـ طبعاً لازم توفر تلك المواصفات وأكثر لأنه كذلك يمثل واجهة البلد والزوار والرؤساء وهنالك واجهة الإعلام. { نقلت للقصر وفي زمن وجيز تم تدريبكم على المواتر.. وتدرجت حتى أصبحت تقود ركب الرؤساء المتعاقبين على القصر عبود وأزهري والنميري والصادق.. كيف كانت تجربتك مع هذه النقلة الكبيرة؟ ـ طبعاً بعد التدريب اللازم وبفضل رؤسائنا وزملائنا تدرجت حتى وصلت لذلك المستوى وكان بالنسبة لي عملاً ممتعاً ومقنعاً. { صف لنا موكب التشريفة التي تقود عربتها أمام الرئيس أو كبار الزوار؟ ـ كانت التشريفة فيها «13» فرداً ـ يكون قائد التشريفة بموتره أمام عربة الرئيس وهو الملم بالتوجيهات وخارطة السير ثم على جانبي عربة الرئيس يمنى وشمال أربعة مواتر و2 موتر خلف العربة. { هل تذكر ماركة ونوعية المواتر يا الماحي؟ ـ المواتر في البدء كانت BC.. تغيرت بعدها إلى كاوسكا.. ثم من بعد أحضرت المواتر الإيطالية الكبيرة.. ولا أدري بعد ذلك ما حدث من بعدنا. { بعد أن وصلت لقائد التشريفة أو بالأحرى أنت القائد الذي تسير بركب الرئيس للجهة المعنية، هل تذكر طرفة حصلت لكم في الطريق أو حادثة؟ ـ أذكر مرة كنا نؤمن موكب الرئيس الأزهري في طريقنا للقصر الجمهوري.. فتعارض لنا فجأة عبد الخالق محجوب بعربته.. لكننا بسرعة تفادينا مقدمة عربته.. وأوقفناه جانباً.. ثم واصلنا السير.. ونزل عليه سكرتير الأزهري (الرفاعي) والذي كان ضمن الوفد في عربة أخرى وتحدث معه.. لكن أطلق سراحه ولم يتخذ ضده إجراءً قانونياً. { بمناسبة الرئيس الأزهري.. أرجو أن تحدثنا عن تعامل الرؤساء المتعاقبين معكم ونبدأ بالرئيس عبود؟ ـ عبود (الله يرحمه) كان رجلاً طيباً وود ناس ومولانا.. وأذكر في العصريات كان كثيراً يمشي الريف الشمالي الفكي هاشم، وكان عنده «عربتين واحدة مورس والثانية فيات» معروفات لديّ.. كان بيجيني الياور بتاعو يقول لي السيد الرئيس في العصر ماشي الريف الشمالي انتظروا جوار طلمبة عبد القادر حاج الصافي.. وفعلاً أنا بمشي بالموتر أقيف هناك حتى تأتي عربته كان يقودها بنفسه وأحياناً تكون معه أسرته.. يؤشر لي.. وأنا أسير خلفه بدون صفارة إنذار حتى لا يلفت عليه الأنظار.. بعد أن يقضي وقته هناك نعود أدراجنا. { هل تقدمت ركباً لرؤساء زاروا السودان في عهد عبود؟ ـ نعم.. سوڤيت وعرب وأفارقة. { وإسماعيل الأزهري؟ ـ في عهد الأزهري أذكر كنا نقف ومعنا العربة الروزرويس بالقرب من صينية الأزهري أمام منزله.. أزهري كان رجلاً كريماً (رحمة الله عليه) .. كان يطلب من الشرطة وسائق العربة وكل (الاصطاف) الدخول لمنزله للإفطار.. فندخل ونفطر. { الإفطار كان كيف؟ ـ كان عادي جداً.. { وبعد الإفطار؟ ـ بعد الإفطار يخرج الأزهري وننطلق به بالروزرويس وصفارة الإنذار للقصر الجمهوري. { وماذا عن النميري؟ ـ أنا عملت مع النميري كثيراً وكان معي شاب اسمه دفع الله عبد الرحيم.. كنا (موترين) واحد لفتح الشارع والآخر للمتابعة.. النميري كان مختلفاً.. كان يخرج بعربة عادية خاصة بالجيش يقودها هو.. لكن نميري كان يتعبنا جداً.. في البدء كان يحاول يصرفنا ليذهب لوحده لكننا كنا نرفض لأننا «بالتعليمات مسؤولين عنه» وكثيراً ما كان يتخطانا ويزوغ مننا لكن كنا نلحقه. { والصادق المهدي؟ ـ الصادق منذ البداية رفض المواتر والحراسة. وقال لي جزاكم الله خير أنا بمشي براي وكان يركب عربته المرسيدس (السمنية) الخاصة.
٭ وأخيراً وليس آخراً يا الماحي الونسة معاك ممتعة، كيف انتهت تلك الرحلة المشرفة؟. ـ الحقيقة إن الذي أبعدني عن التشريفات في النهاية حادث حركة في الخرطوم ونحن في طريقنا للمطار لاستقبال الرئيس عيدي أمين فصدمتني عربة معاكسة وانكسرت رجلي.. وأقعدتني من بعدها عن العمل.

هذا هو رقيب شرطة (م) الماحي جعفر الفاضل.. طبعاً هذا السجل المشرف اختصرناه لضيق ذات الصفحة.. وللذكريات شجون.. نسأل الله له الصحة والعافية.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version