أمّا الثلاثة الاولي في موضوعنا فهي: أن الماء هام حياتنا لثلاث أشياء هي: الإنسان والحيوان والزراعة. قال الله تعالي: “أَوَلَم يَرَ الذين كفروا أنّ السماوات والأرض كانَتَا رَتْقَاً فَفَتَقْنَاهُما وجَعَلنَا مِن الماءِ كلَّ شيءٍ حيٍ أَفَلا يُؤمِنُون”. صدق الله العظيم. سورة الأنبياء, الآية رقم (30). ويتكون الماء من ذرة الأكسجين السالبة ترتبط بذرتين من الهيدروجين الموجب ، علما بأن الأكسجين والهيدروجين هما العصب الأساسي الذي تقوم عليه كل الحَيَوَات في الوجود ، والدليل ما جاء في الآية أعلاه من سورة الأنبياء. ومن الاشياء المحيِّرة تلك الحيوانات والحشرات الدقيقة التي تنتشر بسرعة بعد هطول أمطار الخريف. والحكمة في أن تلك الحشرات لا توجد في فصل الصيف ولا هي بقادرة علي الطيران من مسافات بعيدة كالطيور التي تهاجر بين القارات ولا هي كالضفادع في مواسم بياتها الصيفي أو الشتوي. يا سبحان الله.
الثلاثة الثانية هي: قول أهل الحكمة ومحبّي الجمال: ثلاثة يُذهِبن الحَزَنَ الخُضرةُ والماءُ والوجهُ الحَسَن. والمعني هنا بالطبع واضح.
الثلاثة الثالثة هي: مصادر المياه لدينا تشمل المياه السطحية المتمثلة في الأنهار والمياه الجوفية التي تُستخرج عبر الآبار إلي جانب مياه الامطار. قال الشاعر العربي المفعم بحب الخير للجميع:
إنّــــي لو حُبِيــــتُ الخُلدَ فرداً *** ما أحببــتُ بالخلد انفرادا
فلا هطلت عليّ ولا بأرضي *** سحائبُ ليسَ تنتظمُ البلادا
الثلاثة الرابعة هي: حصاد المياه مشروع هام لجمع وتخزين المياه للإستفادة منها حسب الحاجة خلال فترات الصيف وغياب المطر. وهي كذلك وسيلة للغداء بالسيول قبل أن تتعشي بأهلنا في الريف تماماً كفطورنا بالطاقة الشمسية قبل تتغدّي بأهلنا الذين ليس لديهم مكيّات هواء وما أكثرهم, أو هكذا ينبغي ان يكون واقع الحال. اما وسائل حصاد او جمع المياه فتشمل الحفائر أو الأحواض الترابيّة الواسعة وجذوع الاشجار الضخمة مثل التبلدي وأسطح المنازل بالنسبة لمناطق الامطار الغزيرة نسبياً وهذه تقنيات محلية تحتاج لقليل من التجويد.
الثلاثة الخامسة هي: بعد حصاد المياه في الحفائر والاحواض الترابية الواسعة لابد من فصل مخارج الإستهلاك بين الإنسان والحيوان وذلك لضمان الأوضاع الصحية للطرفين. وكذلك لابد من غدراج مسألة تنقية مياه الشرب باستخدام محطات التنقية والفلاتر و(الكلور) وما يُعرف بالشّب وهو مادة شبيهة بالملح تُوضع في الماء فتؤدي إلي تنقيته بترسب الشوائب أو حتي عروق بعض النباتات التي يضعها بعض القرويين فتؤدي لتصفية وترويق الماء العِكِر.
الثلاثة السادسة هي: ما أجمل تلك المناظر الريفية الجميلة والحديث المباشر مع ولاة الولايات أو معتمدي المعتمديات الذي تم التواصل معهم في ذلك اليوم. أعجبتني للغاية أغنية وشاح السماحة التي تم تقديمها بواسطة مجموعة غنائية واظنها من شرق السودان في شكل أوبريت وما أذكره من كلماتها (أنزل يا مطر .. خدّر يا شجر *** يا التربالي قوم فاض ليك النهر *** الغبش ارتاحوا من حالاً فقُر *** لبسوا وشاح سماحة.. نضُر يا عين نضُر). وكذلك ذلك الشاعر الكردفاني الجميل وما أذكره من كلماته (كِن الصباح اصبح … قول للضعينة أرَح *** مُش إتّ سوداني… بنطيكَ نور عيني .. تاني ما تقول لي .. لا كاني .. لا ماني). وكذلك أعجبتني مساهمة ذلك الرجل الخمسيني الذي تغني بالقرب من شاطيء النيل الأبيض وهو يعزف علي آلة العود وقد فاتني ان احتفظ بشيء من كلماته البسيطة الجميلة المليئة بالحكمة وروعة الطبيعة البكر علي ضفاف النيل الابيض الدفّاق.
الثلاثة السابعة والأخيرة: التحيّة الخالصة موجهة لثلاث جهات هي رئاسة الجمهورية لتوجيهها بإنفاذ مشروع حصاد المياه في ولايات السودان البعيدة عن السدود التقليدية علي النيلين الابيض والازرق ونهر عطبرة ونهر النيل والتحية موجهة لوحدة السدود لخروجها عن المألوف وتنفيذ سدود وحفائر لمياه الأمطار والخيران الموسمية والتحية مجدّداً لقناة النيل الازرق المجتهدة المتجددة البهية.
أعده/ المهندس إبراهيم عيسي البيقاوي