كلمة مؤلمة أن يكتب لك الدكتور (محول إلى الخرطوم للعلاج) وأنت لا تملك شيئا

[JUSTIFY]شيء مؤلم أن تكتب هذه الكلمة في أورنيك المريض (يحول إلى الخرطوم للعلاج) متى سنمحو هذه الجملة من قاموس الطب في السودان؟، ومتى نفك هذا الإشتباك؟ وإلى متى ستظل الخرطوم هي التطلع لكل غني وفقير وعاطل ومريض؟ وإلى متى ستظل كل أمنيات الطبيب أن يسكن الخرطوم وتكون له عيادة وعمارة وعربية؟ وكأن السودان أصبح الخرطوم فقط، أسئلة حائرة لا بد من فك طلاسمها، قديما أهلنا الكبار الطيبون كانوا لا يتمنون أن يمتلكون العربات والعمارات إنما كانوا يسألون الله عقب كل صلاة العفو والعافية (أخشى أن نكون قد نسينا هذا الدعاء) المرض قاعد يتفشى في الرجال ويخلي الواحد يبيع جلابيته . شيء مؤلم أن يرى المرء شخصا يتألم من المرض راقدا في سرير مستشفى إحدى الولايات ولا يملك حق تذكرة السفر إلى الخرطوم للعلاج، وشيء مؤلم أن يكون الشخص يحمل مرضاً لا يستطيع دفعه عنه لأنه لا يمتلك الوسيلة، وشيء مؤلم حقاً أن يكون العلاج في الخرطوم بالملايين ولا يستطيع المريض في الريف حتى شراء رغيفة خبز تسد حاجته من الجوع فضلا عن شراء الدواء، المرض لا يستأذن المرء ولكن يصيبه وحقاً على الدولة أن تدفع المرض عن مواطنيها ولكن …! ولكن للأسف الشديد في بلادي الآن عندك قروش تسافر الخرطوم وتتعالج ما عندك قروش تتعذب بمرضك وتروح في ستين داهية!! وكأني بالإنسان الآن أصبحت أعضاؤه عبارة عن إسبيرات تشترى من شارع الدكاترة بالخرطوم.. أين الذين تعلموا مهنة الطب على حساب المواطن البسيط؟ وأين أبناؤنا الأطباء الذين جاءوا من الريف والذين أكلوا (الدفيق وشربوا الفجيخ والموية العكرة من الجداول)؟ أين الذين تأهلوا على حساب هؤلاء المرضى البسطاء؟ كلهم الآن في الخرطوم عربات وعمارات نحن لا نحسدهم على ذلك ولكن نقول لهم إن لأهلك عليك حقا . وعجبا لمهنة يكون الدولار هدفها وسيدها!!، لماذا لا يأتون إلى الريف ويدفعون ضريبة تعليمهم ويدفعون المرض عن الذين لا يستطيعون السفر إلى الخرطوم؟!!.
سقت كل هذا الحديث لأقف ويقف الطب والتأريخ عند دكتور ضرب المثل الأعلى في مهنة الطب وأصبح قدوة أخلص لأهله والآن جاء ومن قبل قد جاء دافعه أن يقول لأهله أنتم علمتموني وأنا أقدم لكم جزءا من حقكم عليّ، جاء وهو يحمل مشرطه المصحوب بدعوات أهله في الشمالية، جاء دون إعلام أو ضجة ودخل المستشفى العسكري بمروي ورحب به قائد الفرقة اللواء عبد اللطيف وأسرة المستشفى ووصل الإحصاء للمرضي الذين أجريت لهم عمليات خلال أربعة أيام، عمليات جلها عمليات كبرى، هذا الجراح العظيم جاء يبحث عن المرضى في أهله بدلاً عن أن يبحثوا هم عنه،
أي كلمات نختارها لنعبّر لك أخي الجراح الدكتور السر إبراهيم، تكفيك دعوات المرضى وذويهم وأهلك البسطاء وما أمر أنات المرضى، نعلم أنك حضرت في إجازتك ولم تسافر بها إلى لندن أو باريس، إنماإلى أهلك تتفقدهم ولا نملك إلا أن نقول لك وللقائد اللواء عبد اللطيف وأسرة المستشفى العسكري بمروي شكراً، وهنا يجف مداد القلم وتعجز الكلمات لأنك استطعت أن توقف كلمة «يحول إلى الخرطوم لإجراء عملية».. وقريباً سيكون التحويل من الخرطوم إلى المستشفى العسكري بمروي للعلاج . ومن مروي سلام وللمرضى عاجل الشفاء وسنواصل .

بقلم : سليمان عبد المتعال : صحيفة الوطن
+

[/JUSTIFY]
Exit mobile version