د. أمين حسن عمر : السياسة إذا تخلت عن الإصلاح ليست سياسة ولكن هناك خلطاً في هذا المفهوم (1)

[JUSTIFY]قصية الإصلاحيين بالمؤتمر الوطني من القضايا التي شغلت الساحة طوال الفترة السابقة ولا تزال لسببين، الأول: إنها قضية الحزب الحاكم الذي بيده مقاليد الدولة وشؤونها، والثاني: إن المعارضة بكل تيارتها من اليمين إلى أقصى اليسار لم يعدّ الإنشقاق فيها فعلاً مدهشاً، فقد تفرق دم الأحزاب بين القبائل وانشقّ حزب عن حزب وانشقّ عن المنشق اثنان ولذلك صوب الإعلام على بوادر خروج الإسلاميين الإصلاحيين من هذا الباب، هذه القضية وغيرها من راهن الساحة السياسية طرحناها في هذا الحوار على الدكتور أمين حسن عمر القيادي بالمؤتمر الوطني ووزير الدولة برئاسة الجمهورية والممسك بملف دارفور وعن الأخير كانت لنا وقفات أيضاً عن ما استجد وقد أجاب دكتور أمين عن تساؤلاتنا بصراحة معهودة فيه طالعوا معنا تفاصيل اللقاء:

الدكتور أسامة توفيق عضو تيار الإصلاح قال أمين حسن عمر تخلى عن الإصلاحيين لأن التشكيل الوزاري على الأبواب ما تعليقك؟
لن أعلق على مثل هذا الهتر ـ لا تعليق.

هل أنت إصلاحي؟ أيش يعني إصلاحي؟ هل هناك شخص يملك بطاقات إصلاح وآخرون ما عندهم يا أخي ده حديث مجاني كل شخص في المؤتمر الوطني لديه رغبة في الإصلاح السياسي، أصلاً السياسة هي الإصلاح، والدخول للسياسة هو الرغبة في الإصلاح، أما أن يختلف الناس في تصورات الإصلاح، وفي برامج الإصلاح هذا طبيعي، ولكن يصنفون القيادات حسب ميولهم؛ فيقولون هذا إصلاحي، وهذا غير إصلاحي، ولكن السياسة إذا تخلت عن الإصلاح فهي ليست سياسة، فالغرض الجوهري للسياسة عند الإسلاميين، وفي الفكر الإسلامي، هي درء المفاسد، وجلب المصالح، وفي الفكر الغربي هي أيضاً العدل، والقيم، والقسمة بالعدالة، والفصل بين المتنازعين على هذه القيم، وحماية الحقوق، وأصحاب الحقوق، ولا يمكن لسياسي أن يصنف نفسه بأنه غير إصلاحي، الناس يخلطون بين هذا المفهوم، ومفهوم آخر بأن هناك في كل جماعة سياسية، أو فكرية، اتجاه محافظ، واتجاه يدعو إلى المراجعة والتغيير، وهذا موجود في كل المؤسسات الفكرية، فالناس الميالون للحذر هم محافظون، والميالون للمخاطرة للاستفادة من الفرص المتاحة فهم تغييريون، أو يساريون ـ كما يقال ـ أما القول إن هذا إصلاحي وذاك غير ذلك فهذا حديث مجاني، وخالي من المضمون الفكري.

بالنسبة لتيار الإصلاح الذي يتزعمه د. غازي وآخرون؟
أنا لا أرى تيارا اسمه تيار الإصلاح ولا أظنّ أن هنالك تيارا بالمؤتمر الوطني اجتمع، واختار له زعيما، هذه يا أخي تصنيفات إعلامية، وليس لها قيمة، أنا لا أقلل من شأن دكتور غازي، فهو من المفكرين، وله سابقة، وله دور، وله أفكار كثيرة، ولكن من انتخب فلانا، أو علانا؛ ليكون زعيماً، وكأن التيارات هذه أصبحت فصولا داخل المؤتمر الوطني، ينتخب لها الأشخاص.
أنا قصدت القول إن دكتور غازي وأسامة توفيق وآخرين داخل هذا التيار المسمى إصلاحيا، يمكن تصنيفهم محافظين، من خلال التزامهم بالمنهج الحركي الإسلامي؟
لا ينطبق قول محافظ على دكتور غازي فهو ليس محافظاً، وظلّ دائماً من دعاة التغيير، وظلّ يقدم دائماً أفكاراً في هذا الإطار، قد يختلف الناس حولها، ويتفقون، ولكن المثابرة في محاولة تغيير الوقائع إلى وقائع جديدة، وتغيير السياسات القديمة بسياسات أكثر فعالية مستمرة ، لا أحد يستطيع أن يقول إن دكتور غازي محافظ، أما أسامة فأنا لا أعرفه بالقدر الكافي، أعرف أنه له سابقة في الجهاد، وشديد التحمس للأفكار التي يتحدث عنها، أما انحيازه إلى رؤية معينة، في وقت معين، فهذا لا يجعلنا قادرين على تصنيفه، إن كان مع التغيير، أو مع المحافظة، أنت تحتاج إلى عشرة طويلة مع الشخص، أو اطّلاع على منتوجه الفكري ـ إن كان له إنتاج مكتوب، حتى تستطيع أن تحكم حكماً ظنياً عليه.
البعض يقول إن المؤتمر الوطني يضيق بالرأي الآخر، ويضيق مواعين الشورى؛ ولذلك طرد الإصلاحيين؟ أولاً المؤتمر الوطني لم يطرد أحدا، وإنما حاسب بعض أعضائه، وأوصى مجلس الشورى بفصل بعضهم، وهنالك محاولة، ومساعي؛ لمعالجة هذا الأمر، حتى الآن ولم يطرد أحد، وإذا عوقب أحد، فلن يكون بسبب صدع بالرأي، بل لأنه ـ حسب لوائح الحزب ـ اتخذ مواقف، تحاسبه عليها لوائح الحزب، والتهم التي ساقتها لجنة المحاسبة تجاه هؤلاء الأخوان ليس لأنهم قالوا رأيهم داخل الحزب، بل قالت إنهم أنشأوا تنظيماً داخل التنظيم، وأنهم اتصلوا بأحزاب أخرى؛ باتجاه تبني سياسات معينة داخل التنظيم، وأن هناك إستراتيجيات بينهم وهذه الأحزاب، هذه التهم التي قيلت، وقيل أيضاً إن هذه المذكرة لم تكن مذكرة، وإنما موقف معلن ضد سياسات الحزب، في وقت شديد الحساسية، وبصرف النظر عن الخلاصات التي انتهت اليها اللجنة، لم تقل واحدة من هذه التهم أنهم تقدموا بأفكار جديدة، ومعظم هذه الأفكار وردت قبل سنتين في المؤتمر العام، وجاءت في ورقة اسمها «آفق جديد، موجهات التغيير، وسياسات الدولة».
من الذي قدّم الورقة؟ المكتب القيادي كان قد كون خمس لجان، وهذه اللجان تقدمت بمقترحات، ثم لخصت هذه المقترحات في ورقة واحدة، وقدمت إلى مجلس الشورى، وأجازها، ثم إن هؤلاء تقدموا بأفكار لا نقول إنها ليست جديدة كلها، بل فيها الجديد، وبعضها قُبل، والآخر وجد التحفظ، وهذا طبيعي، إلا إذا أخبرونا بأنهم يوحي إليهم، أما إذا كانت اجتهادات، وتقديرات بشر، فيؤخذ منها ويرد، والمؤتمر الوطني بمبادرة من الرئيس كوّن لجنة للإصلاح منذ يوليو الماضي، ونظرت في هذه الورقة، وفي أوراق كثيرة، منها ما قدمه أشخاص، وأوراق مؤسسات، حتى هؤلاء الإخوان عندما تقدموا للرئيس بوثيقة، قبل ثلاثة أسابيع من هذه الأحداث قبلها الرئيس، وردها إلى هذه اللجنة؛ للنظر فيها، ولكن ضاق صدرهم من الصبر، رغم أنهم يدركون أن تلك الأسابيع الثلاثة كانت محتشدة بالأحداث، والقرارات، وبالاستعداد لإتخاذ قرارات، نعلم أنها ستسبب الاستياء في الرأي العام الموالي قبل المناويء، ونأمل أن نصل مرحلة أن نجعل الجميع يتخلصون من حالة الاحتقان التي يعانون منها، والتقدم نحو ما يجمع لا ما يفرق.

الإصلاحيون قالوا إن الحزب تتحكم فيه مجموعة محدودة، تقرر، وتمرر عبر مؤسسات صورية، منها المكتب القيادي؟
هذا ليس صحيحا، من قال إنها صورية؟
دكتور غازي وعدد من الإصلاحيين؟
هذا رأيه، إذا استجابت هذه المؤسسات لرأيك فهي غير صورية، ولكن إذا استجابت لرأي أشخاص آخرين، للرئيس مثلاً، فهي صورية، هذا رأي فيه الكثير من التحفظ، أنا عضو في المكتب القيادي، وعضو في أكثر من مؤسسة، وأعلم أنه لا أحد يشترط علينا شروطا، لا الرئيس، ولا غيره، ونعلم أن الرئيس أحياناً يأتي بأفكار ولا تقبل، صحيح أنه من الطبيعي جداً أنه عندما يكون هناك رئيس، أو زعيم، سيكون له أثره، وثقل رأيه، في أي مؤسسة، في أي أجتماع عام يجلس فيه، سيكون ثقل هذا الرأي له تأثير أكثر من غيره، غازي نفسه مش كان رئيس الكتلة البرلمانية هل كان ثقل رأيه في الكتلة نفس ثقل أي عضو في تلك الكتلة؟ مالكم كيف تحكمون.
الإصلاحيون يقولون إن لهم رصيدا كبيرا وسط قواعد الحزب، وخروجهم وفق هذه المعطيات سيشق الحزب ويخصم منه؟ أقول لك قصة يا أخى الحركة الإسلامية عدة مرات، خرج عليها زعيمها الأول الرشيد الطاهر بكر، وخرج بثلة من الناس، وخرج الترابي لا أقول بثلة ولكن بجماعة قليلة وما ضرها ذلك، ولا أتصور أنهم سيخرجون بشيء، مع كامل تقديري لهؤلاء الإخوة، وأتمنى أن لا يخرجوا، ولكن إذا قرروا ذلك، فسيكون هذا انسلاخا وليس انشقاقا، وإذا قرر الحزب إخراجهم فسيكون أمرا مؤسفا ـ أيضاً بالنسبة لي.[/JUSTIFY]

حوار/ أشرف إبراهيم
صحيفة الوطن
ت.ت

Exit mobile version