[JUSTIFY]
تقول الطرفة التي حدثت في إحدى ولايات السودان الكبيرة إن مجموعة ضخمة من الورثاء ترك لهم جدهم الأكبر مشروعاً ربما كان يتمثل في (سينما) وبعض الأنشطة الزراعية.. ومن بعد وفاة جدهم كانت الأمور تسير على الوجه الذي يجمع ولا يفرق.. وكان الجميع يتعاملون كأولاد رجل واحد وبنات رجل واحد.. ولكن بعد مرور سنوات طويلة ظهرت المشكلات بينهم وطالب الكثيرون والكثيرات منهم بتصفية (المشروعات).. وعند ذلك اضطر زعيم الأسرة وعميدها وكبيرها أن يدعو إلى اجتماع موسع وجامع في يوم إجازة.. وحضر الورثاء والوريثات من كل فجاج الأرض وبقاعها.. وامتلأت القاعة التي خصصت لنقاش تصفية وتوزيع التركة.. ولاحظ عميد الأسرة أن هناك وجوهاً كثيرة لا يعرفها.. على الرغم من أنه يدرك بالشبه أنهم من أحفاد المرحوم بحكم أشكالهم وألوانهم.. ولكنه للمفاجأة لاحظ أن هناك (واحداً) يختلف عنهم تماماً في (كل حاجة).. وحاول أن يتفرس في وجهه وينظر ملياً في تقاطيعه لكنها كانت بعيدة عن أسرتهم.. ولاحظ كبير القوم أن ذلك (الزول) دائم الحركة كثير الكلام.. يقاطع المتحدثين ويتحدث بصوت عالٍ ويكورك و(يفنجط) ويصيح ويقول (نقطة نظام).. ويقترح ويشجب ويرفض ويندد ويهدد ويتوعد ويتهكم ويتلفظ بألفاظ غير لائقة في حق كبير القوم وفي حق (الشركاء) و(الورثاء). وعندما سأل كبير القوم عن الرجل (هل هو أحد أقرابنا؟!) قيل له أن الرجل ليس قريبهم ولكنه متزوج من إحدى البنات التي ورثت والدتها التي ورثت زوجها بعد التركة التي آلت إليه من المشروع عند وفاة زوجته الثالثة.. ومع ذلك تساءل كبير القوم عن (السبب الذي جعل الزول ده يدخل معهم الاجتماع؟). فضحك الحضور وخجلوا من الرد على كبير القوم لأن الرجل دخل معهم بسبب (المصاهرة).. وتم دق الجرس في التركة التي آل جزء كبير منها للمتصاهرين والنسايب..
وأول الأمس جاء خبر حزين في صحيفة «الصحافة» في (ثوبها الجديد الجذاب) وهي تقول أن سراي السيد عبد الرحمن المهدي يتم أو تم بيعها لمجموعة من المستثمرين بعضهم (سوادنة) ومن بينهم (أجانب) وبالطبع ليس غريباً أن يتم بيع أي عقار لأي زول، ولكن من المحزن أن يكون ذلك العقار والمبنى جزءاً من تاريخ البلاد وحركتها الوطنية.. والمحزن أكثر أن يتم تكسير المبنى الذي نشرت جريدة «الصحافة» كشفاً مطولاً عن الذين زاروه من كل بلاد العالم.. وكان من الضروري أن يتداعى (آل المهدي) كلهم وحزب الأمة معهم بأجنحته كلها.. الإصلاح والمتحدون.. والأصيل والقومي والفوق والتحت والجميع، أن يتداعوا لشراء هذا المكان لرمزيته الوطنية وتكريماً لأكبر أولاد المهدي.. ولا أشك في أن أحد أعمامنا بمنطقة الدامر لو كان حيَّاً لمات موتاً فجائياً من (الخلعة) ولحضر حاملاً معه كل ما يملك لمنع بيع هذا المكان التاريخي.. ولو قدر لعمنا أن يبعث الآن حياً لمات مرة أخرى من الفاجعة أو قتل نفسه نظراً لما نعلمه عنه من تطرف واعتقاد عميق في المهدي والمهدية.. على كل حال لا ندري ما يمكن قوله هنا لأن الأمر في النهاية لا يعدو كونه ملكية حرة.. ومجموعة ملاك رأوا أن يبيعوا دارهم.. وإذا تدخلنا ربما يقال لنا (إنتوا مالكم ومالنا شوفوا شغلكم وسيبكم من الشمشرة).
ولا نجد غير أن نكرر ما قاله ذلك المجنون (إذا تكلمنا قالوا مجانين وإذا سكتنا القضارف مطرها كتير)، ومع ذلك ننتظر الإجابة عن السؤال (الزول دَهْ دخل كيف؟!).
صحيفة الإنتباهة
ع.ش
[/JUSTIFY]