تقاعد السياسيين .. جدل الخبرة والأداء

[JUSTIFY]لم تكن المرة الأولى التي يطالب فيها أقطاب السياسة السودانية ورؤساء أكبر الأحزاب بالتنحي واعتزال العمل السياسي والتفرغ إما للفكر في حالة الترابي رئيس حزب المؤتمر الشعبي أو الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، أو الاحتفاظ بالمكانة الدينية فقط بالنسبة لزعيم الختمية مولانا محمد عثمان الميرغني، أسباب المطالبة باعتزال زعماء السياسة في السودان متباينة، فهناك من يرى أن الترابي والمهدي والميرغني قد هرموا بعد دخول حقل السبعين والثمانين!

في حديث صحفي أجراه موقع «النيلان» مع رئيس التحالف السوداني عبد العزيز خالد صرح بالقول إنه على المهدي والترابي والميرغني التقاعد للمعاش بعد أن بلغوا العقد الثامن من عمرهم وعليهم تسليم الراية للأجيال القادمة، وعبد العزيز خالد أرجع رأيه لمقدرة الشباب على قيادة البلاد لمستقبل أفضل.

وقد سبق حديث رئيس التحالف السوداني المعارض في هذا الجانب تصريحاً لصحيفة «آخر لحظة» لسيد أحمد الحسين الأمين السابق للحزب الاتحادي الديمقراطي مطالباً فيه الشيوخ الثلاثة بالجلوس على «السجاجيد» و«المصالي» بعد أن بلغوا من العمر عتياً.

ولكن هناك من يرى أن السياسي كالمطرب يمكن أن يظل موجوداً ما دام صوته قوياً لم يتأثر بأي علة «مرضية» تمنع من البقاء.

وهناك أمر آخر يجعل من بقاء الشيوخ على رأس هذه الأحزاب أمراً واقعاً وضرورياً وهو الخبرة السياسية وتاريخ العمل النضالي وهو ما أكده د. أبوبكر عبد الرازق القيادي بالمؤتمر الشعبي قائلاً إن بلوغ هذه القيادات للثمانين أدى لوجودهم في سياق العمل العام ومواعين الشورى الواسعة وأرجع عبد الرازق ذلك لاستصحاب الخبرة والتجربة والعظة وأن هذه القيادات تمثل تاريخاً طويلاً وذلك تطلب وجودهم في مراكز اتخاذ القرار، مشيراً إلى أن الدين لا يعرف الكاهن ولا المرجعية الفردية، بل يعرف مواعين الشورى التي تعبر عن تواصل الأجيال شباباًً يمثل نفس الوعي على حد قول عبد الرازق الذي يرى أنه من الضروري أيضاً تجديد الدماء وتغيير الوجود وإتاحة الفرصة لأفكار جديدة، أما مطالبته بالتفرغ للفكر للترابي والصادق المهدي يؤكد عبد الرازق أنها غير موفقة وأن العمل والعلم لا ينفصلان وأنهما يعتملان معاً في سياق الحياة العامة، بينما يشير عبدالرازق إلى أن عامل السن يمكن أن يكون مهماً لمتقلدي المواقع التنفيذية في الدولة بدءاً برئاسة الدولة التي يجب أن يتولاها من هم دون الستين عاماً بحسب عبد الرازق.

محللون سياسيون يرون أن السياسي ما دام في كامل قواه العقلية ولم يصب بمرض يؤثر على تفكيره، فإنه يمثل رصيداً جيداً لمن يمثلهم وينبغي الحرص على أخذ رأيه في كل الأمور، واستند أصحاب الاتجاه في ذلك إلى تجارب عدة أقربها تجربة محمد حسنين هيكل والذي بلغ من العمر «90» عاماً ولا زال في كامل قوته، وبريطانيا كمثال آخر فإن هناك سياسيين بلغوا المائة واستمروا يدلون بآرائهم في مختلف القضايا، أيضاً سعد زغلول الذي بدأ حياته السياسية في الثمانين واستمر رغم كبر سنه يدلي بآرائه في مختلف المواجهات المصرية مع المستعمر البريطاني وحتى الاستقلال كان في كامل قواه العقلية، وهناك رأي آخر يرى أن الشيخوخة نفسها لم تعد تحدد بسني الخمسين أو الستين، ورجل الستين اليوم شاب ولذلك فإن السن لم تعد مقياساً لقدرة الشخص.

ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن السياسي الذي تقدم في السن مرّ بتجارب طويلة وشهد عدة أحداث وتطورات للحركة السياسية وبالتالي يمكن أن يدلي برأيه في كل ما يدور حوله استناداً إلى تجربته الطويلة ودائماً فإن الرأي الذي يستفيد من التجارب الماضية يكون حكماً على الحاضر.

صحيفة آخر لحظة
فاطمة احمدون
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version