هشاشة العظام لدى الرجال.. الوقاية والعلاج

[ALIGN=JUSTIFY]يعتقد الكثير من الرجال أن هشاشة العظام مرض «من أمراض المرأة»، كذلك يخطئ أيضاً العديد من الأطباء. وفي الحقيقة فإن هشاشة العظام مرض أكثر شيوعاً بين النساء مقارنة بالرجال، وهو يصيب النساء في أعمار مبكرة. إلا أن الحقيقة أيضاً هي أن نحو مليوني رجل أميركي مصاب بهشاشة العظام، فيما يتهدد خطر الإصابة بالمرض 12 مليون رجل آخر.
عواقب المرض قد تكون وخيمة بل وحتى قاتلة، تتراوح بين تناقص طول الجسم وآلام الظهر بسبب الكسور في العمود الفقري، وبين كسر عظم الحوض الذي قد يقود إلى الوفاة. وقد حان الوقت في التفكير بالمسألة الأساسية: وهي الوقاية والعلاج.

* نمط الحياة: الوقاية والعلاج

* التمارين الرياضية والنظام الغذائي هما رفيقان مثاليان في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الصحة ودرء الإصابة بالأمراض. وما هو جيد للقلب، وللدورة الدموية، وللتمثيل الغذائي (الأيض)، والمخ، هو جيد أيضاً لعظامك. التمارين الرياضية تزيد كثافة المعادن في العظم بإبطائها لتحلل العظم وهدمه، الذي هو جزء من عملية إعادة تشكيل العظام. والنتيجة أنها تؤمن وجود كالسيوم أكثر في العظام، وزيادة متانتها.

والتمارين تكون أكثر فاعلية عندما يتم مزاولتها في مرحلة الشباب ثم خلال الحياة كلها ، إلا أن الوقت ليس متأخرا أبدا في البدء بمزاولتها. وعلى سبيل المثال، فقد وجدت دراسة على 2025 من الرجال السويديين استمرت 35 سنة، أن التمارين المتواصلة بمقدورها خفض خطر حدوث كسور في عظم الحوض بنسبة 33 في المائة، حتى لدى الرجال الذين تراوحت أعمارهم بين 60 و 82 سنة. كما أن بمقدور التمارين تعويض فقدان العظام المصاحب لنقص الوزن حتى وإن كان النقص معتدلا. ولهذا فإن كنت تريد إنقاص وزنك فعليك الحد من تناول السعرات الحرارية وإجراء التمارين الرياضية.

ومثلها مثل الكثير من أعضاء الجسم، فإن العظام تتحسن مع ازدياد استعمالها، أما في حال تعرضها للإجهاد فإنها تصبح أكثر قوة مع ازدياد الكالسيوم فيها. وهذا هو السبب في أن الأشخاص ذوي الوزن الثقيل لديهم خطر أقل للإصابة بهشاشة العظام، مقارنة بالأشخاص النحيفيين. وهذه إحدى المزايا النادرة للبدانة.

ولأن الإجهاد يؤدي إلى تقوية العظام، فإن الرياضة باستخدام الأثقال، وتمارين «المقاومة» الرياضية هما الأفضل لمكافحة هشاشة العظام. والمشي، الركض، وألعاب الجمباز أمثلة جيدة. والتدريب بالأوزان مفيد جزئيا، وعلى وجه الخصوص، للذراعين ولا على الجسم، وهي الأجزاء التي لا تتمرن كثيرا أثناء أداء الأنشطة الرياضية مثل المشي أو تسلق السلالم. ولا ينبغي عليك إجراء تمارين شديدة، بل إن التمارين المعتدلة كافية لأداء مهمتها.

وعلى العموم فإن الرجال الذين يمارسون التمارين لمدة 30 دقيقة يوميا لحماية قلوبهم، سيجنون الكثير من الفوائد لعظامهم أيضا. كما أنهم سيبنون عضلات أقوى، وهي مهمة للحفاظ على التوازن ومنع حوادث السقوط التي تقود إلى كسر العظام الهشة.

التمارين هي الأفضل لبناء العظام عندما يكون استهلاك الكالسيوم مناسبا. والكالسيوم مسألة شائكة للرجال (انظر لاحقا). ولو وضعناها الآن جانبا، فإن العوامل الغذائية الأخرى بمقدورها المساعدة في الحفاظ على قوة العظام. وتفترض الدراسات أن الرجال الذين يتناولون السمك، الفواكه، والخضروات يتمتعون بحماية ضد هشاشة العظام. وإنها لأنباء جيدة خصوصا لأن كل هذه الأغذية تحمي القلب كذلك. كما أن بمقدورك الحصول على فوائد للقلب وللهيكل العظمي عن طريق الحد من تناول البروتينات الحيوانية، خصوصا تلك التي تتجسد في شكل اللحوم الحمراء.

عادتان أخريان لهما تأثير مهم على قوة العظام: التدخين وتناول الكحول بكثرة، إذ إنهما يزيدان من خطر هشاشة العظام. التدخين يضر بالعظام مثل ضرره بأي من أعضاء الجسم: فالرجال المدخنون بكثرة يتعرضون بمقدار مرتين إلى ثلاث مرات أكثر إلى كسور العمود الفقري مقارنة بغير المدخنين. والكحول يزيد أيضا من خطر هشاشة العظام.

* الكالسيوم وفيتامين «دي»

* الكالسيوم وفيتامين «دي» هما أهم علامتين للعظام الصحية القوية. إلا أن العلم الحديث أدخلنا في حالة من اللاتعيين في مجال إدارة مرض هشاشة العظام بالوسائل الغذائية التقليدية.

وقد أجريت غالبية الأبحاث على الكالسيوم وفيتامين «دي» مثلها مثل الأبحاث على هشاشة العظام، على النساء. فعلى سبيل المثال فإن «مبادرة النساء الصحية» (WHI) The Womens Health Initiative أفادت أن المكملات اليومية بجرعة 1000 مليغرام من الكالسيوم، و400 وحدة دولية من فيتامين «دي»، لم تقدم سوى زيادة طفيفة فقط في كثافة المعادن في العظام عند عظم الحوض، من دون أن تقلل من خطر الكسر فيه، كما أن العلاج قد زاد أيضا من خطر الحصى في الكلية. وقد جوبهت نتائج دراسة WHI بالتساؤلات لأن المجموعة التي تناولت حبوبا وهمية، كان لديها استهلاك كبير من الكالسيوم (نحو 1150 ملغم يوميا)، ومن فيتامين «دي» (نحو 360 وحدة دولية يوميا)، ولأن المطاوعة الغريبة مع العلاج، ربما أدت إلى تسجيل استجابات غير حادة.

كما أن تحليلات أولية مهمة في عام 2007 لـ 29 من التجارب التي شملت 63 ألف شخص، أوصت بتناول 1200 ملغم من الكالسيوم و800 وحدة دولية من فيتامين «دي» لدرء هشاشة العظام لدى الرجال والنساء. ولم تشمل عددا من الرجال، سوى 8 دراسات من الـ29 دراسة. والرجال يواجهون احتمال أن يؤدي تناولهم الكالسيوم بكثرة إلى زيادة خطر حدوث سرطان البروستاتا الخبيث. وقد وجدت دراسة من هارفارد، أجريت على 47 ألفا و781 رجلا، أن تناول الكالسيوم بكميات كبيرة سواء عن طريق الغذاء أو المكملات، ارتبط بزيادة خطر سرطان البروستاتا المتقدم. وكان الخطر أعظم لدى الرجال الذين حصلوا على كميات كبيرة جدا من الكالسيوم تجاوزت 2000 ملغم يوميا. وأفادت دراسة منفصلة أخرى من هارفارد، أجريت على 20 ألفا و885 رجلا، أن أولئك الذين تناولوا الكالسيوم من الحليب، ازداد لديهم خطر الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 32 في المائة، وأن دهون الحليب لا تعتبر المسؤولة عن ذلك، لأن النتائج حصلت لدى تناول الحليب خالي الدسم، وبالدسم الكامل على حد سواء. وفي الدراسة هذه فإن الخطر أخذ في الازدياد مع ازدياد تناول الكالسيوم يوميا بجرعات لأكثر من 600 ملغم، وهي كمية معتدلة تماما.

المخاوف بشأن تناول كميات كبيرة من الكالسيوم لم تكن محصورة بدراسة هارفارد، إذ أفاد باحثون في مركز فريد هاتنسون لأبحاث السرطان في سياتل، بأن الرجال الذين تناولوا الكالسيوم أكثر من غيرهم كانوا معرضين بـ2.12 مرة لحدوث سرطان البروستاتا المتقدم أكثر من أولئك الذين كانوا الأقل تناولا له. وانطبق هذا الخطر المتزايد على الكالسيوم المتناول من الغذاء أو المكملات، فالرجال الأكثر خطرا تناولوا أكثر من 1163 ملغم من الكالسيوم يوميا.

وقد وجدت «دراسة درء السرطان 2 جماعة التغذية» The Cancer Prevention Study II Nutrition Cohort أن الرجال الذين تناولوا أكثر من 2000 ملغم يوميا من الكالسيوم، سواء من المكملات أو الغذاء، كانوا عرضة أكثر بنسبة 60 في المائة للإصابة بسرطان البروستاتا من أولئك الذين تناولوا في المتوسط 700 ملغم يوميا منه. أما دراسة Baltimore Longitudinal Study of Aging حول الشيخوخة، فقد أضافت آفاقا أكثر توكيدا، إذ أعادت الاعتبار للمستويات المعتدلة من كالسيوم الغذاء.

وقد افترض باحثو هارفارد الذين أبدوا مخاوفهم من الكميات الكبيرة من الكالسيوم، أن المشكلة ربما تنجم عن فقدان الشكل النشط من فيتامين «دي». وبالفعل فإن دراسة هارفارد التي استمرت 13 سنة على 2399 رجلا أفادت أن أولئك الذين كانت لديهم مستويات عالية من فيتامين «دي» ومن مؤشره الأسبق (25-hydroxyvitamin D) كانوا أقل عرضة بنسبة 45 في المائة للإصابة بسرطان البروستاتا الخبيث مقارنة بالذين كان لديهم معدلات أقل من المتوسط.

وأمام مثل هذه الفوائد والمخاطر المبهمة، ماذا يفعل الرجل مع الكالسيوم؟ والجواب أنه وحتى توافر الدلائل الجديدة فإن الإرشادات الرسمية الحالية تبدو معقولة: 1000 ملغم من الكالسيوم يوميا حتى سن 51، و 1200 ملغم يوميا بعد ذلك السن. والغذاء هو أفضل مصادر الكالسيوم (انظر الجدول) إلا أن المكملات الرخيصة لكربونات الكالسيوم وسترات الكالسيوم، متوفرة للرجال الذين لا تصلهم كمياته من الغذاء.

إلا أن كالسيوم العالم كله لن يقدم لك الفائدة إن لم تتناول ما يكفي من فيتامين «دي» الذي يعمل على امتصاصه من الأمعاء. وتشير الإرشادات الرسمية إلى تناول 200 وحدة دولية منه يوميا حتى سن 51 سنة و400 وحدة دولية بين سن 51 و 70. ثم 600 وحدة دولية بعد ذلك. ولكن وفي هذه الحالة فإن من الحكمة ربما الخروج عن نطاق هذه الإرشادات. إذ يوصي الكثير من الخبراء بتناول 800 إلى 1000 وحدة دولية يوميا للعظام القوية، وربما لتقليل خطر سرطان البروستاتا والأورام الخبيثة الأخرى، وكذلك حوادث السقوط (وهي السبب الرئيس في كسر العظام الهشة)، والأمراض الأخرى. إما مستويات فيتامين «دي» حتى 2000 وحدة دولية يوميا فتبدو آمنة. ولكن وبما أن المصدر الغذائي الوحيد لفيتامين «دي» هو الحليب المدعم به الذي يمتلك 400 وحدة دولية لكل ربع غالون، فإن غالبية الرجال سيحتاجون إلى مكملات منه للتوصل إلى تلك الأهداف.

* الأدوية

* ولعلّك بدأت تشك حقا في أن الباحثين يعتقدون أن هشاشة العظام من أمراض المرأة. وفي الحقيقة فإن غالبية الدراسات حول العلاج بالأدوية كانت تنفذ على النساء. ولكن هذا الأمر ليس مسألة انحياز نحو جنس دون آخر، بل لأن النساء أكثر عرضة لهشاشة العظام من الرجال، كما يسهل الطلب منهن للتطوع في هذه الدراسات. ولهذا فإن هناك عددا كافيا من الأسباب لتسليط الأضواء على التجارب العلاجية على النساء.

ولدى النساء والرجال على حد سواء فإن «البيسفوسفانات» bisphosphonates قد ظهرت بوصفها الأدوية الرئيسة لدرء هشاشة العظام لدى الأشخاص المعرضين لخطر المرض ولعلاج المرضى الذين أصيبوا بهشاشة العظام، والذين يكونون أكثر عرضة لحدوث كسر في العظام.

وتعمل «البيسفوسفانات« مبدئيا عن طريق إبطاء امتصاص العظام. وتقوم، وبمعاونة كل مع الكالسيوم وفيتامين «دي»، بإبطاء فقدان العظام، وبإحداث زيادة معتدلة في كثافة المعادن في العظام. وأدوية «البيسفوسفانات» التي يتم تناولها عن طريق الفم المتوفرة حاليا هي alendronate («فوسامكس» Fosamax) و risedronate («أكتونيل» Actonel) وibandronate و(«بونيفا» (Boniva. ويعتبر تخرش المرئ والمعدة أهم الأعراض الجانبية الرئيسية لها. وأن وصف الطبيب «البيسفوسفانات» لك، فيجب عليك تناولها على معدة خاوية مع قدح كامل من الماء. كما يجب عليك أن تظل منتصب القامة وألا تتناول أي طعام قبل مرور 30 دقيقة على ذلك.

«البيسفوسفانات» بمقدورها خفض حوادث كسر عظام الحوض والرسغ والعمود الفقري. ومع ذلك، فإن الدراسات تشير إلى أن هذه الأدوية تشكل خطرا خفيفا على هشاشة العظام، وهي موت أنسجة العظام في الفكين.

إن غالبية الأشخاص الذين ظهر لديهم موت أنسجة العظام osteonecrosis كانوا من المصابين بالسرطان، وتناولوا حقنا في الوريد من «البيسفوسفانات»، وظهرت لدى 60 في المائة منهم هذه المشكلة بعد خضوعهم لعمليات جراحية في الأسنان. ولكي يأمن المريض سلامته، فإن عليه ألا يتناول «البيسفوسفانات» الموصوفة له قبل إجرائه لمسح شامل لأسنانه وفمه، ومناقشة الأمور مع طبيب الأسنان وطبيبه. وهذا الأمر مهم على وجه الخصوص للرجال الذين يخضعون للعلاج لوقف إفراز الأندروجين وهو علاج لسرطان البروستاتا.

وتوجد أنواع أخرى من الأدوية لعلاج هشاشة العظام، بالرغم من أن عددا أقل من الرجال سوف يحتاجونها. وهي تضم teriparatide («هرمون جوار الدرقية» (parathyroid hormone الذي لا يؤدي مهمته بشكل جيد مع «البيسفوسفانات»، الكالسيتونين calcitonin، والسترونتيوم strontium . كما أن هناك خيارا آخر وهو «التيستوستيرون».

* علاجات رجولية

* الأستروجين كان يوما ما الدواء الذي تختاره النساء المصابات بهشاشة العظام بعد سن اليأس من المحيض. إلا أن استخدامه قد تناقص بحدة بسبب الأعراض الجانبية التي شملت الإصابة بسرطان الثدي، النوبة القلبية، والسكتة الدماغية. ومع ذلك فإن «رالوكسيفين« raloxifene الذي يعمل على الاستروجين يظل آمنا وفعالا للنساء بعد سن اليأس. إلا أن كلا الدواءين المذكورين آنفا ليسا مفيدا للرجال. ولكن ماذا عن هرمون الذكورة- التيستوستيرون؟

بعض الرجال المصابين بهشاشة العظام يستفيدون من التيستوستيرون. إذ أن التيستوستيرون بمقدوره قلب حالة مرض هشاشة العظام الناجمة عن تناول الأدوية الأسترودية القشرية مثل دواء prednisone أو دواء cortisone. ومع ذلك فإن المرض يمكن تقليله بتقليل تناول الأدوية الأسترويدية القشرية وبزيادة تناول الكالسيوم وفيتامين «دي»، وإجراء التمارين الرياضية، و «البيسفوسفانات».

والأمر الأكثر أهمية هو أن واحدا من كل ستة رجال مصابين بهشاشة العظام الشديدة، لديهم «ضعف المناسل الوظيفي» hypogonadism أي حالة الإنتاج غير الكافي من التيستوستيرون من الخصيتين. وهؤلاء الرجال سيستفيدون على الأغلب من العلاج الهرموني التعويضي. ولهذا فإنه من الأفضل أن يتم قياس مستويات التستوستيرون في الدم لدى كل الرجال المصابين بهشاشة العظام.

وغالبية الرجال الأكبر سنا لديهم كميات عادية من التيستوستيرون. وبعضهم قد ينجذبون إلى فكرة تناوله، ويرغب بعض الأطباء أيضا في وصف دهونات (جل) التستوستيرون، أو لصقاته أو حقنه. ولدى موازنة الأمور فإنها لا تبدو فكرة جيدة، لأن الفوائد المجنية غير مؤكدة وضارة، خصوصا أن الضرر يمكن أن يظهر على شكل مرض البروستاتا. ولهذا، وفي الوقت الحالي، فإن الأمر الرجولي الذي ينبغي عمله، هو تناول الطعام الجيد، وإجراء التمارين الرياضية المناسبة، وعمل أشعة DXA لتصوير كثافة المعادن في العظام، إن كنت بحاجة إليها والتعاون مع طبيبك للعثور على أفضل الأدوية الآمنة لعلاج هشاشة العظام.

المصدر :الشرق الاوسط [/ALIGN]

Exit mobile version