حلت بواشنطون :(العدل والمساواة).. والهجرة غرباً

[ALIGN=JUSTIFY]مشهد ثانٍ من تواصل التنظيمات والتيارات السياسية السودانية مع الإدارة الأمريكية يتكرر خلال أسبوع، حل وفد حركة العدل والمساواة بالولايات المتحده الأمريكية للقاء الإدارة الامريكية، بعد أيام قلائل من إنهاء النائب الاول لرئيس الجمهورية ورئيس الحركة الشعبية رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت، زيارة لأمريكا استمرت خمسة ايام إلتقى خلالها الرئيس الأمريكي ووزيرة الخارجية ووزير الدفاع والأمين العام للأمم المتحده بان كى مون.
وبعيد هبوط طائرة سلفاكير أدراجها بجوبا يوم الخميس الماضي، فإذا بطائرة وفد حركة العدل والمساواة تهبط بمطار واشنطون لإجراء لقاءات مماثله مع الإدارة الأمريكيه، وقد نقلت صحف أمس نباء إجتماع وفد حركة العدل والمساواة بالمسئولين الأمريكيين في حوار مباشر بين الإدارة الأمريكية وحركة العدل والمساواة، التى كانت تصنفها الإدارة الامريكية ضمن الحركات الإسلامية التى ترتقي ممارستها لمستوى العمل الإرهابي.
ويذهب متابعون لمسيرة حركة العدل والمساواة الى أن زيارة وفدها للولايات المتحده الأمريكية يعد إنقلاباً في العلاقة بين الطرفين أملته ضرورات موضوعية حتمتها تطورات الأحداث السياسية الداخلية، فمجريات الصراع الدارفورى وتداعياته قادت الى ميلاد المبادرة العربية التى تتبنى تنفيذها الدوحة، وهى مبادرة ليست بعيدة عن السياسة الأمريكية ودعمها، وقد رحبت بها حركة العدل والمساواة وأعلنت مشاركتها فيها، وهو موقف بحسب مراقبين قاد لترتيب هذه الزيارة لإحداث مزيد من التفاهمات بين الطرفين حول صفقة السلام القادم لدارفور عبر المبادرة القطرية، وهو ما يعكسه لقاء الوفد مع جينداي فرايزر مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية، التى دعت في لقاءها بوفد حركة العدل والمساواة، الى القبول بالتفاوض عبر المبادرة القطرية التى تستضيفها الدوحة، وهى المبادرة التى تجد التأييد من حركة العدل والمساواة التى كانت قد ارسلت وفداً رفيعاً الى الدوحة، تفاوض مع القيادة القطرية الممسكة بملف تسوية الأزمة في دارفور. وقال احمد حسين الناطق بإسم العدل والمساواة لـ»الصحافه» إن الإجتماع ناقش الوضع في السودان وضرورة حل ازمة دارفور عبر المبادرة القطرية والإنتخابات، ودعم الولايات المتحدة للمبادرة القطرية وحسها للحكومة بإبداء حسن النية وإرسال اشارات ايجابية للعملية السلمية، وطالبت جنيداي فرايزر حركة العدل والمساواة بضرورة إحلال السلام في دارفور عبر المبادرة القطرية لأنهاء أزمة الإقليم والمساهمة في السلام الشامل.
فيما يصف البعض الزيارة التى تعد الأولى لوفد من حركة العدل والمساواة الى امريكا بدعوة رسمية من الإدارة الأمريكية، بأنها محاولة لترتيب علاقة جديدة بين الحركة والإدارة الامريكية على ضوء التطورات التى تشهدها الساحة السياسية، ولكن بروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية قال لـ»الصحافة»، «إن تغيير السياسة هو من القواعد الأساسية في أسلوب الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها الخارجية، والتى أعلنت انه ليس لديها صديق دائم وعدو دائم، وإنما مصالح ثابتة هي التى تحرك سياستها الخارجية، وقال إن الولايات المتحدة ربما تأكدت أن لا صلة لدكتور خليل ابراهيم وحركته بالنظام الذي يسمى إسلامياً، أو يكون هذا النظام بدأ يتحور ويتماشى مع المصلحة الامريكية وتسعى واشنطون لتطويع خصومه لإيجاد تفاهمات مع الحكومة، أو تكون الإدارة الامريكية رأت أن هذه الحركة ربما تحقق لها شيئاً من أهدافها بعد غزوها أم درمان وتمددها عسكرياً وسياسياً، واضاف الدومة وربما الضغوط التى مارستها الولايات المتحدة وغيرها على حركة العدل والمساواة بدأت تثمر لذا تحسنت العلاقة بينها وأمريكا، وبالتالي لا نستبعد أى شىء، وأشار كذلك الى أن هذه الايام أيضاً تعد موسم العلاقات الخارجية في الإدارة الأمريكية.
وإن كانت مفاوضات الدوحة وإحلال السلام في دارفور قد طغت حتى الآن على مباحثات وفد العدل والمساواة مع المسئولين الأمريكيين، فإن حركة العدل والمساواة تبدو مستعدة لذلك التفاوض ولكنها تشترط دخوله لوحدها، فيما يصف آخرون منبر الدوحة بأنه تفاوض بين الحركات الإسلامية وليس معنياً بكل ما يجري في دارفور، ويرجع مراقبون إصرار العدل والمساواة على التفاوض مع الحكومة لوحدها الى أنها تعتقد أن المفاوضات منذ بداياتها في أبوجا كانت بين حركتى تحرير السودان والعدل والمساواة والحكومة، وترى أن حركة تحرير السودان وقعت بقيادة منى في أبوجا، وهي الآن لها وجودها في الميدان وثقلها السياسي، وتعتبر نفسها بعد غزوها أم درمان انها أثبتت وجوداً قوياً في الميدان وكذلك مركزها السياسي، لذا يجب أن تكافأ من خصوم النظام، لأنها قدمت دليلاً قوياً على ضعف النظام وبالتالي يجب أن تكافأ لا أن تعاقب، وقد عزز من موقف حركة العدل والمساواة سياسياً في هذا الإتجاه إعتكاف كبير مساعدى الرئيس رئيس حركة تحرير السودان منى اركو مناوى بدارفور مع قواته في يونيو الماضي، وإتصالاته التى أجراها مع د.خليل ابراهيم التى صبت في صالح العدل والمساواة سياسياً وعززت من رؤيتها لقضية دارفور.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت عقوبات على قيادات في حركة العدل والمساواة والحكومة شملت الدكتور خليل إبراهيم رئيس الحركة وكانت العقوبات تشمل تجميد الارصدة وتقييد تحركاتهم في بعض الدول، كما كانت حركة العدل والمساواة تواجه بإتهامات من تقارير منظمات تشير الى إنتهاكات تقوم بها في تجنيد الأطفال وكذلك عمليات التجنيد القسري للنازحين بتشاد وهو ما تنفيه الحركة مراراً، قبل أن يتضح بعد الهجوم الذي شنته في مايو الماضي على أم درمان وبصفوفها عدد كبير من الأطفال، وهى قضايا يرى البعض أن الزيارة الى أمريكا تسعى من خلالها الحركة الى تغيير تلك الصورة التى رسمتها تقارير المنظمات عنها، وكذلك مساومة الإدارة الأمريكية على أهدافها ومشروعها في المنطقة. وكانت الإدارة الأمريكية الى وقت قريب لاترغب في التعاون مع حركة العدل والمساواة بإعتبارها حركة ذات منطلقات إسلامية إستناداً الى خلفية قادتها المنحدرين من الحركة الإسلامية التى إستولت على السلطة في الثلاثين من يوليو 1989م. ولكن الدكتور محمد الأمين العباس عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الازهري قال لـ»الصحافة» إن زيارة العدل والمساواة لأمريكا تأتى في إطار إعادة ترتيب أوضاعها وعرض قضيتها على الإدارة الأمريكية لإقناع الحكومة السودانية بها، لأن مثل هذه القضايا تخضع لدراسات عميقه في الإدارة الامريكية، لأن أى جماعة مسلحة لو أسقطت نظاماً غير مرغوب فيه هذا قد يؤدي الى أن تتنافى مصالح هذه الجماعة المسلحة مع الأهداف الأمريكية، وقال إن الإدارة الأمريكية تدرك ان العدل والمساواة لديها إرتباط بالمؤتمر الشعبي وتصنفها الى حد ما حركة إرهابية لذلك تسعى لدراستها بتعمق أكبر، مشيراً الى أن حركة العدل والمساواة نجحت في الهجوم على أم درمان لكنها لم تستغله سياسياً، لأن العمل العسكري مرتبط بتحقيق أهداف سياسية فهى لم تتقدم خطوة بعد غزوة أم درمان بحسب العباس، الذي قال «إن زيارة وفدى الحركة الشعبية والعدل والمساواة لأمريكا مختلفة النتائج والأهداف، لأن في الجنوب هناك إمكانية لقيام دولة يمكن أن تخدم المصالح الأمريكية رغم حرص أمريكا على الوحدة، لكن في دارفور ليس هناك مبرر لقيام دولة اسلامية يمكن أن تغير التوازنات الموجوده في غرب أفريقيا» وحول دعم الزيارة لجهود المبادرة القطرية قال العباس «إن الدول الغربية تحتاج لقطر في هذه المنطقة لإدارة الأزمة لأن قضية دارفور لو ثبتت في مكانها سيتم تناسيها من المجتمع الدولى، مشيراً الى أن المبادرة القطرية تمثل مرحلة علاقات عامة، لأن الدول الكبرى لا تعطى إنجاز سلام كهذا لدولة صغرى».
فيما يربط البعض بين زيارة وفدى العدل والمساواة والحركة الشعبية برئاسة سلفاكير لأمريكا، بترتيبات تعدها الإدارة الامريكية الجديده للتعامل مع النظام في الخرطوم بالسعي لتفكيكه من الداخل بإحداث تحالفات بين حركات الهامش وتنسيق مواقفها وعملها المشترك، وكانت صحيفة الواشنطن بوست كتبت عن توقعاتها للعلاقة بين إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما والسودان، وأوردت أن إدارة أوباما يتوقع لها أن تعمد إلى سياسة العصا في التعامل مع الحكومة السودانية خلافاً لإدارة بوش التي قالت الصحيفة إنها ظلت تستخدم سياسة العصا والجزرة أو الترهيب والترغيب.
خالد البلوله إزيرق :الصحافة [/ALIGN]
Exit mobile version