ثم قررنا استخدام الباص السياحي الذي ينقل السواح إلى مختلف أرجاء المدينة البديعة نظير ١٨ يورو، وكان الدليل السياحي يعطي وصفا للأماكن التي نمر بها: شوخشاختن باختن نشترابشترا بوخن توخن بوف توف.. أو كلام من هذا القبيل، ورجحت أنه يشتمني وزوجتي لأننا كنا الوحيدين من ذوي البشرة الداكنة في الحافلة، وفي محطة للسكك الحديدية نزلنا من الباص لتناول بعض الطعام وجاء باص تابع لنفس الشركة وركبنا فيه لاستكمال الجولة، فسألني الدليل السياحي عما إذا كنا نفهم الألمانية فأجبنا بالنفي فقرر أن يقدم لنا صورة صوتية للأماكن التي نمر بها بالإنجليزية، فقلت له: شكر الله سعيك، وبعدها بقليل صحت فيه: الله يخرب بيتك.. فبعد برطمة بالألمانية سمعته يقول بالإنجليزية إننا داخلون للـ«ريد لايت ديستريكت».. وإذا كنت لا تعرف الإنجليزية فاحفظ الكلمتين التاليتين جيدا: ريد لايت thgil der فإذا قال لك شخص هيا بنا إلى منطقة او غرفة ريد لايت فاصفعه برجلك على خده (ما لم تكن أنت من زبائن مناطق الريد لايت).. صحت بسرعة في أم الجعافر: تنقبي يا أمة الله وأوع ويا ويلك لو حاولت تبصبصي حتى من تحت النقاب.. حاولت ان تتساءل: مالك؟ في شنو؟ صرخت: هس ولا كلمة.. وطي رأسك حتى تسمعي مني صفارة الأمان.. عن اليمين وعن اليسار كانت مشاهد ما هو معروض في واجهات متاجر تلك المنطقة الـ«ريد» أي الحمراء، من الصنف الذي يجعل ليدي غاغا تبدو بدوية أفغانية.. ويبدو أن الدليل السياحي كان يتقاضى عمولة للترويج لتلك المنطقة لأنه طفق يتكلم عما فيها بلغة شاعرية ويقترح أفضل الأوقات لزيارتها، و… بالقرب من كنيسة أمامها تمثال مارتن لوثر الذي قاد الانشقاق عن الكنيسة الكاثوليكية البابوية توقفت الحافلة كي يلتقط السواح صورا تذكارية فسحبت أمّ المعارك وقلت لها: ما بدهاش.. نركب تاكسي ونرجع الفندق، ورغم النقاب فقد تسربت الكلمات التي كان الدليل يتفوه بها إلى أذنها بحكم أنها تعرف الإنجليزية، وبالتالي رحبت بمغادرة الحافلة وكأن لسان حالها يقول: نودي وشنا وين لو شافنا شخص ونحن في هذا الباص؟ المهم اعتبرنا الباصات السياحية ملوثة، وقررنا ان نمارس الصياعة فقط في دائرة قطرها كيلومتران ومركزها الفندق، وهكذا لعبنا على المضمون والشرف «المصون».
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]