عبد الرحمن الأمين : السلام .. قضية مركزية

[JUSTIFY]لعل قضية السلام تظل القضية المحورية والرئيسة، ذلك أن السلام مثلما قال الرئيس البشير في خطابه أمام الدورة الثامنة للمجلس الوطني يظل متاحاً للنماء وللاستقرار ولنشدان التقدم الحضاري والإنساني.

ونقول هنا إن السلام ينبغي أن يكون قضية مركزية وأن تتوفر عليه مراكز البحث الإستراتيجية، وان يتسع أفقه لتكون الرؤية قومية.
إن إنشاء مجلس قومي للسلام يمثل فرصة تاريخية لطي كل القضايا المزمنة والتوافق على حل قومي يمثل مخرجاً لأهل السودان أجمعين.

ذلك أن القضايا التي ترفع تمثل قضايا مشابهة في مشاربها ومتساوية في تطلعاتها، وأن الحلول الجزئية لا توفر حلولاً متوازنة، وربما أخلت بالموازنة الاجتماعية وحتى الاقتصادية، من هنا فإن دعوتنا أن ينظر الناس في موارد السودان الكلية، وأن يتوفر الحل المتوازن لكل القضايا التنموية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

إنه ليس عدلاً أن يصوب النظر لمن حملوا السلاح، وأن تهمل قضايا ومجتمعات ارتضت إدارة حوار سلمي للنظر في مطالبها والاستجابة لطموحاتها.

لعل الناظر اليوم للاتفاقيات التي تم مهرها والحركات التي استجيب لمطالبها، أن ذلك مثل عبئاً ثقيلاً على الدولة ودولابها، وقاد إلى تضخم الأجهزة السياسية والي تمدد المناصب الدستورية، والي ترهل أجهزة الحكم الفيدرالية والحلية، وهذا ما لا يحتمله اقتصادنا ولا تتحمله ظروف عسرنا، ولا تطيقه إمكانيات شعبنا.

ولعل المراجعة باتت مطلوبة وضرورية، ليس عيباً أن نراجع سياساتنا، وليس ملامة أن ننظر في تجربتنا، وأن نتدارس قصورنا وإخفاقاتنا، وأن ننظر في مردود مؤسساتنا، وأن نخاطب القضايا ونعمل على تلبيثها، لا النظر في تطلعات الأفراد وترضيتها.

قضية دارفور التي أرقتنا والتي جبنا العواصم الإقليمية الأفريقية والعربية لأجل إيجاد حل لها، وانتهينا فيها إلى وثيقة الدوحة التي أجمع العالم على سدادها ورشدها وإجابتها على القضايا التاريخية، بعض العالق منها يحتاج إلى تدابير سياسي، على أن الأهم من ذلك كله التوافق والتواثق على ميثاق اجتماعي وسياسي، يجنب دارفور الصراعات والاحترابات القبلية، ويحقن دم أبنائها، ويمكن لتنمية تحقق إشاعة الموارد فيها.

علينا أن نفكر جدياً في أن نشطب أسلوب الديات وأن نخرج على نظام الأجاويد، وأن نطبق منهج الدولة الحديثة، وأن نفرض هيبة القانون، وقبل ذلك أن نبسط سلطان الدولة، حتى لا تتكرر حوادث الانفلات القبلي والاحتراب الأهلي، وأن نستل أسباب كل ذلك، التي ربما عزاها البعض لضعف الموارد وشحها وتداعي الجميع على قصعتها.

لعل أكبر عائق في الفترة الماضية أمام تطوير علاقتنا مع دولة الجنوب هو وجود الفرقتين التاسعة والعاشرة بالنيل الأزرق وجنوب كردفان، وظللنا نشكو في كل مرة من اعتداءات متكررة على أراض داخل حدودنا، صحيح أن المناخ الآن بات مواتياً لإعمار العلاقات وتطويرها، لكن الوصول لسلام مع أبناء المنطقتين، يجفف أسباب توتر العلاقات ويزيح عقبة ظلت كؤوداً أمام دفع المصالح الاقتصادية والتجارية.

حديث الرئيس البشير وتعهده بإكمال المفاوضات مع حاملي السلاح يوافي وقته، ويمهد الطريق لسلام كامل يظلل سماء ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، ويهيئ لفرص أفضل للتنمية واندياحها، ويوفر موارد كبيرة يمكن لها أن توظف لتعويض ما فاتها من حظ في التنمية، ويعمر العلاقات الحدودية ويوفر مناخاً آمناً للتجارة والزراعة والرعي، ولعل استقرار الجوار الحدودي تستبان أهميته، إذا علمنا أن ثلث السكان يعيشون على الحدود، ومصلحتهم في استقرارها، وفي اندفاع العلاقات وفي انسياب المؤن وفي انطلاقة المصالح الاقتصادية والاجتماعية والتجارية.

صحيفة الخرطوم

[/JUSTIFY]
Exit mobile version