– أنت اسأل وأنا سأرى.
* هل أنت مع هؤلاء الإصلاحيّين؟
– أنا لست عضواً عاملاً ولا فاعلاً في المؤتمر الوطني، ومنذ أن قام هذا الانقلاب أنا لم اتسنّم أيّ منصب.
* لماذا؟– هذا كان أمرا مقصوداً على أيّام الترابي، بأن لا يوظّف الأشخاص الذين لديهم استقلاليّة في الرأي في المواقع.. ولا حتّى في البرلمان السجمان، عندما كان يعيّن الناس تعييناً في البرلمان، نحن لم يكن لنا صوت.. كان صوتنا الوحيد عبر الصحف والإعلام والتواصل الشخصي، لذلك أنا أرى أنّني مراقب فقط وغير مسموح لي بالتواصل من خلال المؤسسات.
* هل هذا خيارك أم خيارهم؟– خيارهم وخياري في وقت واحد؛ اكتشفوا أنّني لا أصلح لهم، وأنا عرفت أنّهم لا يصلحون لي.. لأنّهم يخافون وجهة نظري ونقدي، فمن المستحيل مثلاً إذا كنت تبع مؤسساتهم أن أسمح بنقل الولاة. كنت سأقول للرئيس أنت منتخب وهذا الوالي أيضاً منتخب في الرقعة الجغرافية المحدّدة، وإنّ هذا الدستور الذي يوضح ذلك يعتبر عقدا بينك وبين الشعب، وأنت أقسمت أن تحميه.
* هل يمكن أن نسمع خبراً يعلن انضمام بروفيسور حسن مكي إلى أيّ من الأحزاب؟
– طبعا أنا لا أنضمّ، لكن الناس لا يتركونك، وأنا بشخصي مجامل، ومفتاح شخصيّتي المجاملة، ولذلك لا أرفض لمن يريد أن يضع اسمي مع أيّ مجموعة يعتقد أنّه مفيد لخطّ البلاد الإصلاحي. لكن أنا نفسي لا أريد أن أحمل أثقالاً وبضاعة لم أشترِها، فأنا لست جزءاً من المؤتمر الوطني، ولا من الحركة الإسلاميّة في تجليّاتها الأخيرة، ولم أكن جزءاً من أيّ قرار سياسي في العشرين سنة الأخيرة.. صحيح أنّني أفهم تفاعلات الخفايا والصراعات، لكن يجب ألا أحمل أوزارها.
* إذا عرض عليك الانخراط في الحزب الجديد الذي شرعت مجموعة غازي في تكوينه؟– أنا لا أستبق الأحداث، وأنا شخصياً مشكلتي في الوقت الراهن ليست في الانضمام إلى هذا الحزب أو ذاك، ولكن كيف أخرج برؤى وأفكار تنظر إلى كيف نخرج من المأزق السياسي؟ وهذه أشياء تتم بنقد ذاتي ومراجعات وثورات.. يمكنني أن أكون شريكاً، لكن أكون تابعاً بعد الستين؟ هذه صعبة..!
* أين يجد البروفيسور حسن مكي نفسه في إطار تيارات الإسلاميين ومدارسهم المختلفة؟– أنا أشعر أنّني أعيش في حالة سيولة؛ فمثلاً أرى في الترابي بعض الأشياء والتصريحات الإيجابيّة والصحيحة، كما أرى أن بعض كلام البشير جيّد، وذات الأمر يتّصل بالإصلاحيين، فأنا لست جامداً أو مبوتقاً على حالة.
* إذن أنت تشجّع اللعبة الحلوة؟– مثل الكرة إذا فشلت في ممارسة الكرة فلابد أن تشجّعها.
* في ظل الصراع والعجين، كما قلت، كيف ترى مستقبل الحركة الإسلاميّة السودانيّة؟– أعتقد أنّ هناك مجموعات كبيرة من الشباب ظهرت مصداقاً لمعنى الآية (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).. والنخبة السياسيّة لا يشترط فيها الكثرة، فهي نفس النخبة الرياضيّة؛ يلعب القليلون والجماهير تتفرج وتتفاعل.
* إذا سئلت عن الجرديّة وملخص تجربة الإنقاذ في الحكم؟– أنا أعتقد أنّ هناك عجزاً ظاهراً وواضحاً، فعندما يتحدّث الناس عن خلافة الرئيس يقولون لا توجد كوادر سياسيّة، فإذا لم تنشئ تنشئة سياسيّة، ولم تخرّج كوادر طوال أربع وعشرين سنة فمتى تخرجها؟ (ضاحكاً).. ما أراه الآن ليس حزباً سياسياً فهو أشبه بالخدمة المدنيّة؛ يحاول شراء الصحف، ويقوم إلى الحشود وبذل الوعود.
* كيف ترى المستقبل؟– واعداً نتيجة للتفاعلات السياسيّة والتشكّل العقلي، والشباب صنعوا منابر وأدوات خاصة؛ مثل (السائحون)، وبروز تيارات الإصلاحيين داخل الحزب هذه كلها إشارات توضح أن المسألة ليست طاعة عمياء، فهناك مراجعات ونقد وتقويم ذاتي.
* الحركة السياسية السودانية من أقصى اليسار إلى اليمين المتشدد إذا حدث تحول وتغيير أودى بتجربة الحكم الإنقاذي الماثلة الآن كيف يكون مستقبل الإسلاميين في السودان هل سيجدون القبول؟
– هذه مشكلة رافعي الشعارات، هذا البلد ظل مسلما حتى أيام الاستعمار وهذا لا يعني لولا الترابي أو صادق عبد الماجد لن يكون السودان مسلما يمكن أن الإسلاميين بمزايداتهم وظفوا واستفادوا من الشعارت أكثر من تقديمهم لخدمات للناس.. الآن هذه البلد أكبر تجمعات فيه ليست في الأندية لكن في المساجد فالخرطوم وحدها بها أكثر من ثلاثة آلاف مسجد فالشعب مسلم بطبعه برغم أن الإسلام السياسي عقّد التوجه الإسلامي.. لابد من الإشارة إلى أن الحركة الإسلامية في الجامعات ساهمت كثيرا في وقف المد اليساري.
* هل عجزت الحركة الإسلامية بشكلها الحالي عن استيعاب وإقناع المسلمين السودانيين؟– الحركة الإسلامية لها تأثير في البلد وفي خارج البلد لكن لكل أجل كتاب ولكل أمة أجل.
* وظلت قوى المسلمين العاديين تناصبها العداء؟– أي حركة إصلاحية إذا لم تجد مقاومة ومواجهة لا تكون إصلاحية.
* لكن الحركة الإسلامية ارتكبت أخطاء؟– نعم ارتكبت العديد من الأخطاء وهي خارج وداخل الحكم فمحاولة انقلابها كانت خطأ ومحاولة اغتيال مبارك وما يحدث الآن من كبت للحريات والحجر على الآراء كل هذه أخطاء وإذا كان الشعب غائبا عن المراقبة وعن المعمعة فهذا يعني تفويضا مطلقا وخطأ كبيرا فينبغي أن تعي الحركة الإسلامية أنها ليست من جنس الملائكة فهي بشياطينها والمجتع لديه ملائكته.
* هل ستظل الحركة الإسلامية موجودة في المستقبل؟ وهل ستجد القبول؟– المجموعات الشبابية من الإسلاميين ستحفظ وجودها وقبول الناس لها في المستقبل يعتمد على قدرة هؤلاء الشباب العقلية والنفسية ومدى استطاعتهم مخاطبة المستقبل. أما إذا حاولوا استنساخ الماضي فسيفشلون.
*طيِّب.. القوى السودانية تعيش على مرارات ماضي وتجربة الإنقاذ في الحكم؟
– صحيح.. أنت يمكن أن تمسح الماضي على الإطلاق لكن لا تستطيع أن تستنسخه
صحيفة اليوم التالي
[/JUSTIFY]