قوى المعارضة وغريزة الاستنصار بالخارج !

[JUSTIFY]مع أن موقف قوى المعارضة السودانية الداعي لتدخل الامم المتحدة وللتحقيق فى الأحداث التى جرت فى الخرطوم فى سبتمبر الماضي إثر قرارات الإصلاح الاقتصادي التى أصدرتها الحكومة السودانية يتسق تماماً مع مواقفها السابقة باعتبارها قوى معارضة تستورد كل احتياجاتها السياسية من الخارج وتتداول العملة السياسية الأجنبية؛ إلا أن الأمر يسترعي الانتباه و يستدعي التمعن.

فمن جهة أولى فإن قوى المعارضة لم تكن هي المحرك للاحتجاجات التى جرت، وتقاصرت قامتها- باعترافها وبواقع الحقائق على الأرض- عن أن تكون وراء هذه الاحتجاجات نظراً لضعفها المعروف ومن ثم فإن من الصعب أن تكون مدركة لأبعاد الأحداث التى جرت وما إذا كانت هذه الأحداث محض احتجاجات شعبية بريئة وسلمية، أم أنها أعمال تخريبية مقصودة ومن جهات معينة معادية للسودان كله وليس فقط للسلطة القائمة.

ومع أن من الغريب أن تكون قوى المعارضة رغم وجودها فى البلاد غير مدركة وغائبة عن (الوعي) لطبيعة مجريات الأمور إلا أن هذا هو الواقع المؤسف والمحزن، فهي حين طلبت تحقيقاً من الامم المتحدة نسيت أن هناك أبعاد أخرى للأحداث من الضروري -سياسياً وسيادياً- أن تسبر السلطات السودانية غورها بنفسها.

من جهة ثانية فإن من الغريب أن تطالب قوى المعارضة -جهة خارجة- بالتحقيق فى أحداث طالت تخريباً لممتلكات عامة وخاصة حيث احترقت حوالي 38 محطة وقود ومحطتي كهرباء وعشرات البقالات والمتاجر وعدد مماثل من السيارات الخاصة والعامة.
كيف لدولة تحترم نفسها تطالها أعمال تخريب كهذه وترضى بأن تقوم جهة دولية لا تعرف عن الأوضاع فى السودان شيئاً بالتحقيق فيها؟

ومن جهة ثالثة فإن قوى المعارضة تنسى فى غمرة صراعها البائس واليائس مع الحكومة السودانية أنها بهذا المسلك تعمل على ترسيخ مبدأ التدخل الدولي فى كافة شئون السودان؛ وأيما جهة سياسية لا تكترث تماماً للسيادة الوطنية لبلادها فهي قوى غير جديرة مطلقاً بأن تنال شرف الانتماء الوطني لهذا البلد، ففي النهاية تنقضي الخصومة السياسية ويبقى الوطن.

ومن جهة رابعة فإن الطلب في حد ذاته يكشف عن ضعف كامن وكامل فى بنية المعارضة فهي لا تستطيع مع كونها موجودة فى الساحة أن تراقب عن كثب التحقيقات الجارية بشأن الأحداث، هي فقط تثق فى (جهة دولية) لا أحد يثق فيها خلاف قوى المعارضة، فالأمم المتحدة فى عالم اليوم ما عادت هي الجهة الموثوق منها، هي فى الواقع مجموعة أجندات وأوراق ضغط ومصالح خاصة، ولا نعتقد أن قوى المعارضة تجهل هذه الحقيقة البديهية.

سودان سفاري

[/JUSTIFY]
Exit mobile version