وما شجعني على الاستغناء تماما عن الشامبو بكل أنواعه منذ سنوات عديدة، أن الله حباني بشعر وجوده وعدمه سيان في نظري، بمعنى أنني لم أكن أخشى على نفسي من الصلع، ولما شاب رأسي لم تفرق المسألة معي، وقبلها لم اكن استخدم الا شامبو الأطفال وصابون الأطفال وكريمات الأطفال، ظنا مني ان الخواجات لا يتلاعبون بأرواح الأطفال، ولكنني فوجئت -مؤخرا- بأن معظم شامبوات الاطفال تحوي تلك المادة الضارة بالجلد، وهكذا ازددت سوء ظن بالمخترعات الحديثة وقررت العودة إلى صابون (حبوبة فاطمة)، وهو نوع من الصابون تنتجه السجون السودانية وكانت وزارة التربية تقدمه فيما مضى مجانا إلى تلاميذ المدارس لما له من خواص فعالة في قتل القملة الخبيثة، وإذابة الدهون والشحوم التي في الملابس، وكان الأرستقراطيون منا يستخدمون صابون (الفنيك carbolic soap) وكانوا يمشون في الأرض مرحا بينما تفوح منهم رائحة الديتول، فالفنيك أساسا مادة طبية مطهرة شديدة النفاذ إلى الأنف والأذن والحنجرة، وكان هناك نوع من معجون الأسنان سوداني الصنع اسمه سوبر كريستال يستخدمه البعض كفاتح للشهية، لانه كان يحوي كمية كبيرة من الشطة، فتجد شخصا يدخل بعضا من ذلك المعجون في فمه ثم يبدأ بالصراخ إلى ان يغسل فمه سبع مرات إحداهن بالتراب، ولكن ما لم نكن نعرفه وقتها هو ان ذلك المعجون الذي كنا نتهكم على من يستخدمونه كان ذا مواصفات طبية وعلمية عالية، وكان خاليا من المواد الإضافية التي تجعل معجون الاسنان حلو المذاق، فكان فاتكا بالفم، وبالطبع انتصرت المعجونات المستوردة بكل عيوبها على ذلك المعجون الوطني النظيف.. وبعد صابون حبوبة فاطمة انتجت المصانع السودانية انواعا من الصابون كانت تصلح للأكل من فرط حلاوة رائحتها وجمال شكلها ولكنها ايضا انهزمت امام المستورد.. وشيئا فشيئا لحق السودان بركب العرب فبات يستورد كل شيء ما عدا الأوكسجين!!
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]