البشير يعلن: تأسيس مجلس قومي للسلام وقيام الانتخابات في (2015)

[JUSTIFY]البرلمان: محمد إبراهيم الحاج

ساعة واحدة تنقص ولا تزيد كانت كافية للهيئة التشريعية القومية أن تقدم كل برامجها الافتتاحية لعامها الأخير، الذي شهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية ربما لم تشهده دورات سابقة، وسط حضور دستوري وإعلامي ودبلوماسي لافت تقدمهم رئيس الجمهورية ووزراء مجلس الوزراء، الدفاع، الخارجية، الداخلية، المالية، الزراعة، النفط والاستثمار.
خطاب رئيس الجمهورية “عمر حسن أحمد البشير” وما حواه من ولوج إلى عصب القضايا المصيرية الكبرى التي تمر بها البلاد، كان هو المحور المهم، وربما يكون الموضوع الأكثر تطرقاً وتحليلاً خلال جلسات المجلس الوطني القادم، مثلما كان الحدث الأبرز في فاتحة أعمال المجلس.

هموم السلام الدائم..
لعقود طوال ظل الهم الأول للحكومات المتعاقبة هو كيفية الوصول إلى سلام مستدام، وربما أن أهمية الملف هو ما دفعت رئيس الجمهورية إلى بدء خطابه بالكشف عن المحور الأهم والأكثر إلحاحاً قائلاً: (تظل قناعتنا راسخة بأن السلام أصل الاستقرار، ومفتاح البناء والتنمية، في ظله تزدهر القيم، ويسعد الإنسان، وتتقدم الدول، وتُبنى الحضارات. ومن أجل أن يعم السلام السودان، وتتوقف الحروب التي فُرضت عليه، استنزافاً لموارده، وتمزيقاً لوحدته، بذلنا جهوداً مضنية، وقدمنا تضحيات جمة، أثمرت نتائج طيبة نسعى لاستكمالها، وخير شاهد على ذلك اتفاقية سلام شرق السودان التي رسخت الأمن والاستقرار في الشرق، وفتحت الطريق لتنفيذ مشروعات الخدمات والتنمية التي أنتجها مؤتمر المانحين بالكويت، وشرع في تنفيذ معظمها، ووقعت عقود المتبقي منها. التحية مستحقة لشركائنا من جبهة الشرق، وللجارة إرتريا، ولدولة الكويت الشقيقة. وفي دارفور تتسارع خطوات تطبيق اتفاقية سلام الدوحة، حيث بدأ تنفيذ مصفوفة إستراتيجية تنمية دارفور، وتقود السلطة الإقليمية جهوداً مكثفة لعقد مؤتمرات السلم الاجتماعي، مما يهيئ المناخ الملائم لتعزيز السلام والاستقرار) .
وجدد “البشير” دعوته إلى حاملي السلاح للانضمام إلى مسيرة السلام، وخاطب حاملي السلاح بقوله: (نجدد الدعوة للحركات التي تحمل السلاح للانضمام لمسيرة السلام وفق وثيقة سلام الدوحة، ونعلن ترحيبنا ببيان مجلس السلم والأمن الأفريقي الداعي لذلك، ونؤكد استعداد الحكومة للعفو عن حاملي السلاح والتشاور معهم حول ترتيبات انضمامهم للسلام، وفي هذا السياق أحيي شركاء السلام من الحركات التي وقعت اتفاقية الدوحة، ونجدد الشكر والتقدير لدولة قطر أميراً وحكومةً وشعباً، ولكل شركاء السلام والتنمية).
المناطق الثلاث
ولا يمكن استكمال حلقات السلام دون الطرق على قضايا المناطق الثلاث جنوب كردفان، النيل الأزرق و”أبيي” التي ظلت كعقبة كؤود منذ توقيع اتفاقية السلام الشاملة، ولهذا فإن الرئيس أوضح بقوله: (إنَّ منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وبرغم الاستقرار الواسع الذي تشهده الولايتان، وما يجري تنفيذه من مشروعات خدمية وتنموية كبرى، إلا أن حرصنا على السلام الشامل يدفعنا لتجديد الدعوة لاستئناف الحوار مع من يحملون السلاح لاستكمال مطلوبات البروتوكولات الخاصة بالمنطقتين؛ مما يسهم في إفساح الفرصة لهم للمساهمة في الحوار الوطني الجامع حول البناء الدستوري للبلاد. إن استدامة السلام تتطلب إرادة سياسية نافذة تحرسه، وقوة أمنية رادعة تحميه، مما يستوجب الحرص واليقظة والإعداد الجيد للقوات المسلحة وقوات الشرطة والأمن، ويوجب علينا حسن الاستجابة لمتطلبات هذه القوات، بما يرفع من كفاءتها، وقدرة منسوبيها المادية والمعنوية، للقيام بواجبها في حماية الوطن، والذود عن حرمة أراضيه، وسلامة مواطنيه في أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم. لما كان السلام شأناً يهم السودانيين جميعاً).
مجلس سلام بمقترح “المهدي”
وحديث “البشير” عن السلام وما يتطلبه من استحقاقات قادمة، كان ربما سانحة مواتية ليعلن أمس عزمهم على (تأسيس مجلس قومي للسلام يقوم على ابتدار سياسات ذات طابع قومي إزاء التحرك نحو السلام، ومتابعة خطوات استكماله وتنفيذ التزاماته، وسنجري مشاورات سياسية واسعة في هذا الخصوص). وحين التقت (المجهر) وزير الاستثمار الدكتور “مصطفى عثمان إسماعيل” وسألته عن المجلس المقترح، كشف أن المجلس القومي للسلام كان عبارة عن مقترح تقدم به زعيم حزب الأمة المعارض الإمام “الصادق المهدي”.
دستور ووثيقة..
من أكثر القضايا الملحة والكبرى التي ظلت طوال العهود السابقة مكاناً للشد والجذب والنقاشات المستفيضة، كانت قضية الدستور؛ ولهذا فإن الرئيس أمس أسهب كثيراً في هذا الموضوع، وأعلن عن إطلاق مبادرة وطنية لما سمَّاه (وثيقة الدستور)…وثيقة قال إنها موجهة لجميع الأحزاب السياسية المتبوعة بحوار، أكد أن نتائجه جاءت إيجابية تشجع في المضي قدماً لاستكماله عبر منبر قومي يحدد موضوعات وآليات اعتمادها انتهاء باستفتاء شعبي جامع، مشيراً إلى أن ذلك المنبر سيوفر مجالاً واسعاً للآراء والمساهمات الفكرية للجميع بما فيهم من يحملون السلاح متى استجابوا لنداء السلام والحوار بديلاً للقتل والدمار؛ والغاية من ذلك كله التوافق على ميثاق اجتماعي سياسي جامع يعزز الاستقرار والسلام وتنتقل به البلاد إلى آفاق جديدة من النهضة والتقدم.
وأعلن الرئيس “البشير” عن قيام الانتخابات القادمة في مطلع 2015، داعياً في الوقت ذاته كل القوى السياسية للإعداد الجيد والمبكر لتلك الانتخابات التي أكد أنهم سيعملون على أن تجري بالنزاهة والشفافية المطلوبة، وتوفير الأجواء المواتية لطرح الأفكار. وأضاف: (لاشكَّ عندي أن كل تقدم يُحرز في قضايا السلام، والدستور سيكون له الأثر البالغ على المناخ الذي ستجري فيه الانتخابات، خاصة من حيث التوافق على نظمها ولوائحها، وكيفية إدارتها. وستشهد الأيام القادمة بداية الحوار حول التعديلات التي اقترحتها المفوضية القومية للانتخابات تجويداً للتجربة وتطويراً لها. كما أدعو بصفة خاصة مراكز الدراسات السياسية، والمهتمين لأنْ يسهموا بآرائهم ومقترحاتهم في هذا الشأن الوطني).
تغييرات مفصلية ومهمة
حزمة تغييرات طالت جسد المشهد السوداني بتفصيلاته كافة خلال السنوات القليلة الماضية، وفرضت نفسها بقوة، وربما يُعتقد أن حديث الرئيس التالي قصد منه مواكبة تلك التغييرات بما يتسق مع تلك التبدلات الملحة والعاجلة، وأوضح مخاطباً المجلس بقوله: (أدعو إلى مراجعة شاملة لمؤسساتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية والاقتصادية العامة والخاصة لننظر فيما تحتاجه من تطوير وتحديث يجعلها قادرة على تنظيم طاقات أفراد المجتمع، وتوسيع مشاركتها بما يحقق الإنجاز الجماعي والرضا الفردي، من حيث القدرة على الإبداع والعطاء. فالقاسم المشترك هو أن هذه المؤسسات على وجه العموم، تقصر عن تحقيق المراد من حيث المؤسسية والممارسة الديمقراطية والشورية، وتخلو إلا قليلاً من وجود لوائح ونظم فاعلة تفصل الحقوق والواجبات، وتحفز على المبادرة والإبداع، وتحاسب على التقصير والتجاوز. مما يترتب عليه أننا ننجح بصفة عامة في مجال التخطيط والتنظير وابتدار الأفكار – وبذلك عُرف السودانيون عبر تاريخهم المعاصر ـ بينما يكون نصيبهم قدراً ليس قليلاً من القصور والإخفاق في ميدان الواقع والفعل. ولعل هذا من بين أسباب أخرى ما جعل حركة مجتمعنا العفوية والتلقائية تتقدم على إيقاع مؤسساته وتنظيماته وروابطه وهيئاته الشعبية والرسمية، وتلك ميزة تحسب له في مجال المبادرة وسرعة الاستجابة، من غير أن تقلل من تحدي إنضاج مؤسساتنا على نهج مؤسسي فاعل. أما فيما يتعلق بالأشخاص والقيادات وهو وحده ما يتبادر إلى ذهن البعض عند الحديث عن الإصلاح والتغيير، فإن ذلك مما تتباين فيه الموازين، وتختلف فيه الأحكام حول تقويم الأداء والكفاءة).
أحداث التغييرات الاقتصادية
لم يتجاوز الخطاب الأحداث التي صاحبت الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، وما تبعها من استقطاب سياسي حاد، ولعل في خطاب الرئيس إشارات واضحة قصد بها الأجهزة الإعلامية صراحة، منبهاً إلى دورها المحوري، وقال: (لقد عايشتم الأحداث المؤسفة التي وقعت في سبتمبر الماضي عقب إعلان القرارات الاقتصادية، التي ظنها البعض من المتربصين فرصة مواتية لإسقاط النظام، فسعوا لتحريض المواطنين للتظاهر والعصيان، وأطلقوا مجموعات إجرامية خربت ودمرت ونهبت وقتلت، ولكن الشعب بوعيه المتقدم أفشل مخططهم الإجرامي فخاب مسعاهم. ولقد نجمت عن تلك الأحداث آثار مُرة شملت خسائر في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، ونحن إذ نترحم على من ذهبوا ضحية تلك الأحداث المحزنة، نؤكد أن القانون سيطبق بحزم وقوة على كل من سعى ويسعى لزعزعة أمن المواطنين واستقرارهم، فهذه مسئولية الدولة أولاً وأخيراً، وقد أجريت التحريات الجنائية التي أسفرت عن بيِّنات ضد (58) من المتهمين سيجري تقديمهم للمحاكمة لينالوا جزاءهم وفقاً لمنطوق القانون وإجراءات قضائنا العادل، وستتواصل التحريات لتقصي الحقائق حول مقتل من راحوا ضحية الأحداث وتحديد مسئولية مرتكبيها، كما تتواصل أعمال اللجان التي كُوِّنت لحصر الخسائر المادية والبشرية التي تلتزم الدولة بالتعويض عنها حسبما تنتهي إليه الإجراءات القانونية. لقد كشفت تداعيات تلك الأحداث حجم المكر والتربص الجائر على بلادنا، ولكن الله الغالب على أمره أبطل ذلك المكر، كما شكلت وقائع الأحداث وتطوراتها اختباراً لوسائل الإعلام، مكَّن الرأي العام من المقارنة، وإصدار حكمه بين من نجحوا في التزام المهنية، والصدق والموضوعية، وبين أولئك الذين أعماهم الغرض، وأغراهم الهوى، فخسروا احترامه وثقته فيهم، الآن وقد انجلت تلك المحنة وعادت الأمور ـ بحمد الله ـ إلى طبيعتها كأقوى ما يكون، ينفسح المجال لإعادة النظر في الإجراءات الاستثنائية التي اُتخذت إبان الأحداث ضد بعض الأشخاص والمؤسسات الصحفية والإعلامية التي تجاوزت قواعد المهنية والموضوعية)
محور الأزمات
المحور الاقتصادي الذي تتشكل علي ضوئه التحالفات، وتُبنى على تقاطعاته كثير من السياسات المهمة، أفسح له “البشير” مساحة واسعة ليضع أمام الهيئة التشريعية ما يؤرق بال الاقتصاد السوداني، وأوضح: (أبرز مشكلات الاقتصاد السوداني راجعة إلى آثار الأزمة الاقتصادية العالمية والحصار الاقتصادي الذي امتد لعقود على بلادنا، ثم فقدان إيرادات النفط بسبب انفصال الجنوب، التي كانت تمثل نصف ميزانية الدولة وتسعين في المائة من موارد النقد الأجنبي، مع عجز الميزان التجاري الناجم عن زيادة الواردات وقلة الصادرات، وضعف الإنتاج والإنتاجية). مذكراً الحضور بما حدث في بدايات الإنقاذ وتابع: (وقتها ورثنا اقتصاداً جامداً متناقص الموارد، وتضخماً جامحاً وصل آنذاك سبعين في المائة، وشُحاً بل انعداماً كاملاً في الموارد الداخلية والنقد الأجنبي، ودعماً خارجياً لمرتبات العاملين من تلقاء العون السلعي وصل إلى خمسين في المائة من الميزانية آنذاك، وانقطاعاً كاملاً من المعونات الخارجية منذ بدء الحصار الاقتصادي على السودان في العام 1984 قبل الإنقاذ بإعلانه دولة غير مستحقة لموارد الصناديق الدولية، وقد عالجنا ذلك التحدي بقرارات مصيرية كبيرة كان أولها وأهمها إعادة توجيه الاقتصاد من اقتصاد تحكمي إلى اقتصاد حر يديره كل الناس وليس الدولة، فكان التحرير الاقتصادي ثم أعلنا الاعتماد على الذات نهجاً للإنتاج واجتذاب الموارد، واعتمدنا الزراعة قاطرة للاستثمار، واتخذنا منهج دعم ورعاية الشرائح الضعيفة التي تتأثر بتلك السياسات والقرارات. وقد أدى نجاح تلك السياسات والقرارات الكبيرة إلى استقرار وازدهار اقتصادي شهد به حتى الخصوم؛ مما شجع دولاً وجهات عديدة للدخول معنا في استثمارات ومشاريع متنوعة قفزت بالبلاد قفزات مقدرة ومشهودة في مجالات البنى التحتية من كهرباء وطرق وجسور واتصالات وصناعات كالنفط والسكر والأسمنت وغيرها. وفي العام 2011، جددنا اعتماد ذات المنهج لمواجهة تلك التحديات المتجددة، فكان البرنامج الثلاثي للإصلاح الاقتصادي الذي اعتمد سياسة إحلال الواردات وتنويع الصادرات وزيادة الإنتاج كماً، وتحسين الإنتاجية نوعاً، واستقطاب التمويل الذاتي للأفراد والمجموعات، وأفرد البرنامج عناية خاصة للشرائح الفقيرة باعتماد آليات التمويل الصغير والأصغر، وإعادة دعم توزيع السلع الأساسية للشرائح الضعيفة واعتماد الدعم الاجتماعي المباشر للطلاب والأسر الفقيرة)، وأردف: (إن عوامل نجاح التجربة السابقة تتوافر الآن وبقوة أكبر لتكرار النجاح رغم ازدياد معدلات الاستهلاك، وارتفاع سقف تطلعات المواطنين متى ما أحسنا إدارة الموارد وترتيب الاولويات. إن حزمة الإجراءات التي صدرت في سبتمبر الماضي بموجب البرنامج الثلاثي، ستوفر موارد تضيف إلى قدرة الدولة على إنفاذ الإصلاح الاقتصادي وبوجه خاص زيادة الإنتاج وتحسين الإنتاجية وزيادة رواتب محدودي الدخل، وتوفير سقوفات أعلى للتمويل الصغير والأصغر لصغار المنتجين، وتهيئة الفرص للكسب الحلال للخريجين وقطاعات الشباب. وحتى يتأتى لهذا البرنامج تحقيق نجاحات أكبر، فإننا نعلن اتخاذ عدد من المعالجات، منها تشجيع قيام مجموعات زراعية صناعية لتسمين الماشية وذبحها وتصدير لحومها للبلدان المجاورة والأسواق العالمية. ومنها أيضا القفز بمعدلات استخراج الثروة الجديدة في مجال التعدين، حيث تتوفر أنواع كثيرة من المعادن الثمينة والأساسية في جميع ربوع البلاد، ورغم تدفق الاستثمار الأجنبي لهذا القطاع، إلا أننا نريد للاستثمار الوطني أن يأخذ حظاً كبيراً، وهنا نوجه القطاع المصرفي المركزي والتجاري ليتولى بجرأة تمويل هذا القطاع الحيوي الواعد في كل مراحله وبالذات مرحلة الاستكشاف ذات المخاطر العالية.
العلاقة مع الجنوب.. تقدم لافت
ومنذ انفصال الجنوب ظلت علاقته تتأرجح ما بين التلاقي والتباعد، ورغم المصالح المتعددة المشتركة بين البلدين، إلا أن قضايا مثل دعم الحركات المسلحة و”أبيي” ظلت (تطعن) في خاصرة هذا التلاقي، إلا أن اللقاءات المكوكية والزيارات المتبادلة بين رئيسي الدولتين أزالت كثيراً من هذا الاحتقان، وربما ذاك ما تُوج بقول الرئيس أمس: (إنَّ التحديات التي واجهتنا في مسيرة المفاوضات والعلاقات مع دولة جنوب السودان قد زالت بفعل الحوار والتواصل بين قيادة البلدين، وإننا الآن منطلقون لتطبيق اتفاقيات التعاون كافة بصفة مشتركة ومنسقة وبروح بناءة ، وكان آخر المساعي زيارتنا الناجحة لجوبا قبل أيام قلائل، التي أكدت أهمية تفعيل جميع الآليات واللجان المشتركة، في الوقت الذي يسعى فيه البلدان بإرادة سياسية صادقة لحل المسائل التي لا تزال عالقة، وسأواصل مع أخي رئيس جمهورية جنوب السودان بذل الجهد للتوصل إلى حل نهائي ومرضٍ لكل الأطراف لمسألة “أبيي” بخاصة المجتمعات المحلية بالمنطقة، ومما سيعين البلدين على ذلك أننا اتفقنا أن يتم تشكيل الشرطة والمؤسسات المدنية الانتقالية المشتركة لكي تتمكن المجتمعات المحلية من العودة إلى حياة طبيعية تزيل الضغائن والمرارات، وتمهد لمستقبل تسوده الطمأنينة وروح التعايش السلمي المفضي إلى الاستقرار والسلام المستدام بالمنطقة. واتفقنا ـ أيها الإخوة والأخوات ـ كذلك على المزيد من بناء الثقة وتوفير المناخ الصالح لانطلاق علاقات التعاون الحدودية على تحديد خط الصفر للخارطة الأمنية المؤقتة بين البلدين لإقامة المنطقة الأمنية منزوعة السلاح للتعجيل بفتح المعابر وتسهيل حركة المواطنين التلقائية لصالح الشعب في البلدين). كما أعلن الرئيس مساندته للقضية الفلسطينية، مؤكداً حدوث اختراق إيجابي في علاقات البلاد مع عدد من الدول الأوروبية.
وزير الاستثمار: خطاب الرئيس إستراتيجي
في تعليقه على خطاب “البشير” وصف وزير الاستثمار “مصطفى عثمان إسماعيل” الخطاب بأنه أخذ منحى إستراتيجياً بالنظر إلى القضايا الرئيسية، وعلى رأسها قضية السلام، مشيراً إلى أنه أخذ من الأطروحات التي قدمت من قبل المعارضة، وأعرب “إسماعيل” عن أمله في أن يجد هذا الخطاب وما ورد فيه سبيله إلى التنفيذ من قبل الأجهزة التنفيذية والتشريعية، ويجد التجاوب المطلوب من القوى السياسية. وكشف مصطفى لـ(المجهر) أن المجلس القومي للسلام كان عبارة عن مقترح قدمه زعيم حزب الأمة القومي السيد “الصادق المهدي” في لقائه الأخير مع السيد رئيس الجمهورية، وقال: (أعتقد أن طرحه من هذا المنبر يؤكد تجاوب السيد رئيس الجمهورية معه والهيئة التشريعية، وأتمنى من القوى السياسية أن تقدم مقترحات متكاملة حتى ترى النور) .
وأضاف “إسماعيل”: (أيضاً موضوع السلام كان من المقترحات التي طرحتها القوى السياسية والمعارضة، ورأت أنه موضوع مهم جداً ويجب أن تتكاتف وتتكامل الجهود لإحلال السلام في جميع السودان، وأعتقد أن الخطاب أعطى السلام الأولوية المطلوبة، وكذلك نظر الخطاب إلى عوامل الاستقرار في السودان، ومن بينها الدستور الدائم، ونادى القوى السياسية لتكثيف الجهود لإنجاز الدستور الدائم وكذلك أعلن قيام الانتخابات في مطلع 2015، ودعا القوى السياسية لكى تهيء نفسها، وبالتأكيد سنجري انتخابات شفافة قائمة على التوافق ومراجعة القوانين حتى تلبي قيام انتخابات حرة ونزيهة، وأعتقد أن الخطاب لبى متطلبات المرحلة، والمطلوب الآن من الهيئة التشريعية أن تعكف عليه تشريحاً وتحليلاً. إنَّ ما جاء من خطاب الرئيس عبارة عن ملخص لتقرير كبير سيوزع للهيئة التشريعية، والجزء الأساسي أنه أجمل الخطاب، ومعه منظومة متكاملة لكل محور).
وأضاف وزير الاستثمار أن (الخطاب وجه لكل السودان ولمعالجة قضايا السودان والمؤتمر الوطني الإصلاح فيه مستمر، والتغيير فيه مستمر، وأمامنا فترة عام واحد فقط لقيام المؤتمر العام للمؤتمر الوطني، الذي سوف يشهد تغيير لأجهزة المؤتمر الوطني كافة، وطبعاً أيضاً مطروح تغيير حكومي، وهو أيضاً وارد لضخ دماء جديدة تقود المرحلة القادمة، وفي إطار المؤتمر الوطني هناك لجنة مشكلة الآن تتولى عملية الإصلاح، وهذه الإصلاحات تأخذ خطط إصلاح البرامج والهياكل والمناهج، بالإضافة إلى تغيير الوجوه وإدخال أسماء جديدة في المؤتمر الوطني).
“الفاضل حاج سليمان”: خطاب له ما بعده
من جهته قال “الفاضل حاج سليمان” رئيس لجنة التشريع والعدل بالمجلس الوطني لـ(المجهر): (نحن في العادة ندير الحوار في المحور السيادي والاقتصادي والخدمات، وموضوعات معاش المواطن، والقضايا المتعلقة بإدارة الدولة والهيكلة وإعادة التشكيل، التداول حول الخطاب ليس قاصراً على الجهاز التشريعي، ولكنه قابل للمشاركة من الجهاز التنفيذي وأي قوى ترى الهيئة التشريعية الاستعانة بها لمناقشة الخطاب، ثم تكون محصلة هذا التداول هو تقرير عام وكامل حوله يُعرض على الهيئة، وتتم إجازة التقرير ويصبح خطاب الرئيس وتقرير المجلس حوله هو المسار والموجه لحركة الدولة في مرحلتها القادمة.
المعارضة تنتقد الخطاب
إلا أن “إسماعيل حسين” رئيس كتلة المؤتمر الشعبي بالبرلمان كان له رأي مخالف، وقال: (كان هناك من قبل مجلس أعلى للسلام وتم حله، ولست أدري ما الذي سوف يحققه هذا المجلس المزمع إنشاؤه)، ودعا الحركات المسلحة للانضمام إلى وثيقة الدوحة للسلام وقال: (قبل أن ينضم هؤلاء دعونا نسأل ماذا حقق الذين وقعوا من قبل..؟)، وأردف (حتى الآن لا زالوا في ذات المربع والسبب الرئيسي هو عدم التزام الحكومة بالتزاماتها تجاههم، وهذه هو منهجها، وبالتالي فإنهم لن يأخذوا الأمر مأخذ الجد)، وتابع: (ثم تحدث عن الدستور وقبل أن نتحدث عن دستور دائم دعونا نسأل ماذا فعل النظام بالدستور الذي خطه بيديه الذي فعل به الأفاعيل، وفيما يتعلق بالانتخابات نسأل من الذي يجري هذه الانتخابات، ولا أعتقد أن أي حزب يحترم نفسه سوف يشارك في هذه الانتخابات والمسألة ليست في القوانين، ولكن المشكلة في الالتزام بها، وأي انتخابات ما لم تكن بها حكومة قومية انتقالية محايدة، فالقائمون على أمرها لا مطمع لهم، فيما عدا ذلك فإن الأمر مضيعة للوقت).
مشاهدات
حضور “قوش” وغياب “غازي” ود.”فضل الله”
شهدت جلسة البرلمان أمس غياباً متوقعاً لقائد الإصلاحيين الدكتور “غازي صلاح الدين” ود.”فضل الله أحمد عبد الله”، فيما حرص “صلاح عبد الله قوش” على الحضور الباكر للمجلس، وتبادل الأحاديث الجانبية مع الفريق “مهدي بابو نمر” و”محمد الحسن الأمين” رئيس لجنة الأمن والدفاع.

حديث هامس بين “المتعافي” و”مصطفى”
قبيل بداية الجلسة بنحو نصف ساعة، انخرط وزير الاستثمار “مصطفى عثمان إسماعيل” ووزير الزراعة “إسماعيل المتعافي” في حوار طويل داخل قبة البرلمان، ولم يقطع حديثهم الهامس سوى صوت حاجب المجلس مؤذناً بوصول رئيس الجمهورية إلى البرلمان.

صحيفة المجهر السياسي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version