شقيش .. قول ليّ مروّح ؟ خلطة كرم الله الحصريّة .. انضباط تنظيمي وميول إصلاحيّة

[JUSTIFY]أين يقف الآن كرم الله عباس الشيخ؛ القيادي بحزب المؤتمر الوطني، ووالي القضارف السابق، ورئيس مجلسها التشريعي السابق؟ هل هو موقّع على مذكرة الإصلاحيين؟ أم أنّ الحديث عن الإصلاح أصبح من سمت الرجل وطباعه السياسيّة، فما عاد يؤثّر على مواقفه بحيث يُحاسب ويُعاقب عليها مثله والآخرون؟ فتجاوزته قرارات لجنة المحاسبة بحزب المؤتمر الوطني، وتغاضت عن ذكره، وهو الذي عرف بمرافعاته القويّة من أجل عمليّة الإصلاح، خاصة بعد خروجه عن الصمت منذ تقديم استقالته من منصبه واليا منتخبا للقضارف؟.

الأسئلة المشروعة تبحث عن إجابات لا يُمكن إغفالها في الوقت الراهن، خاصة وأنّ مستجدات كبيرة طرأت على واقع الوطني التنظيمي، بعد أن حزم عدد من قياداته حقائبهم وتأهبّوا لمغادرة أسواره مجبرين، إثر قرارات لجنة الطاهر، المتكئة على تأييد مؤسسات الحزب.

الجليّ والبيّن من أمر كرم الله أنّه مؤيّد للحراك، وفي حديث له على الصحف أكّد تأييده لمذكرة الإصلاحيين، وقال إنّه أوّل من ابتدر القضيّة والمسألة داخل حزبه، ورفع لها شعاراً وبرنامجاً انتخابياً مختلفاً عن برنامج حزبه، وسمه بـ(التغيير)، وكان حديث المجالس في ذلك الوقت، فضلاً عن تبنّيه مبدئياً لقضية الإصلاحيين، عندما قال: “أنا شيخ الإصلاحيين”، و”سأوقّع على أيّ مذكّرة إصلاحيّة، ولو بلغت خمسين مذكرة”!

لكن مع ذلك فإن لجنة المحاسبة لم تشر له من بعيد أو قريب، ولم تُدل برأيها حول موقف كرم الله الشيخ، بل وتجاوزت الأمر نهائياً، وغضّت الطرف عنه.

ثمّة من يرى أنّ كرم الله عباس رغم إقالته من منصبه الرفيع جداً، وهو الوالي المنتخب يومها، إلا أنّه ظل ملتزماً بقرار حزبه الذي أشار إلى أنّ استقالته هي أمر تنظيمي، قبله بصدر رحب، وهو ما يمكن أن يحسب لصالحه، خاصّة وأنّ كرم الله عباس يعدّ من القياديين ذوي الطراز الفريد، ولا يمكن أن يفرّط حزبه فيه، مهما قال أو صرّح في الصحف بحديث لا يقبله الحزب ولا قياداته.

بخلاف الانضباط التنظيمي العالي للرجل فإنّ الشعبية الوافرة التي يحظى بها كرم الله، يعدّها البعض بمثابة حصانة يضع لها الحزب ألف حساب، خاصة وأنّه كان قد لوّح بالترشّح مستقلاً للمنصب، حال لم يتم اختياره مرشحاً لحزبه في الولاية، وهو ما كان سيفعله الرجل، الذي يملك بجانب جماهيريّته الكبيرة، الأموال التي بإمكانها أن تعينه ليقف في وجه أيّ منافس في الانتخابات عبر التمويل السخي.

بالنسبة لكثير من المراقبين فإنّ لجنة المحاسبة قد غضت الطرف عن موقف كرم الله المحسوب على المجموعة، لما تراه في الرجل من قبول يمكن أن يشكّل إحدى أدوات المجموعة القويّة وأذرعها في الولايات، وواحداً من الداعمين الرئيسيين لخطّها حال مضت في عزمها بإقامة تنظيم وحزب جديد، كما أن الوالي السابق يلم بالكثير من تفاصيل العملية السياسية بحكم المناصب التي تقلّدها في السابق؛ رئيساً لاتحاد عام مزارعي السودان لعدة دورات، بقاعدته العريضة التي من شأنها أن تدفع به للأمام حال لمست في خطّه ما يعبر عن مصالحها وقناعاتها، وهو صاحب تجربة بحيث استطاع اقتحام منصب رئيس اتحاد المزارعين وانتزاعه عنوة وباقتدار.

موقف كرم الله عباس الشيخ الآن يفسر في خانة أنّ الحزب الذي ينتمي له لازال يأمل في مواصلته مشوار العمل السياسي داخل تنظيم تلقّى منه ضربات موجعة، إلا أنّه ظلّ صامداً فيه، ولم يتحرّك قيد أنملة منه، وهو ما ظلّ ينادي به دائماً بأنّ الحزب ليس ملكاً لأحد حتّى يغادره للآخرين، فهل يعود كرم الله -كما يفعل دائماً- من منصّات حزبه بعد تجربته السابقة عندما تمت إقالته من منصبه رئيسا للمجلس التشريعي لولاية القضارف، ومن بعدها قاد خطّه الإصلاحي ليفوز بمنصب والي القضارف؟ أم أن الحزب سيكون له رأي آخر؟..

صوب أيّ وجهة ستبحر مراكب كرم الله ؟

صحيفة اليوم التالي
حسن محمد علي
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version