الانتخابات القادمة … جدلية القانون والدستور

[JUSTIFY]للسودان تجربة انتخابية ثره كما يصفها المحللون السياسيون ونحن نستشرف الانتخابات القادمة التي من المتوقع إجراؤها في ظرف دقيق يمر به تاريخنا السياسي ، فقد تبقى قرابة العام لإجراء الانتخابات التي من المقرر إجراؤها في العام 2015م ، في هذه الأثناء صدرت تصريحات من بعض القيادات بالمجلس الوطني ألمحت إلى أن قانون الانتخابات ربما يسبق صدور دستور السودان الدائم الذي تواثقت كل القوى السياسية والحزبية على إصداره ليكون دستورا دائما للبلاد ، وجرت العديد من اللقاءات والنقاشات بين القوى السياسية إلا أنها لم تتفق حتى الآن على صيغة محدده للدستور الأمر الذي عطل صدوره.
فربما تجاوز الإجراء القانوني والروتيني الذي جرت عليه العادة بان يصدر دستور للبلاد ويحدد كيفية إجراء الانتخابات ومن ثم سن قانون للانتخابات يقوم بتفصيل ما ورد بالدستور، هذا التجاوز الذي سيتم بإصدار قانون للانتخابات قبل صدور الدستور ربما يحدث جدلا قانونيا وسياسيا تستخدمه القوى السياسية وقد تطعن في الإجراء المبدئي للانتخابات ، فالسؤال لماذا سارعت هذه القيادات البرلمانية بالتلميح بان قانون الانتخابات قد يصدر قبل صدور الانتخابات ، وكيف يمكن أن تتقبله القوى السياسية التي عقدت العديد من الندوات والحوارات حول كيفية إعداد دستور دائم للبلاد واستغرقت وقتا طويلا في ذلك ، وهل يمكن أن يكون قد تم التشاور معها مسبقا والاتفاق على هذا الإجراء؟؟

وكان د. الفاتح عز الدين القيادي بالمؤتمر الوطني ورئيس لجنة العمل والإدارة والمظالم بالبرلمان قد قال(إن قانون الانتخابات قد يأتي متقدما على قضية الدستور الذي يمثل احد شواغل القوى السياسية والتيارات الوطنية جميعا لاقتراب موعد الانتخابات ) وهي عبارة واضحة تشير إلى أن المساعي جارية لسن قانون الانتخابات قبل إصدار الدستور..
بعض القانونيين استنكروا الخطة واعتبروها مخالفة للإجراء الذي تتم عبره الانتخابات ، وقال عمر فاروق شمينا الخبير القانوني ل(الرأي العام) إن الدستور في الغالب يتضمن نصوصا توضح النظام الذي تجري به الانتخابات سواء كان تمثيلا نسبيا أو جغرافيا أو بالقائمة أو مختلطا ، ونصوص أخرى تحدد شكل الحكم إن كان رئاسيا أو برلمانيا ، ليأتي قانون الانتخابات منفذا لمل ورد بالدستور فحسب شمينا انه من الأفضل أن يسبق الدستور قانون الانتخابات وليس العكس..

بعض القانونيين اعتبروا أن إجراء الانتخابات لا يحتاج إلى إصدار قانون جديد كما لا يحتاج إلى دستور لأنه يوجد الآن دستور يحكم البلاد فلا غضاضة في أن تجري الانتخابات بالقانون الحالي، واستنكر مولانا عبد الرحمن الخليفة القانوني المعروف إثارة هذا الأمر الذي يعتبره (محسوما ) لا يحتاج إلى جدل أو كثير نقاش وهو يرى في حديثه ل(الرأي العام) أن البلاد حاليا لا تعيش فراغا دستوريا حيث يوجد الدستور الانتقالي للعام2005م ويتضمن المادة 216 على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتظل هذه المادة سارية المفعول إلى أن تلغى بدستور جديد.

وأضاف على الرغم من الحديث عن تكوين لجان لمراجعة الدستور الحالي وإصدار دستور دائم إلا انه لم يتم الاتفاق على ذلك حتى الآن وفي ذات الوقت لم نسمع عن أن هناك إجراء لقانون انتخابات جديد فبالتالي يمكن أن تجري الانتخابات بالقانون الحالي طالما يوجد دستور وتنص مواده على إجراء الانتخابات .. حديث القانونيين يشير إلى بعض الخلاف في وجهات النظر ولكن د. الفاتح عزالدين القيادي بالبرلمان أوضح في حديثه ل(الرأي العام) الحيثيات والمبررات التي استند عليها بأنه يمكن أن يسبق قانون الانتخابات صدور الدستور الدائم لان ما تبقى لإجراء الانتخابات عام فقط اضافه إلى الأشهر الثلاثة المتبقية من هذا العام وسيتم فيها مناقشة ميزانية العام القادم ، فالفترة الزمنية بحسب الفاتح تكفي فقط لتهيئة الرأي العام للانتخابات وقبول التراضي الوطني ، وفي ذات الوقت لابد من إظهار قانون جديد للانتخابات لان القانون الحالي يرتبط باتفاقية نيفاشا واستفتاء الجنوب والآن البلاد تمر بظروف مختلفة تحتاج إلى قانون يستوعب واقع الحراك السياسي ويحقق الإجماع الوطني والسلام الدائم .

الفاتح اعتبر أن إصدار قانون الانتخابات أهم وأجدى من إصدار الدستور الذي يستغرق الحوار حوله وقتا أطول باعتباره هو القائد لكل القوانين والتشريعات فلابد أن تشارك فيه كل القوى السياسية والأحزاب وكل من له حق في المشاركة فيه حتى يكتب له الاستمرار وهذا يحتاج إلى وقت ليتاح لهؤلاء أن يتشاوروا فيما بينهم ويخرجوا برؤاهم الأخيرة لذا كان الرأي أن يسبق قانون الانتخابات صدور الدستور .. حديث د. الفاتح ربما ترفضه الأحزاب السياسية وتتمسك بإصدار الدستور أولا وتلجا إلى مفوضية الانتخابات في ذلك ولكن بروفيسور مختار الأصم نائب رئيس مفوضية الانتخابات اقر في حديثه ل(الرأي العام) بان الدستور الحالي يمكن أن تتم عبره الانتخابات ولكن لابد من قانون انتخابات جديد يواكب المرحلة ، وان البرلمان الحالي لا يمثل كل الدوائر الجغرافية وقد تقضى الانتخابات إلى جمعية تأسيسية تضمن مشاركة واسعة لأهل السودان وقد يمثل فيها اكبر عدد من الأحزاب وبالتالي تستطيع أن تشارك هذه الأطياف السياسية في إعداد دستور دائم للبلاد ، وأضاف الأصم بان هذا الأمر تم نقاشه مع الأحزاب والقوى السياسية التي توافقت رؤاها مع ما طرحناه.

صحيفة الرأي العام
د. سامية علي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version