البشير وسلفاكير: الطريق نحو الوحدة والمصالحة الوطنية

[ALIGN=JUSTIFY]إشارات ايجابية للداخل والخارج قام بارسالها كل من رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير ونائبه الأول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب والحركة الشعبية في مخاطبتهما إحتفالات العيد الرابع للسلام بملكال.
وتظهر تلك الاشارات الايجابية بوضوح، في اتفاق البشير وسيلفا على ضرورة حسم أزمة دارفور خلال العام الجاري، والوصول لسلام عادل، كما تواثقا على السعي لجعل الوحدة جاذبة.
فالبشير من جانبه اكد على ضرورة مواءمة القوانين المقيدة للحريات مع الدستور، مؤكدا قيام مبادرة للمصالحة الوطنية والوئام الاجتماعى، مشددا على اهميتها في استقامة موازين العدالة، وجعل الحكم شوريا، معلنا عن عزم الرئاسة تكوين لجنة من جميع الطوائف الدينية لتعينها على تنفيذ ما جاء في الدستور والاتفاقية، وفيما يتعلق بالوحدة الوطنية والمصالحة في مدة لاتتجاوز الربع الاول من العام الجاري، واشار الى ان توصياتها ستصبح اساسا لقرار رئاسي، مناشداً وسائل الاعلام بالكف عن اشاعة كل ما من شأنه اثارة الفتن بين الديانات.
.من جانبه طالب سلفاكير بخارطة طريق لحل أزمات البلاد، ودعا المواطنين لعدم السماح للقيادات بجرهم للحرب مرة اخرى، وقال سلفاكير ان البلاد في وضع حرج، ولابد من حماية اتفاقية السلام، وجدد الالتزام بعدم العودة لمربع الحرب، وشدد على ضرورة وضع حل لأزمة دارفور كأولوية في العام الجديد . خطاب البشير ونائبه يبدوان في نظر عدد من المراقبين السياسيين ايجابيين خاصة في ظل المهددات الدولية المتمثلة في القرار المرتقب لمحكمة الجنايات الدولية جاء ايجابيا ومتفائلا ويسير في الطريق الصحيح خاصة جهة التعامل مع ملف المحكمة الجنائية والوحدة وازمة دارفور وسبيل المصالحة الوطنية .
محمد علي جادين المحلل السياسي والقيادي بالبعث السوداني يرى في اتصال هاتفي مع (الصحافة) امس، أن ما ذهب اليه كل من الرئيس ونائبه في خطابهما امرا إيجابيا، خاصة فيما يتعلق بمبادرة المصالحة والوئام مرجعا تلك الايجابية في خطابي الرئيس ونائبه بملكال، الى ما اسماه الظرف القادم المسيطر على الجو السياسي والذي يتطلب مصالحة ووئام وحلولا قومية تتعدى الشريكين الى بقية القوى والحركات السياسية. وأوضح جادين أن هذا هو معنى المصالحة الوطنية والتي تعني حل المشاكل الموجودة مثل مشكلة دارفور، والتحول الديمقراطي والازمة الاقتصادية وتعديل القوانين بحيث تتوءام مع الدستور والاتفاقية والتعامل بحكمة وعقلانية مع اي قرار يصدر من المحكمة الجنائية الدولية واضاف جادين ان القضية الاساسية في ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية متعلقة بدارفور، وان على الحكومة ان تتجه لتغيير الوضع في دارفور في اتجاه السلام وحل أزمة الاقليم، متوقعا ان يمضي مجلس الأمن في اصدار المزيد من القرارات مالم تتحرك الحكومة لاقناع مجلس الأمن بأن الواقع في السودان وعلى ارض دارفور تحديداً قد تغير. ويبدو جليا ان خطاب البشير يأتي متأثرا كما قال جادين بالمهددات المسيطرة على المناخ السياسي وفي نفس الوقت متفاعلا معه ومع جملة مقترحات وضعتها العديد من دول ومنظمات المجتمع مرورا بالرئيس الامريكي جورج بوش الذي يرى ان الخروج من الازمة يكمن في التطور الايجابي في التعامل مع ملف دارفور انتهاءا بما طرحه المبعوث الصيني الى السودان ليو قوي جين والذي يبدو ان لكلماته الاثر الاكبر في خطاب البشير بملكال وذلك عندما طالب المجتمع الدولي بالاحتفاظ بقوة دفع الجهود المبذولة لاحلال العملية السلمية في دارفور والبحث عن حلول لأزمة لاهاي قبل صدور مذكرة التوقيف بحق الرئيس البشير، خاصة في هذا التوقيت الذي وصفه بالحرج، معتبرا أن صدور القرار من شأنه أن يخلف نتائج وخيمة وكارثية على دارفور، طارحا مجدداً أفكاراً ومقترحات على الحكومة أمس للخروج من جدار أزمة لاهاي.
وداعيا المجتمع الدولي الى بث رسائل لجميع اطراف النزاع بأن الطرق العسكرية لن تؤدي الى نتائج ايجابية وترك الأولوية لاحلال السلام، وقال «عندما يحترق البيت المهمة الأولى اطفاء النار ثم اللجوء لمعرفة من تسبب في اضرامها»، مضيفا «نأمل ان نعمل سويا مع شركائنا.. لمحاولة إيجاد طريقة ما لتأجيل توجيه الاتهام بما يتيح للمجتمع الدولي مزيدا من الوقت لمعالجة المشكلة».ورأى ليو انه لا يزال من الممكن لأحد أعضاء مجلس الامن ان يقدم اقتراحا لتأجيل توجيه الاتهام الى البشيرونادى بالاستمرار لايجاد تسوية دائمة في دارفور وطلب من الحكومة المزيد من التعاون مع المجتمع الدولي، ورأى ان قرار المحكمة لا يمثل نهاية الطريق وان هناك دائماً أملا ،وطالب الحكومة السودانية بالحكمة وضبط النفس حتى في أحلك الظروف وأسوأ الحالات.وجدد دعم الصين للحكومة بعمل كل ما في وسعها للبحث عن حل يرضاه الجميع وتحقيق وفاق سياسي لحل أزمة دارفور، وأكد ان جهود المجتمع الدولي لن تتوقف في هذا الشأن بصدور مذكرة التوقيف.وقال جين انه أتى بأفكار ومقترحات جديدة خضعت للتشاور غير أنه رفض الافصاح عنها واكتفى بأنها تطابقت مع آراء المسؤولين في الدولة. وبالإضافة إلى ما دفع به المبعوث الصيني من مقترحات وما لمسه سلفاكير أثناء تواجده بواشنطون يبدو أن لكل ذلك أثرا ايجابيا في خطاب البشير والذي قطع به مع مراحل التشدد في التعامل مع ملف الجنائية ذلك التعامل الذي كان يختذل كل مشاكل البلاد في شخص الرئيس والمطالبة به من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
الاستاذ حيدر ابراهيم علي الكاتب والباحث الاكاديمي يرى في خطابي البشير وسلفا تفاؤلا ايجابيا ويضيف بانه يبدو ان هنالك اكثر من جهة تقف مع وحدة البلاد خاصة ان زيارة سلفاكير لواشنطون ربما تعطي اشارة ان الامريكان يقفون الى جانب الوحدة ولايباركون اي خطوة للانفصال. غير ان هذا المنحى الايجابي في خطابي البشير وسلفاكير يجد معكوسه تماما من اشارات سالبة تنسج سيناريو خطيرا تلك التي وردت في خطاب مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع بالقضارف تقطع الطريق تماما امام الاشارات الايجابية التي وردت في خطاب الرئيس . منتقدا بعض القوى بالداخل – لم يسمهم – حاولوا بالحديث الناعم عن حكومة قومية تخرج عناصر «الانقاذ » وتأتي بتجمع المعارضة، وقطع «نحن ما بنديها، بعد ما تبرد يجو راجعين».وتابع «الحكومة القومية زي لحس الكوع لان المحكمة الجنائية تريد تغيير نظام الانقاذ العنيد بعد ان ايقنوا انه لن يتغير بالانتخابات». وعلى الرغم من التناقض بين ما ذهب اليه الرئيس ومساعده الا ان نافع اكد ان تماسك المؤتمر الوطني ووحدته «على قلب رجل واحد»، مشدداً على ان القضية قضية وطن وليست قضية حزب او اشخاص. وقال ان «المخذل لا يرحم ولا يسمع له، وليس هناك مكان لطابور خامس يسرح ويمرح».وطالب منسوبي المؤتمر الوطني، بالاستعداد للانتخابات لتكون آخر مسمار كبير في نعش آخر المحاولات لتغيير المشروع الإسلامي بالسودان. فحديث نافع بحسب جادين يختلف مع تصريحات لقيادات الوطني مثل البشير وغازي صلاح الدين، إذ أن الدكتور نافع يتحدث عن المواجهة وهي ليست حلاً بل الحل في العقلانية في ادارة الازمة والتقليل من سلبياتها.
وتعزيزا لما ذهب اليه جادين يرى حيدر ابراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية في حديث نافع ( نيران صديقة ) فنافع يضرب معسكره بخطابه ظنا منه انه يخدمه ويضيف حيدر ان هنالك اجماع من كل القوى السياسية لحل قومي للمشكلة، والحل القومي _ بحسب حيدر _ لايعني حكومة قومية وانما رؤية قومية لان الازمة لوتصاعدت سيتضرر منها كل السودان.
تناقض بيِّن بين ماذهب اليه البشير في خطابه المبشر ونافع علي نافع في حديثه المتوعد هذا التناقض يرجعه الباحث الاكاديمي الحاج حمد الى صراعات الاجنحة داخل المؤتمر الوطني ويرى محدثي ان البشير اشتغل في خطابه على تعزيز برنامج الحد الادنى في الوفاق الوطني والتوافق غير ان من يطلق عليهم ياسر عرمان بالصقور داخل الحزب الحاكم ظلوا يرغبون في الاستمرار في العمل بالطريقة القديمة الذي يعني فقدان مؤسسية الدولة والقانون وتغليب سياسة امراء الحرب كما يحدث في الصومال عبر الحرب الكلامية التي يمكن ان تتحول الى حرب فعلية.
مطالبة المبعوث الصيني للحكومة السودانية بضرورة ضبط النفس والحكمة فيما يبدو يصلح لأن يكون العنوان الاول لخارطة الطريق وللتعامل مع الملفات المطروحة التي تشرع الحكومة ممثلة في الرئيس البشير في معالجتها وعلى رأسها قضايا الوحدة والمصالحة والتحول الديمقراطي وازمة دارفور مما يتطلب وحدة الخطاب والفكر داخل المؤتمر الوطني وداخل حكومة الوحدة الوطنية.
alaaddinadwa@hotmail.com
علاء الدين محمود :الصحافة [/ALIGN]
Exit mobile version