وفقاً لآراء بعض المراقبين، فإنّ النجاح الأكبر للقمة لا يغادر كونها أفلحت في إيقاف الانفعالات الأخيرة التي صدرت من أبناء دينكا نقوك، والرامية لإقامة استفتاء أحادي بأبيي، والوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين حول المنطقة، والأهمّ من ذلك قبول الخرطوم وساطة جوبا للتفاوض مع الجبهة الثوريّة. * أبيي ومعضلاتها الكاتب الصحفي والمحلّل السياسي د. خالد التيجاني النور، رئيس تحرير صحيفة (إيلاف)، كان قد عبّر عن قلقه من انفضاض قمة جوبا بلا إجابة مقنعة في شأن سؤال أبيي الملح، مع تصاعد التوتر المحلي فيها، ما يعني وفقاً لعباراته أنّ العلاقات السودانيّة – الجنوب السودانية التي كان يؤمل لها أن تنطلق باتجاه التطبيع ستجد نفسها قريباً في مواجهة استحقاق أبيي المعقد، بما قد يعيدها إلى مربع الصفر. وهو قلق يشاركه فيه الكثيرون.
بيد أنّه وفي أوّل رد فعل على روح التذمّر التي سادت وسط ناشطي أبيي في جنوب السودان بُعيد انتهاء القمة، التي وصفها بعضهم بكونها “محض تعبير عن موقف خيانة من قبل الرئيس سلفاكير”، خرج ماكوي لويث، وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان، مؤكداً أنّ حكومة جنوب السودان لا علاقة لها البتة بإجراءات وترتيبات الاستفتاء في أبيي من جانب واحد، مشيراً إلى أنّ منظمات المجتمع المدني ومجموعات الضغط هي التي نظّمت هذا النشاط، الذي ترفضه حكومة الجنوب ـ حسب تعبيره ـ ولا تتفق معه، مؤكداً تمسّك حكومته بالخطوات التي تم الاتفاق عليها بين الرئيسين.
* كي مون يرحّب
بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، كان في طليعة الشخصيات التي أصدرت بياناً ترحيبياً بالقرار الذي توصل إليه الرئيسان، الخاص بتعجيل إنشاء المنطقة الآمنة منزوعة السلاح بالكامل، بحلول منتصف نوفمبر المقبل، وهو أمر ستجد الحركة الشعبية قطاع الشمال نفسها في حرجٍ بالغ إزاءه، وبدأت طلائعه فعلياً من خلال تقارير صادرة من الاتحاد الأوروبي تتهم فيها الحركة الشعبية بإعاقة وتعطيل تحديد الخط الصفري بين الدولتين.
البيان الذي تلاه المتحدث باسم كي مون جاء فيه أن الأمين العام يدعو البلدين إلى استئناف فوريّ لمشاوراتهما بشأن تطبيق اقتراح لجنة الاتحاد الأفريقي، رفيعة المستوى، لعام 2012، بخصوص تحديد الوضع النهائي لأبيي، ودعا قادة المجتمع في أبيي إلى الامتناع عن المبادرات أحادية الجانب التي قد تزيد حدّة التوتر في المنطقة.
* جديّة وعلاقة استراتيجيّة بالنسبة للمعز فاروق، مقرر اللجنة الأمنية المشتركة، فإنّه يرى خلال إفادته لـ(اليوم التالي) أنّ الجديد فى هذه القمّة تحديد توقيت زمني للخط الصفري وفتح المعابر، بجانب إعفاء حملة الجوازات الدبلوماسيّة والرسميّة من تأشيرات الدخول، ويضيف أنّ: القمّة أبرزت جديّة الطرفين في بناء علاقة استراتيجيّة وطيّبة، وأكّدت أنّ أيّ قضيّة عالقة تعالج بصورة ثنائيّة، وتبنى الثقة بصوره طبيعيّة.معز أوضح أنّ تحديد الخط الصفرى يعالج الكثير من الأشياء، في مقدمتها تحديد المنطقة الآمنة منزوعة السلاح، إضافة لمعالجة إعادة الانسحاب، وانتشار قوات الدولتين على طول الحدود، بجانب فتح المعابر الحدودية، ويدعم خط قرار عدم وجود أيّ معارضة فى المنطقة منزوعة السلاح، واصفاً القمة بـ(الإيجابيّة).
* نجاعة دبلوماسية القمة
من جهته اعتبر عبد المحمود عبد الحليم، المدير العام للإدارة الثنائيّة بوزارة الخارجية، في حديثه لـ(اليوم التالي) أنّ زيارة الرئيس البشير إلى جوبا كانت حلقة جديدة ومهمّة من حلقات التواصل الإيجابي بين السودان وجنوب السودان، وأضاف: إنّها عكست نجاعة نموذج دبلوماسيّة القمة الذي سيحفز بدوره الآليات الأخرى للمزيد من الحراك والنشاط. .
* حريّة التنقّل
وحول قراءته لمخرجات القمة يقول عبد المحمود إنّها قد انتقلت من محطة إعلانات حسن النوايا لخطوات عمليّة باتجاه تعزيز العلاقات بما فيه مصلحة شعبي البلدين. محدّثنا اعتبر أنّ القرار الخاص بإعفاء حملة الجوازات الدبلوماسيّة والرسميّة من شرط تأشيرة الدخول يمثل ضربة البداية لتنفيذ حريّة التنقل بين مواطني البلدين، مقروءاً بما جاء فى البيان حول الإدارة المتكاملة للحدود، لتكون جسراً للتواصل، وتبادل المنافع، مقروءاً ذلك أيضاً مع المؤتمر بالغ الأهمية الذي سيعقد منتصف ديسمبر المقبل للولايات الحدوديّة بين البلدين، وأضاف: تحديد إنشاء المنطقة منزوعة السلاح وخط الصفر خلال ما يقلّ عن أسبوعين من الآن يسمح بفتح المعابر الحدوديّة وإحكام التنسيق لمنع إيواء ودعم الحركات المسلّحة.
وحول مخرجات القمّة في ما يتعلّق بمنطقة أبيي قال عبد الحليم إنّه تم الاتفاق على إنشاء المؤسسات المدنية والتشريعية والشرطية، وهو ما يعني تطبيع الحياة فى المنطقة، وعودة النازحين، بما يمكّن قيادة البلدين بحكمتهما من صياغة الوضع النهائي للمنطقة. وأوضح أنّ الأمر برمّته ينسجم مع ما جاء في مخرجات مجلس السلم والأمن الدولي، الذي حذّر من الاجراءات الأحاديّة، وترك دوراً أساسيّاً لقيادتي البلدين فى هذا الشأن، بما في ذلك اجتماع مجلس السلم والأمن الافريقي، قبل يوم من القمة، وأضاف: ما يهمنا بصفة خاصة الإشارة إلى أنّ تتابع اجتماعات القمّة والنتائج التى أصبحت تخرج عنها تباعاً، والتي أكّدت قُدرة البلدين على حلّ شواغلهما بطريقة ثنائيّة .
صحيفة اليوم التالي
أميرة الجعلي
ع.ش