شاركت القوات السودانية في كثير من النزاعات الدولية ، وذلك خلال فترات متلاحقة من تاريخها الطويل ، خاصة بعد تكوين جيش سوداني في عهد محمد علي باشا والي مصر ، فقد استخدم محمد علي باشا جزءاً من هذا الجيش في حروبه الخارجية في سوريا والأناضول عام ١٨٣١م ، كما شاركت الوحدات السودانية في الحربين العالميتين الأولى والثانية ، وقبلهما شاركت الوحدات السودانية في القرم ( ١٨٥٦-١٨٥٤) بين تركيا وروسيا ، ثم شاركت في حرب المكسيك ٢٣ فبراير ١٨٦٣م حيث شاركت القوة السودانية في اثنتي عشر معركة ضد العصابات المكسيكية وكسبتها جميعا ، محدثة خسائر كبيرة وسط هذه العصابات .
كما دافعت القوة عن موقعين لها وللقوات الفرنسية ، ورغم صغر حجم القوة السودانية التي كانت تدافع عن الموقعين ورغم كبر حجم القوات المهاجمة ، إلا أنها تمكنت من صد الهجومين وإحداث خسائر جسيمة في صفوف القوات المهاجمة ، بجانب العمليات العسكرية قامت القوة السودانية بحراسة عمال السكة الحديد وتحصين مدينة فيراكروز المكسيكية ، ولما رأى قائد القوات الفرنسية بطولة وصمود القوة السودانية كتب إلى القائد العام في فرنسا مُشيداً بهم وبدورهم .
* الحرب العالمية الأولى ( ١٩١٨- ١٩١٤م) : خلال فترة الحرب العالمية الأولى كان السودان دولة مُستعمرة بواسطة بريطانيا بينما فرضت بريطانيا حمايتها على مصر وأصبحت هي المسيطرة على الأمر كله ، إكتسب الجندي السوداني سمعة جيدة وأهمية كبرى خلال الحرب العالمية الأولى ، حيث أبدت عدة دول رغبتها في مشاركة قوات سودانية في الحرب ، خاصة قطاع الحجاز ، كما طلب ارسال ثلاث ( أورطة بيادة ) لتعمل في منطقة ينبع السعودية ، أما فرنسا فقد طالبت بإستبدال أورطتين سنغاليتين في جيبوتي وارسالهما للسودان أو مصر فتحل محلهما أورطتان سودانيتان .
شاركت القوات السودانية في الحرب العالمية الأولى بصورة واسعة وفعالة على النحو الآتي :
* المساهمة في الدفاع عن قناة السويس بإقامة نقاط عسكرية في سيناء .
* المشاركة في العمليات العسكرية في حدود مصر الغربية .
* تصنيع أربع وستين ألف قنبلة ( غارانيت ) اليدوية لصالح القوات التي كانت تعمل في البحر الأحمر .
* مشاركة أورطة من الأشغال في معارك الدردنيل ضمن الحملة البرية التي نُظمت في أعقاب فشل الحملة البحرية .
* ألحقت قوات سودانية ضمن وحدات الجيش المصري للخدمة في فلسطين وفي خطوط المواصلات الأمامية والخلفية .
* أرسلت قوات سودانية صغيرة إلى الحجاز لتعمل مع ملك الحجاز كما تم تنظيم قوة متحركة قامت بهجمات على سكك حديد الحجاز وخطوط التلغراف .
* قامت وحدات سودانية من النقل بالعمل في فلسطين .
* شارك قسم المخازن ، والمستشفى العسكري والمستودعات وقد وضعت كلها تحت تصرف قائد الحملة .
* قامت سكك حديد السودان بإرسال مقطورات إلى فلسطين .
* تمت إعارة باخرة من حكومة السودان لرئاسة البحرية لتساعد في أعمال الدورية .
* أرسلت قوات تقدّر ببلكين من الأورطة التاسعة السودانية لشمال يوغندا وذلك لمواجهة التهديد الألماني على يوغندا .
* الحرب العالمية الثانية ( ١٩٤٥- ١٩٣٩م) : في ١٠يونيو ١٩٤٠م أعلن موسوليني رئيس إيطاليا الحرب على بريطانيا وفرنسا ، وكان الرئيس الإيطالي يطمع في إنشاء إمبراطورية ايطالية في افريقيا ، والتي تمتد من طرابلس إلى اريتريا ، الحبشة ، الصومال الإيطالي ، والسودان ، ولتحقيق تلك الخطة الزائدة الطموح حشد موسيليني جيشا قوامه ثلاثة آلاف عسكري بمعاونة حملة ميكانيكية ، وأربعمائة مدفع ومائتي طائرة ، وخمسمائة ألف من المشاة تدعمها وحدات من المدفعية ، العربات المدرعة لغزو السودان ، وفي مواجهة هذه القوات الإيطالية كانت تقف قوة دفاع السودان وقوامها أربعة آلاف وخمسمائة مقاتل مسلحين بالبنادق والرشاشات المُركبة على العربات المدرعة مع بعض العربات غير المدرعة هذا بالإضافة إلى بنادق ليوبذ المضادة للدبابات ، وقد عملت القوات السودانية رغم قلة أفرادها وضعف تسليحها بأعمال بطولية وشجاعة مكنتها من تحقيق انتصارات كبيرة على القوات الإيطالية .
* إفشال الهجوم الأول على كسلا الذي قامت به القوات الإيطالية في ٤يوليو ١٩٤٠م ، وكانت القوة السودانية تتكون من بلك مشاة آلية ،بلك مدافع رشاشة وعدد من أفراد الشرطة وقد تمكنت هذه القوة التي لا يزيد تعدادها عن أربعمائة مقاتل من الصمود أمام القوات الإيطالية وإحداث خسائر في صفوفها بلغت خمسمائة قتيل ، وتدمير ست دبابات ، أما خسائر القوة السودانية لم تتعد الشهيد الواحد ، وثلاثة جرحى وستة عشر مفقودين استطاع بعضهم اللحاق بوحداتهم في وقت لاحق ، ثم انسحبت القوة السودانية بعد إحداث خسائر كبيرة في الصفوف الإيطالية .
* إفشال الهجوم الثاني على كسلا في الأسبوع الأخير من شهر يوليو ١٩٤٠م حيث تقدمت قوة إيطالية قوامها ألف وخمسمائة مقاتل تجاه كسلا وتصدت لهم دون أن تفقد القوة أيا من أفرادها .
* تعطيل الهجوم على مدينة القلابات بواسطة قوة سودانية قوامها واحد وأربعين مقاتلاً ، وتمكنت من الصمود أمام القوات الإيطالية المتفوقة عليها في العدة والعتاد لمدة ستة عشر يوما ، وقد مُنح قائد القوة ميدالية الحرب العالمية الثانية وذلك كأول ضابط سوداني يتقلدها .
* ضرب خطوط إمداد القوات الإيطالية وخطوط مواصلاتها مع اريتريا بواسطة بلكات المدافع الرشاشة السودانية .
* أدى نشاط القوات المسلحة السودانية بكسلا إلى انسحاب القوات الإيطالية من كسلا في ليلة ١٧/١٨ يناير ١٩٤١م .
* شاركت القوات المسلحة السودانية في احتلال مدينة كرن ومدينة اسمرا ومدينة قندار ، حيث استسلم لها أحد عشر ألفا وخمسمائة من القوات الإيطالية ، وكثير من الغنائم .. وقد وصف جاكسون دور القوات السودانية في المعارك الثلاث بقوله 🙁 خلال هذه المعارك قاتلت قوة دفاع السودان بشهامة وشجاعة بالرغم من التفوق العددي والتفوق في الأسلحة والمعدات التي كان يتمتع بها الجيش الإيطالي ) .
* قامت أورطة الحدود السودانية بحراسة الإمبراطور هيلاسيلاسي بعد عودته من انجلترا وإعادته إلى أديس أبابا في مايو ١٩٤١م على ظهر جواد .
* شاركت أول قوة سودانية في العمليات العسكرية بشمال أفريقيا عندما أرسلت وحدة استطلاع في ٧ مارس ١٩٤١م حيث كانت مهمة القوة استطلاع طريق سهل للهجوم على الكفرة وجالو بشمال أفريقيا ، ثم انضمت نفس هذه القوة في منطقة العوينات إلى مجموعة الصحراء البعيدة المدى وهي قوة متعددة الجنسيات وبها عدد من العسكريين السودانيين ، كانت مهمة هذه القوة منع الجيش الإيطالي من القيام بأي هجوم ضد مصر والسودان .
* كلفت الأورطة الأولى السودانية جالو ، لشل حركة القوات الألمانية ، والتي استبسل فيها ضباط وجنود الأورطة وهم يقتحمون تحصينات الألمان رغم قوة دفاعاتهم وسيطرتهم الجوية .
* في معركة العلمين قامت الأورطة الثانية السودانية بحماية ظهر الجيش الثامن واحباط خطة روميل .
* كلفت قوات سودانية بحراسة المدن وحراسة خطوط المواصلات داخل أراضي العدو المحتلة .
* عملت كل من أورطة الحدود الثانية ، الأورطة ١٤ شرقية ، فرقة المهندسين ، بلكات النقل ، أقسام الإشارة ، والبحث الحربي في الصحراء الغربية بالإشتراك مع القوات البريطانية الخاصة في مناطق : مصر ، طبرق ، دونا ، ترانسيت ، بنغازي ، طرابلس الغرب ..
كل تلك التجارب أكسبت الجيش السوداني خبرات تراكمية عبر السنين والأحداث ، حتى أصبحت للقوات السودانية إعتبارها الخاص .
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]