* ولا نريد هنا ان نفسد على السيد الإمام مشروع أو قرار مكتب تنسيق حزبه عن ما سمي بالتفاكر حول آليات معارضة النظام ولكننا بالقطع نجزم أنه ليس هناك أية أرضية مشتركة بين السيد الإمام وحزبه وبين تلك القيادات المعارضة المسلحة التي يسعي للوصول أو التفاكر معها، من أمثال جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي وبقية عقدهم غير الفريد من ممثلي ((الجبهة الثورية)).
* فالسيد الصادق يعلم أكثر من غيره أنه ذاهب إلى هناك لمقابلة من هم ليسوا مع الشعب السوداني حين تحالفوا مع الشيطان ضد وطنهم الذي أرادوا إن يمزقوا نسيجه الاجتماعي بما يعمدون إليه من عمل يوغرون به صدر شعبنا وتأجيج أحقاد دفينة ونزاعات قبلية وانفصالية هي من نسيج خيالهم المريض فقط.
* السيد الإمام يعلم أيضاً أنه ومن ضمن تلك القيادات التي يزمع أن يلتقيها من يدعو جهاراً نهاراً إلى فتح سفارة لدولة العدو الإسرائيلي في قلب العاصمة السودانية، ويتلقي الدعم منها بعد أن قام بإرسال ارتال من شبابنا إلى هناك، ليصبحوا مجرد متسولين في الشوارع الإسرائيلية بعد ان لفظهم ذلك المجتمع الصهيوني البغيض والمفرط في عنجهيته وشوفونيته واستعلائه المغيت.
فأين إذا هذه القواسم المشتركة التي تجمع سيادته مع تلك القلة المارقة على إجماع شعبها وأمتها.
* إن القراءة الموضوعية للخلفيات التي ينطلق منها السيد الإمام تقول أن الزيارة تأتي في أعقاب فض الاشتباك المؤقت بين فصائل المعارضة المدنية نفسها.
إذ يلاحظ أنه وبينما عزم كل من طرفي ما سمي بقوى الإجماع المعارض الاحتفال بثورة أكتوبر كل على طريقته الخاصة لنجد واحدة في دار الزعيم الأزهري التي نري أنه قد زج بها دون أي سبب، والأخرى في دار السيد الصادق نفسه.
وقام الطرف الذي يمثله الأستاذ أبو عيسي بالإعلان عن ميثاق ما يزمعون القيام بتوقيعه مع ما يسمي بـ((الجبهة الثورية)) وفجأة ودون أية مقدمات تم تعليق الاحتفالين لأسباب لم يعلن عنها، لتأتي رحلة السيد الصادق أو عملية إيفاده إلى مقر قيادة المعارضة الجديدة في كمبالا للوصول إلى أو مباركة أو اعتماد خط يزاوج بين العنف والاغتيال الذي تمارسه تلك الفصائل المجرمة باسم المعارضة، وبين المعارضة المدنية التي تتزعمها أطراف قوى الإجماع الوطني في قلب العاصمة السودانية.
* نعم، هذه هي الخلفية التي يتحرك من خلالها السيد الإمام بعد أن تم تعليق خلافاتهم مؤقتاً ريثما يقوم زعيم حزب الأمة شخصياً بزيارته إلى العاصمة اليوغندية ومن يدري فقد يأتي بخير يؤدي إلى تأزيم أو تقزيم صراعهم الذي هو في غير معترك أو يزيد الطين بلة كما يقولون.
* ولعل من الطريق الذي لابد من التوقف عنده هنا هو أن نظام الإنقاذ الذي يحمله السيد الصادق مسؤولية ((تمزيق الجسم السياسي الحاد والحالة الأمية المتردية.. الخ)) هو الذي يسمح لسيادته بالسفر ومنحه تأشيرة الخروج بل وفتح صالات كبار الزوار وهو ذاهب إلى أعداء شعبنا الحقيقيين وتكون سفارته هناك في مقدمة مستقبلي السيد الإمام الذي يريدنا السيد الصادق أن نلومه ولا نلوم هذا الشتات من جماعات المعارضة وقد فشلوا حتي في إقامة احتفال موحد بمناسبة ذكري أكتوبر (كذا!!)
* فهل يعلم السيد الإمام أية حيرة وضع فيها المواطن السوداني وهو يشاهد ويسمع ما يقوم به بعض المحسوبين على المعارضة من أعمال غير ميؤولة مثل توقيع ميثاق مع من يمثلون اليوم تهديداً مباشراً لأمن وسلامة واستقرار البلاد.
أي ميثاق هذا مع أناس يحصدون أرواح النساء والأطفال والشيوخ في قراهم الوادعة.
وماذا نحن فاعلون لأولئك الشهداء الذين قتلوا بدم بارد أمام مسمع العالم كله، وفيهم وكلاء السيد الإمام نفسه وأنصار حزبه!
* ونحن بالطبع لسنا في وضع يمكننا من تقديم النصح إلى السيد الصادق وحزبه، ولكن تبقي مسؤوليتنا أن نصدقهم القول في أن ما يحدث وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا يعد وبكل المقاييس جريمة لن يغفرها لنا شعبنا الذي سبق أن فرطنا في أمنه يوم نجحت مجموعة مدنية لم يتجاوز تعدادها العشرات بالانقضاض على سلطة كان يقال عنها إنها ديمقراطية، فإذا بكتائب سلاح الموسيقي والسلاح الطبي تلحق بها هزيمة نكراء وتقوم بضرب ذلك النظام الذي كان على رأسه السيد الإمام نفسه مع قيادات عاجزة محسوبة على حزبه من أمثال مبارك الفاضل وآخرين يعلمهم بل يلعنهم اليوم السيد الإمام نفسه.
صحيفة الخرطوم
د. الباقر احمد عبد الله