أطباء نفسيون يحذرون :حرب غزة تنذر بجيل مقاوم

[ALIGN=JUSTIFY]”غزة تقرأ الشهادة .. مجزرة إسرائيلية في غزة .. إبادة جماعية للفسلطينيين في غزة .. أطفال غزة يستغيثون” .. وغيرها من العناوين التي طالعتنا بها الصحف المصرية والعربية منذ بدء المجزرة الأسرائيلية نهاية العام الماضي .. والأمور تتفاقم يوما بعد يوم .. وعدد الضحايا في ازدياد .. وخصوصا الأطفال الذي وصل عددهم الآن إلي ما يقرب من 293 شهيدا .. ولكن الشهداء الأحياء أكثر وأكثر .. وآثار هذه المجزرة ستظل في قلوبهم للأبد .. وهذا ما أكده أطباء نفسيون فلسطينيون أن الحرب على قطاع غزة تؤسس لجيل جديد من الفلسطينيين المقاومين المتشددين ضد إسرائيل، و لن يجدوا طريقة لشعورهم بالأمان سوى باللجوء إلى القوة والعنف ضد الكيان الصهيوني الذي يرون فيه “الشر الأكبر”.
وقال الدكتور إياد السراج مدير مركز الصحة النفسية في قطاع غزة “أطفالنا يعانون من سلسلة صدمات نفسية لحقت بهم في السابق والحاضر نتيجة القصف الإسرائيلي والعدوان على قطاع غزة، وبسبب تعرضهم لهذا الكم من الصدمات طوروا وسائل دفاعية”، متابعا : “الأطفال الذين ولدوا تحت الاحتلال استخدموا ضرب الحجارة والمولوتوف خلال الانتفاضة الأولى، أما الجيل الحالي فسيتحول إلى التشدد لأنه يؤمن أن إسرائيل هي الشر الأكبر”.
وتطرق السراج إلى آثار الصدمات “مثل عدم القدرة على النوم والتبول اللاإرادي والتعثر بالكلام، والالتصاق بالأم، وفي المرحلة الثانية من الصدمة يصبح الصوت المزعج مرتبطا بالخوف والموت وارتجاع صور الأحداث والاكتئاب”.
وتابع السراج أن الفلسطيني يبدأ بعد ذلك “البحث عن البديل عن عائلته ووالديه لعجزهما عن حمايته وتوفير الأمان له، فيلجأ إلى التنظيم الذي يرى فيه الأكثر قوة وتشددا، وبالتالي قادرا على التفوق على من تسبب بخوفه وفقدانه للأمان”.
وقال السراج أيضا إن المجتمع الفلسطيني بات “بحاجة إلى إعادة تأهيل على جميع الأصعدة النفسية والجسدية” مشيرا إلى آلاف الجرحى من مخلفات هذه الحرب.
وبحسب المصادر الطبية الفلسطينية، خلف الهجوم على قطاع غزة منذ السابع والعشرين من الشهر الماضي أكثر من 700 شهيد بينهم أكثر من مائتي طفل ونحو مئة سيدة، في حين تجاوز عدد الجرحى الثلاثة آلاف بينهم نحو 700 طفل وأكثر من 450 حالة خطيرة .
من جهته، قال الدكتور محمود سحويل مدير مركز علاج وتأهيل ضحايا العنف في رام الله “إن هذه الحرب ستخلف لنا عملا كبيرا، لأنه سيكون أمامنا جيل سيعاني كما هائلا من الأعراض النفسية، وستدفع إسرائيل الثمن غاليا مستقبلا لأنها تخلق ثقافة الحرب والعنف”.
وتابع قائلا أن “نسبة الأطفال الذين يعانون من أعراض الصدمة في قطاع غزة كانوا قبلا نحو 68 بالمائة، أما الآن فإن المجتمع الفلسطيني بات بمجمله يعاني من هذه الأعراض التي شملت الأطفال والبالغين وهي نسبة لم تسجل في العالم سوى في رواندا إثر المذابح”.
وأوضح الطبيب سحويل أنه أجرى جلسات مع نحو 30 فتى وفتاة تتراوح أعمارهم بين الـ 12 والـ 14 عاما، “فجاءت جميع توجهاتهم انتقامية ويريدون أن يكونوا استشهاديين أو مقاتلين”.
وتابع “تصلنا يوميا اتصالات إلى المركز يفيد فيها الأهل بتغير سلوك أطفالهم نحو العنف أكثر فأكثر، وهم يقضون ساعات طويلة يلعبون لعبة الحرب خصوصا أمام الكمبيوتر لقتل العدو”.

معاناة لا تنتهي
وما أكده الأطباء الفلسطينيون ليس جديدا فيما يتعلق بأثار العنف النفسية علي الأطفال ، فقد كشفت دراسة أمريكية متخصصة أن تعرض الأطفال لبيئة تنتشر فيها اعمال العنف يؤدي الى عواقب نفسية سيئة تؤثر في سلوكيات الاطفال مستقبلا.
وأوضحت الدراسة التي اجراها باحثون في كلية “جبل سيناء” للطب في نيويورك أن الاطفال الذين تعرضوا لاحداث عنف اكثر عرضة بواقع 21 ضعفا للاصابة بمشكلات نفسية او حالات اكتئاب و16 ضعفا للاصابة بمشكلات في التركيز عن الاطفال الذين لم يتعرضوا لاحداث عنف او تعرضوا لحادث واحد فقط.
واجرى الباحثون الدراسة على 116 طفلا تتراوح اعمارهم بين 3 و4 اعوام تعرضوا لهجمات سبتمبر عام 2001 وتم فحص حالاتهم النفسية بعد 35 شهرا من تلك الهجمات مع الوضع في الاعتبار مدى تأثر كل منهم بالهجمات وما اذا كان ايا منهم قد فقد اي قريب فيها ام لا.
ودعا كبير فريق الباحثين الدكتور كلود شيمتوب إلى ضرورة النظر لمدى تعرض كل طفل لأحداث العنف ونسبة تأثيرها فيه قبل تقييم أثر هذه الاحداث علي صحته النفسية.
وعلي صعيد متصل ، أكد باحثون بريطانيون أن الضغط النفسي الذي يعاني منه الأطفال خلال مراحل حياتهم الأولى قد يصيبهم بالكآبة عندما يصبحون في منتصف العمر.
ووجدت الدراسة -التي نشرت على موقع مجلة “الطب المهني والبيئي”- أن الاضطرابات السلوكية عند الأطفال قد تصيبهم بالكآبة وفقدان القدرة على التركيز وتؤثر بشكل سلبي في أدائهم في العمل عند بلوغهم منتصف العمر.
وعلى الرغم من أن المشاكل النفسية التي يعاني منها المرء في المراحل الأولى من الطفولة وبداية مرحلة البلوغ قد لا تقدم تفسيراً كاملاً حول الاصابة بالكآبة في منتصف العمر، فان الباحثين يجزمون بأنها تؤثر في قدرة الطالب على اجتياز الامتحانات المدرسية والحصول على المؤهلات العلمية التي تخوله الانخراط في دورة العمل في المجتمع وضمان مستقبله ومستقبل عائلته.
ولفت الباحثون إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية في الصغر يصبحون أقل الحاحا في مطالبهم عند البلوغ ويميلون للقيام بأعمال لا تتطلب الجهد الذهني أو الجسدي لانها أسهل بالنسبة اليهم على الرغم من أن مردودها ليس كبيراً.
كما أكدت دراسة مصرية أن أحلام الاطفال تعد دائما تعبيرا صريحا عن حالتهم النفسية وما يعانونه في حياتهم اليومية.
وأوضحت الدكتورة رشا عبد الرحمن أستاذ طب الأطفال أن الاطفال يصابون بالاكتئاب بسبب القلق حيث انهم يتألمون كالكبار بل وبصورة أشد وأخطر لأن أعراض الاكتئاب لا تظهر بصورة مباشرة ولكن علي هيئة فزع أو خوف، مشيرة إلي ان الخمس سنوات الأولي من عمر الإنسان هي التي تحدد طبيعة شخصيته وسلوكه ومدي استعداده المرضي.
وأضافت أن أغلب المرضي النفسيين من الكبار يكون السبب الاساسي لمرضهم هو بعض المتاعب التي واجهتهم في طفولتهم، مشيرة إلي أن الأحلام نوعان، الأول العادي، والثاني الذي قد يسبب مشاكل نفسية نتيجة الخوف مثل “مواجهة حيوان مفترس” ولذلك يجب علي الأم أن تنتبه لحالة طفلها أثناء نومه أو عندما يقص عليها حلمه والعمل علي تهدئته واحساسه بالأمان.
المصدر :محيط [/ALIGN]

Exit mobile version