** فلنتأمل موقف ديفيد ديل جال – الأمين العام لحزب جبهة الانقاذ الديمقراطية المتحدة – من احتلال هجليج.. فالرجل لم يتحدث من الخرطوم، حيث مكان رئاسة ومجلس وزراء وبرلمان سلطة الخرطوم الحاكمة، بل من جوبا حيث عاصمة بلده.. إذ يقول واصفاً ما يحدث بالنص: (نرفض المشاركة في الاستنفار ضد دولة السودان، ونرفض الاعتداء على الارض السودانية، ونرفض التدخل في شؤون هذه الدولة الجارة)، هكذا انحاز هذا القيادي السياسي للحقيقة، بشجاعة وصدق، وهو في عقر دار حكومة بلده المعتدية.. بالمناسبة، ديفيد جال ليس سودانياً، ولم يتخلَّ عن جنسية دولة جنوب السودان، ولكنه نصر حكومة بلده حين رأى ظلمها، وذلك بعدم مناصرتها على الظلم، ثم بمناصرتها بمنعها عن التمادي في الظلم، أي بالنصح القائل: (ما كان عليك الاعتداء على هجليج، ولا تتدخلي في شؤون السودان ).. موقف ديفيد جال خير – لوطننا- من مواقف بعض الملقبين بـ(أبناء الوطن).. نعم صكوك الوطنية لا يوزعها زيد من الناس أو عبيد، ولكن المواقف هي التي توزعها ثم توثقها في دفتر التاريخ، لتعلم الأجيال القادمة (من صفق لقوات سلفاكير الغازية، ومن ناصر قوات بلده المدافعة ).. فالمرء لا يكتب أو يتكلم ليملأ فراغ حاضره فقط أو ليحاضر شعب زمانه، بل للمستقبل ولشعب الزمن الآتي حق الإطلاع على ما كتبته اليوم وما تكلمت به، والمستقبل والشعب الزمن القادم هما الذين لهما حق توزيع الصكوك وتصنيف مواقف ذاك اليوم (كانت سودانية أو جنوبية، صائبة كانت أم خائبة).. والماضي لم يرسم للحاضر فقط مشهد جنود الخليفة عبدالله وهم يستبسلون بثبات، بل رسم أيضاً مشهد الذين غدروا بهم وهم يرشدون قوات الفرنجة الغازية الى حيث خنادقهم.. ويوما ما سوف يكتشف البعض الغافل بأن مواقف السواد الأعظم من أهل البلد – في قضية احتلال هجليج – كانت منحازة لوطنهم فقط لا غير، وكانت قناعاتهم – كما أقدام جنود جيش وطنهم – ثابته وراسخة، بحيث لم تزعزعها (قُبعة سلفا كير).. وإياك أعني أيها الزميل العزيز، فالإنقاذ لحظة عابرة ولكن الوطن باق في وجدان شعبنا الى يوم الدين..!!.
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]