هنا ثمة لبس كبير وتعدي صريح للدستور الانتفالي لجمهورية جنوب السودان الذي ارتضينا أن يكون السقف النهائي لتنظيم الحياة في هذه البلاد، فمن الضروري العمل على احترام القانون وسيادته بعيداً عن أي مكايدات سياسية. لذا نقول أن دستور جنوب السودان شيء وما يكفله لنا ذات الدستور شيئا آخر، سواء كنا حكام أو محكومين (نظرية العقد الاجتماعي)، وفيه يتمحور الأخذ والعطاء لكلا الطرفين، السلطات والمواطنين.
نأخذ من اقتباس مُترجم من الدستور الانتقالي لجنوب السودان سنة 2011م الفصل الثاني من وثيقة الحقوق، فقرة تتحدث عن المحاكمة العادلة (1) (19) يعتبر الشخص المتهم بريء حتى يثبت ذنبه أو ذنبها وفقاً لأحكام القانون.
(2) يُبْلَّغ أي شخص يُلقى عليه أو عليها القبض أثناء عملية إلقاء القبض بأسباب إلقاء القبض عليه أو اعتقاله ويُبْلَّغ على وجه السرعة بأية تهمة توجه إليه .
(3) يحق لكل مواطن في جميع الدعاوي المدنية والجنائية محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة وفقاً للإجراءات التي ينص عليها القانون.
هذه نصوص من الدستور الذي تُدار به دولة جنوب السودان، وهي واضحة جداً لا غبار عليها، فالمتهم يظل متهم إلى أن يقر أمام المحكمة بما ارتكبه من خطأ يعاقب بسببه بعد توفير شروط العدالة الأساسية للمتهم، من توكيل محامي له بالإضافة إلى إبلاغة على وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه وتقديمه للمحاكمة دون أي تأثيرات خارجية، هذه الإجراءات من شأنها أن ترتقي بالقانون وأن ترفع من شأنه، فالقانون يجب أن يعلو ولا يُعلى عليه، ومن ثم تأتي الإجراءات القانونية الأخرى، كتنفيذ العقوبة أو استئناف القضية من قبل المتهم، كحق من حقوقه، بالإضافة للحقوق الإستثنائية التي يكفلها الدستور لرئيس الدولة ليعفو عمن أراد العفو عنه بعد محاكمته، لأسباب قد يراها هو أو مستشاريه منطقية، وفي ذلك احترام للقانون، سيما قد تكون الدوافع من أجل المصلحة العامة، حتى لا يسيء الظنون بالبعض. والحق يُقال إن العفو الرئاسي الأخير للمتمردين ممن حملوا السلاح ضد الوطن قد تأخر كثيراً، لذلك علت الأصوات عبر المنابر المتعددة بالإفراج عن المتهمين أو تقديمهم للمحاكمة، لعدم اتساق الأمر مع الواقع القانوني، وغياب مسوق يدعم الاعتقال لفترات طويلة، كأنما البلاد لا يوجد بها دستور.
صحيفة المصير
كندي نيمايا