رئيس التحرير يكتب من مسقط (2-2) :السلطنة والسلطان …… صعود بلا ضجيج

[ALIGN=JUSTIFY]بعد 13 عاما منذ آخر زيارة لها ، وصلت الى مسقط عاصمة سلطنة عمان صباحا، وبعد استقبال موظفي وزارة الاعلام الذين اكملوا اجراءات دخولي من المطار بكل يسر ،وفي طريقي الى مقر الاقامة لفتت انتباهي حركة العمران وحسن التخطيط والنظافة التي تتمتع بها المدينة الهادئة ،ولِمَ لا فقد فازت غير ما مرة بجائزة أنظف مدينة عربية.
كما يشعر الزائر بالاستقرار والطمأنينة، وقد احتلت السلطنة المرتبة الاولى في معدل السلم والاستقرار للعام الثاني على التوالي على مستوى الشرق الاوسط وافريقيا ، وذلك حسب ما ورد في تقرير مؤشر السلام العالمي «جلوبال بيس انديكس» 2008 ، الذى صدر عن منظمة «الرؤية نحو الانسانية» في استراليا حديثا.
وقال التقرير، ان السلطنة من الدول الاكثر أمنا ومحبة للسلام في الشرق الاوسط وافريقيا على حد سواء، ووضع التقرير السلطنة في المرتبة «25 » من بين «140» دولة على مستوى العالم، موضحا ان السلطنة تتحول بسرعة لتصبح من أكثر المقاصد السياحية الآمنة المفضلة لدى السائحين في المنطقة .
وينظر المؤشر الى 24 دليلا تتعلق باجراءات السلامة الخارجية والداخلية ، ومن بينها احترام حقوق الانسان، والمشاركة فى بعثات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة، ومستويات الجريمة العنيفة.
ورغم ان انتاج السلطنة من النفط 805 آلاف برميل يوميا ، ويمثل 63 فى المئة من دخلها القومى، وهو يعتبر محدودا قياسا بدول اخرى، الا انها استطاعت توظيف عائداته بشكل جيد فى تحسين الخدمات وتنفيذ مشروعات تنموية ،ويلحظ الزائر ان الجبال التى تتخلل العاصمة قد تم تطويعها وشقها وزراعة بعضها مما يعكس قوة الارادة.
ويواجه الاقتصاد العالمى أزمة باتت تهدد قطاعا كبيرا من الدول وخصوصا التى تعتمد على النفط لانهيار اسعاره ، ويرى أحمد بن عبد النبي مكي وزير الاقتصاد العماني، إن السلطنة مثلها مثل بقية دول العالم ستتأثر بتداعيات الأزمتين العالميتين المالية والاقتصادية، غير أن المركز المالي الجيد الذي تتمتع به البلاد نتيجة للسياسات المالية التي اتبعتها الحكومة خلال فترة إزدهار أسعار النفط، والتي تمثلت في توجيه قسط من الفوائض النفطية إلى تعزيز الاحتياطيات المالية، وتخفيض حجم الدين العام،مما سيعزز من قدرات الاقتصاد الوطني في التصدي لتداعيات هاتين الأزمتين ،لكنه أقر ان اقتصاد بلاده في عام 2009 سيتأثر بجملة من العوامل المتباينة. فمن ناحية سيؤثر سلبا على أدائه الانخفاض المتوقع في أسعار النفط وحصيلة الصادرات غير النفطية، ومن ناحية أخرى ستؤثر كل من الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط وبعض القطاعات الأخرى والتزام الحكومة بالاستمرار في تنفيذ المشاريع المخططة ومواصلة الحفاظ على المستويات الحالية للإنفاق على الخدمات الاجتماعية، إلى جانب توقع تحسن أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية الأخرى، إيجابا على أداء الاقتصاد الوطني.
ويبدو ان السياحة تجد هناك اهتماما لافتا باعتبارها من القطاعات الرئيسية التي تستهدفها استراتيجية التنويع الاقتصادي ،حيث ان المساهمة النسبية لقطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007 بلغت نحو 2.9 فى المئة ،والسلطنة من الدول التي تمتلك مقومات تؤهلها لأن تكون من مصاف الدول السياحية المتقدمة في الوطن العربي والخليج، لكنها تسير بهدوء، وبعيدًا عن الأضواء والصخب، وهي سياسة تبدو مريحة للمواطن العماني وللمسؤولين العمانيين الذين يفضلون السياحة المتوازنة البعيدة عن الضجيج.
وفي عمان تتنوع أوجه السياحة ، ولكن عُمان ربما لا تزال غير معروفة كبلد سياحي بالشكل المطلوب، ويعتقد بعض العاملين فى القطاع ان عمان تهتم كثيرًا بسياحة « النخبة»،الا أن الفترة الأخيرة شهدت زيارة وفود أوروبية بعد السياح الخليجيين، فهناك طقس مناسب ومعتدل، وشواطئ تمتد 1700 كيلو متر،حيث يحيط بها الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب،وهناك صلالة في جنوب البلاد التي لم يسمح لي ضيق الوقت بزيارتها ، وتتمتع المنطقة بأجواء ومناظر خلابة جعلتها قبلة للسياح.
وتتميز عمان بسياحة متنوعة جعلتها ضمن الخيارات الأوروبية، فهناك سياحة دينية، وهناك سياحة علاجية، وهناك سياحة المغامرات مثل تسلق الجبال، وبها عدد من الكهوف تعتبر من الكهوف الفريدة على مستوى المنطقة، مثل « كهف الكوته»، وكهف «مجلس الجن»، وغيرها من الكهوف التي تعد من اكبر الكهوف في العالم .
وهناك سياحة حب الاستطلاع التاريخية، فعمان لديها أكثر من 500 قلعة وحصن.
سألت مرافقي وهو صحفي عماني عندما كنا نتجول في مسقط: أين آثار الإعصار الذي ضرب بلادكم في يونيو 2006 ، وأحدث دمارًا كبيرًا في البلاد، فرد زميلي ، انها أوقات صعبة كثيرًا على عمان،تكاد تؤخر السلطنة عقودا ، ولكنها استطاعت أن تتجاوز هذه الأزمة بشكل كبير بفضل العزيمة والإرادة، وخلال أقل من 5 أشهر أعيد بناء مسقط من جديد، ودون أن نمد أيدينا لأحد، حيث رفضت السلطنة أن تأخذ مساعدات من أي بلد كان، « فالإعصار أعطانا القوة دون أن نطرق الأيادي».
وفي جولة أخرى مع مهندس سوداني يقيم هناك، أثنى على التعامل مع المقيمين وخصوصا السودانيين الذين يحظون باحترام وتقدير كبيرين،من المواطنين والمسؤولين العمانيين على حد سواء،وقال ان المقيم يشعر انه يجد معاملة المواطن،وحتى أمام القانون والمحاكم،لا توجد تفرقة بين مواطن ووافد، وروى لي انه كسب قبل أيام قضية رفعها ضده مواطن طلب منه اخلاء الشقة التي يستأجرها منه، وامتدح السلطان قابوس بن سعيد الذي اصدر مرسوما بمنع اخراج أي مستأجر للسكن قبل سبع سنوات، الا اذا اراده سكنا لأحد أبنائه مع اثبات ذلك امام القضاء،وادى ذلك الى وقف ابتزاز اصحاب المنازل الذين يخيرون المستأجرين بين زيادة اسعار الايجار او اخلائها.
وفي اماكن عامة حرصت أن استطلع المواطنين عن رأيهم في السلطان بن قابوس، فوجدت رضا واحتراما و تقديرا يحظى به لدى شعبه ،ويستند هؤلاء في مواقفهم في انه يوظف موارد بلادهم لراحتهم ورفاهيتهم، وان السلطان لا يسمح لأي فرد في الأسرة الحاكمة ان يستغل نفوذه في الاستئثار بالمال العام، والتضييق على الناس في التجارة والاستثمار،أو تجاوز القوانين،وان أي معلومات تصل الى السلطان عن تجاوز يتعامل معها بحسم ،كما أن مستوى ما انجزته حكومته في الخدمات والتنمية مصدر ارتياح لدى المواطن.
النور احمد النور :الصحافة
[/ALIGN]
Exit mobile version