الحل السهل، الغالي الكلفة!

[JUSTIFY]لو كانت الحكومة السودانية حكومة مخادعة وغير أمينة مع نفسها، ولا تعمل بشفافية مع مواطنيها فما أسهل أن تدع كل الأمور تمضي الى نهاياتها بحيث ينهار الاقتصاد السوداني جملة واحدة.
لقد كان ولا يزال فى مقدور الحكومة أن تحل كل هذه التعقيدات بضربة بسيطة واحدة، فالمشكل الاقتصادي فى السودان ارتبط بطريقة أو بأخرى ظاهرة أو مستترة بطبيعة علاقة السودان بدول عظمى معروفة مثل الولايات المتحدة، فقد كان بوسع الحكومة أن تقرّ لواشنطن بكل شيء وتنفذ كل ما تطلبه وتسقط عنها العقوبات الأمريكية وتدور فى فلك واشنطن، ولا تعاني من أي إشكالات.
إن الاختيار السوداني القديم لاستقلال القرار والنأي عن المحاور الدولية والدوران فى فلك الكبار هو ثمن سياسي كانت ولا تزال ترى الحكومة السودانية انه الثمن الواجب السداد حتى لا يُسدد من سيادة الدولة السودانية.

وعلى الرغم من أن السودان استطاع أن يقطع مسيرة ربع قرن من الزمان وهو بعيد جداً عن المساعدات الأمريكية والمساعدات والعون الغربي عموماً إلا أن ذلك لم يثنه عن إقامة مشروعات تنمية ضخمة مثل السدود الكبرى فى مروي وكجبار والروصيرص ونهر عطبرة، تلك السدود التى تقف شاهداً على إمكانية عمل المستحيل واجتياز حاجز التحديات.
لقد استطاع السودان – دون دعم غربي – أن ينجز مشروعات النفط واستخراجه وتصديره وأن يدخل نادي النفط من أوسع أبوابه فى سنوات وجيزة بجهده وكده وعرقه ومعاناته. واستطاع أن ينشئ مئات الأميال من الطرق المسفلته الرابطة بين أجزائه بما لم تجرؤ أية حكومة سابقة للحكومة الحالية على أن تنجزه، واستطاع أن يقيم عشرات الجسور على النيل حتى تصبح حركة الناس والبضائع سهلة واستطاع أن ينشئ عشرات المصانع العملاقة أبرزها مصنع سكر النيل الأبيض ومصانع جياد والعديد من المصانع التى كانت مجرد أحلام وآمال تراود من سبقوا الحكومة الحالية ولكنهم لم يتمكنوا من تحقيقها.
هنالك أيضاً عشرات الجامعات السودانية التى أحدثت نقلة وعلامة فارقة فى مسار التعليم العالي فى بلد كان التعليم فيه مقصوراً على من يستطيع، وكانت جامعاته تعد على أصابع اليد الواحدة.

هذه الانجازات الهائلة التى لا يمكن لحكومة محاصرة اقتصادياً ومعاقبة دولياً أن تنجزها تقف خير شاهد على انجازات الحكومة السودانية، ولهذا فإن أي قارئ متمعن بموضوعية لحقائق الواقع فى الاقتصاد السوداني عليه ألا يغفل هذا الكم الهائل من الانجازات التى تمتت بالاعتماد على الموارد السودانية بالدرجة الأولى لأن المكون الأجنبي والخارجي معدوم أو بنسبة ضئيلة للغاية.
حكومة استطاعت أن تفعل كل ذلك من الطبيعي أن تواجه تحديات وعقبات وأن تلجأ الى تدابير، وفى العادة فإن التدابير لابد أن يشرك فيها المواطنين لأن ريع هذه الانجازات إنما يعود على المواطنين.
لقد كان من السهل جداً -ومنذ البداية- أن تركن السلطة الحاكمة الى القوى الدولية العظمى وفى مقدمتها الولايات المتحدة وتعيش عالة عليها وتصبح كل رفاهية السودان تأتيه رغداً من كل مكان، ولكن بثمن غالي الكلفة أبدلته الحكومة بثمن أكثر كلفة، ولكنه يصون ماء الوجه ويحمي سيادته ووطنية الدولة.[/JUSTIFY]

سودان سفاري
ت.ت

Exit mobile version