ويقول الدكتور بروس أوفبياجيل من المركز الطبى فى جامعة كاليفورنيا فى لوس انجلس إن “العلماء يركزون بشكل أساسى على الكوليسترول الرديء” LDL” من أجل خفض الاصابة بالجلطة الدماغية”. ويضيف أوفبياجيل “لكن النتائج التى توصلنا إليها أظهرت أن الانواع الاخرى من الكوليسترول قد يكون لها ارتباط أقوى بالجلطة الدماغية”.
ووجدت الدراسة التى نشرت منذ بعض الوقت فى “جورنال نيورولوجي” أن الذين لديهم مستوى مرتفع من كوليسترول LDL لم يعانوا من ازدياد خطر الاصابة بجلطة atherosclerotic، وهى عبارة عن انسداد مجرى الدم إلى الدماغ.
وأجرى أوفبياجيل دراسة على 1049 شخصاً أدخلوا إلى مستشفى الجامعة بعد إصابتهم بجلطات دماغية من بينهم 247 كانوا يعانون من جلطة atherosclerotic من أجل معرفة العلاقة بين الكوليسترول والجلطة الدماغية.
ولكن ما هو الكوليسترول، وهل يمكن علاجه او تحاشيه؟
الكوليسترول هو أحد أنواع الدهون التى يحتاجها الجسم لبناء الصحة السليمة. ولكن بسبب ارتباط الكوليسترول بأمراض القلب، يربط الناس الكوليسترول دائماً بالعوامل السلبية له. غير أن الكوليسترول هو من العوامل الهامة جداً فى تكوين أغشية الخلايا وهو عنصر حيوى فى تكوين جميع خلايا الجسم وعملها.
يعتبر الكوليسترول أيضاً عاملا أساسيا فى تكوين بعض أنواع الهرمونات. وعندما يرتفع مستوى الكوليسترول وثلاثى الجلسريد “وهو نوع من أنواع الدهون أيضاً” فى الدم، ترتفع بالتالى نسبة الدهون التى تحتوى على الكوليسترول فى الأوعية الدموية. ومع مرور الوقت تقوم هذه الدهون الزائدة بسد الشرايين وتضييقها وبالتالى تهدد كمية تدفق الدم فى الجسم وتتسبب فى حدوث ما يسمى بتصلب الشرايين.
ويؤدى ضيق الشرايين حول القلب “أمراض الشرايين التاجية” إلى منع وصول الكمية الكافية من الأوكسجين إلى الدم. وذلك يعنى ازدياد فرص حدوث أزمات قلبية. كما الحال فى نقص كمية تدفق الدم فى المخ قد يسبب حدوث سكتة دماغية.
وارتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم لا يسبب أية أعراض ظاهرة. والطريقة الوحيدة لاكتشاف هذه الحالة هى القيام بعمل اختبار دم.
وهناك نوعان من البروتين الدهني، الأول منخفض الكثافة”LDL” ، وهو يحتوى على 25% بروتين و45% كوليسترول ويسمى “LDL”أى كوليسترول منخفض الكثافة. وينتشر “LDL” فى مناطق مختلفة من الجسم وأحياناً يترسب فى جدار الشرايين لذلك فهو يكون نوع بروتين سيئ فى بعض الأحيان وذلك عندما تزيد نسبة ترسبه فى الدم.
والثاني، بروتين عالى الكثافة “HDL” ويحتوى على حوالى 50% بروتين و20% كوليسترول. وهذا النوع من الكوليسترول يسمى “HDL” أى كوليسترول عالى الكثافة.و يساعد “HDL” على إزالة الكوليسترول الزائد فى الجسم، لذلك فهو ذو فائدة عالية فى بعض الأحيان.
وهناك بروتين منخفض الكثافة جدا ويدعىً “VLDL” يحتوى هذا النوع من البروتين على ثلاثى الجلسريد وكمية قليلة جداً من البروتين والكوليسترول.
ويقول العلماء ان من المفضل أن تكون نسبة “LDL” أو الكوليسترول المنخفض الكثافة قليلة جداً ونسبة “HDL” الكوليسترول المرتفع الكثافة” تكون عالية حيث أن ذلك يساعد على انخفاض فرص الإصابة بانسداد فى الشرايين التاجية.
ويمكن أن تكون نسبة الكوليسترول المنخفض الكثافة عند بعض الأشخاص مرتفعة عن المعدل الطبيعى وذلك بسبب الجينات الوراثية أو أسلوب الحياة أو كلاهما. وحيث أن الجينات يمكن أن تزود الجسم بخلايا لا تساعد الجسم على التخلص من “LDL” بشكل فعال وسليم. أو أن يقوم الكبد بإفراز الكوليسترول بشكل كبير.
ويمكن أيضاً أن تكون نسبة إفراز “HDL” منخفضة فى الجسم نتيجة الجينات الوراثية أيضاً.
وقد تؤدى نسبة الكوليسترول العالية فى الدم إلى الإصابة ببعض أمراض القلب بالإضافة إلى بعض أنواع السرطانات. وتحدث هذه الأمراض نتيجة تراكم الدهون على جدار الشرايين وتسبب ضيق أو انسداد فيها.
ويعتبر تصلب الشرايين من الأمراض الصامتة وغير المؤلمة ولكنها تسبب ضعف فى كمية تدفق الدم.
إذا حدث انخفاض فى كمية تدفق الدم فى الشرايين المحيطة بالقلب “الشرايين التاجية” فقد يؤدى إلى حدوث ألم بالصدر وهو المعروف بالذبحة الصدرية. وعندما تزيد حجم الكتل التى تتراكم على الشرايين، يصبح التجويف الداخلى للشرايين أكثر خشونة. ويمكن أن يحدث تجلط دموى فى المنطقة ويؤدى إلى إعاقة تدفق الدم فى الشرايين.
ومن بين العوامل التى تؤدى الى ارتفاع نسب الكوليسترول:
– قلة النشاط: عدم القيام بالتمارين الرياضية بشكل دورى يساعد على تقليل نسبة الكوليسترول “HDL” العالى الكثافة.
– البدانة: زيادة وزن الجسم بشكل كبير يزيد من نسبة ثلاثى الجلسريد فى الجسم ويخفض من نسبة “HDL” ويزيد من نسبة البروتين المنخفض الكثافة جداً .
– النظام الغذائي: يتوفر الكوليسترول فى أنواع الأطعمة الحيوانية مثل “اللحوم، البيض والجبن” تناول الأطعمة الغنية بالدهون والعالية الكوليسترول تساهم فى زيادة نسبة الكوليسترول فى الدم. وتزيد أيضاً الدهون المشبعة من نسبة الكوليسترول والدهون غير المشبعة المتعددة تخفض من نسبة الكوليسترول فى الدم ولكن قد تساعد على الأكسدة مع مرور الوقت تعمل الأكسدة على بناء كتل داخل الشرايين. أما الدهون الأحادية غير المشبعة تخفض من نسبة الكوليسترول ولا تساعد على حدوث الأكسدة.
وهناك عوامل أساسية تزيد من فرص ارتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم وقد تؤدى إلى حدوث تصلب فى الشرايين، وهى:
– التدخين: تدخين السجائر يعمل على تدمير جدار الأوعية الدموية فى الجسم ويجعلها أكثر عرضة لتكوين كتل دهنية. كما يساعد التدخين أيضاً على خفض نسبة “HDL” فى الدم إلى 15%.
– ضغط الدم المرتفع: يقوم ضغط الدم المرتفع بتدمير جدار الشرايين، وبالتالى يكون الجسم أكثر عرضة لتراكم الكتل الدهنية على جدار الشرايين
– النوع الثانى من السكر: يظهر هذا النوع من الداء السكرى غالباً بعد سن الأربعين. وينتج عن هذه الحالة تجمع وتزايد لنسبة السكر فى الدم. ارتفاع نسبة السكر بشكل مزمن قد يؤدى إلى حدوث ضيق فى الشرايين.
– وجود تاريخ عائلى لحدوث تصلب الشرايين: إذا كان أحد أفراد العائلة “من الدرجة الأولي” قد أصيب بتصلب الشرايين قبل سن 45 فإن فرص ارتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم تكون أكثر من المعدل الطبيعي.
وينصح الأطباء باجراء اختبار لمستوى الكوليسترول فى سن العشرين كل 3 إلى 5 أعوام. إذا كانت نسبة الكوليسترول لا تتناسب مع المستوى المطلوب فيجب القيام بهذا الاختبار بشكل دوري.
ويعتبر تغيير نظام الحياة هى الخطوة الأولى لتحسين مستوى الكوليسترول وثلاثى الجلسريد فى الدم.
تتضمن هذه الخطوات نظام التغذية السليم، القيام بالتمارين الرياضية وعدم التدخين. ولكن فى حالة تغيير نظام الحياة، واتباع هذه التعليمات ومازالت نسبة الكوليسترول مرتفعة، فسوف تحتاج إلى علاج دوائى تحت إشراف الطبيب.
ونسبة الكوليسترول المنخفض الكثافة “LDL” هو الفيصل فى تحديد مستوى الكوليسترول فى الدم.
فإذا كنت لا تعانى من أية عوامل خطرة لحدوث أمراض القلب، وإذا كان مستوى “LDL” أكثر من 190 فأنت بحاجة إلى علاج دوائي. أما إذا كان لديك عامل أو اثنين من العوامل الخطرة لحدوث أمراض القلب والتى ذكرناها سابقاً وإذا كانت نسبة “LDL” أكثر من 160 فأنت بحاجة إلى علاج دوائي. وإذا حدث ضيق أو إنسداد فى الشرايين القريبة من القلب “الشرايين التاجية” وتسببت فى منع تدفق الدم بشكل طبيعى لتغذية القلب بالأكسجين فأنت بحاجة إلى تغيير نظام الحياة إلى جانب العلاج الدوائى الذى يقرره الطبيب لبقاء مستوى “LDL” بدرجة أقل من 100.
ولكن هل يجب أن تكون مستويات الكوليسترول دائما منخفضة جدا؟
يطرح الباحثون هذا السؤال على نحو متزايد، فالانخفاض الشديد فى مستويات الكوليسترول الكلى ما دون 160ملغم/100 يمكن أن يكون خطرا. فقد ظهرت فى الآونة الأخيرة أدلة على أن الانخفاض الشديد فى مستويات الكوليسترول لا يكون آمنا فقد يعانى هؤلاء الأشخاص من مشاكل عديدة فهم أكثير ميلا من غيرهم بمقدار الضعف للإصابة بسكتة نزيفية أو الموت من داء رئوى مزمن أو الإقدام على الانتحار، كذلك فهم أكثر ميلا بـ 3 مرات للإصابة بسرطان الكبد.
ويرجع السبب فى ذلك حاجة الأغشية الهشة التى تغطى الخلايا الدماغية لمستوى معين من الكوليسترول لكى تؤدى عملها بالشكل المناسب، أما عن العلاقة بين مستويات الكوليسترول المنخفضة والإصابة بالإكتئاب فقد كشفت دراسة قامت بها الدكتورة اليزابيث باريت من جامعة كاليفورنيا عن أن الرجال الذين لديهم مستوى كوليسترول منخفض أقل من 160 يكونون أكثر ميلا للمعاناة من أعراض الاكتئاب والسبب فى ذلك هو انخفاض الكوليسترول يمكن أن يقلل إلى حد ما من تركيز السيروتونين الناقل العصبى المسئول عن البهجة والسرور فى الإنسان ونقص هذا الناقل يؤدى إلى زيادة الاكتئاب والعدوان.
وهكذا، فان الكوليسترول عدو حقيقي، ولكنه صديق لا بد منه. والأمر كله يتوقف على التوازن. إذا زاد قتلك. وإذا نقص قتلك أيضا.
العرب اولاين [/ALIGN]