المتعة في مناكفة الأطفال (١)

المتعة في مناكفة الأطفال (١)
[JUSTIFY] منذ سنوات وانا أفكر في إنجاز رواية مصورة أو قصة طويلة للأطفال، ولا يحملني على ذلك كوني واثقا من قدراتي الفنية من حيث تكنيك وفنيات الكتابة، فواقع الأمر هو أنني جاهل تماما بهذه المسائل عن عمد، ولا ألتفت قط في أي عمل إبداعي أقرأه إلى الجانب الميكانيكي فيه، لا يهمني كيف لجأ المؤلف الى هذه الوسيلة أو تلك ليقول ما يريد قوله، بل يهمني على نحو أساسي مقدار المتعة التي أجدها في ذلك العمل، ويعني هذا ضمنا أنني لا أعبأ كثيرا بما إذا ما كان ما اقرأه يندرج تحت بند ما يسمى بالأدب أو الفن الهادف، بل لا أعرف على وجه التحديد كيف يكون الإبداع هادفا أو زاحفا، ولا لماذا لا يكون حصولي على المتعة منه «هدفا»؟

المهم أنني أحس بأنني قادر على كتابة شيء يقرأه الأطفال ويستسيغونه، لا لشيء سوى أنني، في ما أحسب، أجيد التعامل مع الأطفال وأستطيع مجاراتهم في طفوليتهم، فمن هواياتي العجيبة قراءة الكلام المكتوب بخط رديء، الذي يكون حافلا بالأخطاء الإملائية والنحوية، ومنها أيضا الدخول في تطويع الأطفال الكثيري البكاء والطنطنة، واذكر أنني كنت مسافرا ذات مرة من لندن إلى الدوحة عندما تم إبلاغنا في صالة المغادرة بمطار هيثرو بأن الطائرة ستتأخر قليلا، ولأن الطائرة عربية فقد كانت «قليلا» تلك تعني بضع ساعات، ولأن الطائرة كانت عربية لم يحفل القائمون على أمرها بأمر الركاب وتركونا نعاني من الجوع والعطش مما خلق مناخا من التوتر والعكننة. وكان زوجان بريطانيان يجلسان إلى جواري في الصالة، ومعهما طفلة تجاوزت عامها الأول بقليل، وفتحت الطفلة حلاقيمها وبلاعيمها بالبكاء والنشيج، ولم تؤدِ هدهدة ابويها لها إلى إسكاتها، فاقتربت منها حاملا سلاحا أعرف أن الصغار لا يستطيعون مقاومته: نظارتي الطبية، مددت إليها النظارة وانا أهزها يمنة ويسرة، فمدت يدها إليها فسحبتها منها، فقدمت عرضي مجددا لأسحبه بمجرد مدها ليدها، وانتهى الأمر بأن رضيت بأن احملها مقابل حصولها على النظارة، وتحايلت عليها حتى استرددت النظارة، وحملتها على ظهري وطفت بها أركان الصالة وهي تقهقه إلى أن طلبوا منا ركوب الطائرة، وحاول والدا الطفلة استردادها ولكنها رفضت تركي، ولم يكن من مناص سوى أن تجلس فوق ركبتي، وكانت بضعة مقاعد تفصل بيني وبين والدي الطفلة اللذين أحسا بحرج بالغ لأن ابنتهما ارهقتني، ولكنهما لمسا مني رغبة صادقة في ملاعبة البنية فاستسلما للنوم، وخاصة انهما كانا قادمين من ادنبرة، وما أدراك ما أدنبرة، التي يتحول أهلها إلى حمر مستنفرة من فرط تعاطي بعض المشروبات ذات الروائح غير العطرة.

المهم أن الطفلة ظلت تقهقه وتنطط فوقي لنحو ثلاث ساعات حتى هدت حيلي وقواي، فهي وإن كانت دون الثانية فإنها كانت تزن نحو ١٥ كيلوجراما: تخيل نفسك في مقعد ضيق في طائرة عدة ساعات، حاملا جهاز تكييف هواء او تلفزيون ١٨ بوصة نصفه الأسفل ملفوف بالبامبرز وانت تسنده بكلتا يديك (لا تخافوا عليها من عيني لأنها ليست عين حسود، كما أن أباها رأف بحالي ونبهني إلى أن البنت سترهقني لأنها «فات» على حد تعبيره، فقلت في سري: هذه فاتت «فات» بعدة كيلوجرامات).. على كل حال حصل خير ونامت البنت وتسلمها أهلها لنحو ساعتين مارست خلالهما الرياضة لتسترد عضلاتي مرونتها تأهبا لحملها بعد استيقاظها.. ولكنها لم تبق معي طويلا خلال الجولة الثانية: فكلما مدت يدها إلى نظارتي صحت فيها بهدوء: نو.. نو وإذا حشرت رجلها في فمي صحت: نو..نو، فاضطرت الى العودة إلى ذويها لتمارس معهم الحركات التي تعلمتها مني. وللحديث بقية إذا كان في العمر بقية.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

Exit mobile version