نفيسة صديق : غارة اجتماعية

[JUSTIFY]جميل جدا ان يزورك الناس فى منزلك وجميل ان ترد زيارتهم فهكذا يكون التواصل الاجتماعى ..ولكن شكل هذه الزيارة هو ما يحدد ان كنت ترغب فيها ام لا؟وهل هى زيارة سعيدة ام تتركك فى حال من الغم من العيار الثقيل ؟ولندخل الكاميرا الى منزل انيق تتعب صاحبته كثيرا فى ترتيبه والحفاظ عليه نظيفا ..وحتى اطفالها تربوا على هذه النظافة والحفاظ عليها وظل بيت امال مرتبا محافظا على جماله الى ان سكنت بالقرب منهم فائقة ! وعيالها الخمس !وذهبت امال لزيارتها كعادة اهل السودان فى الترحيب بجيرانهم الجدد ودعتها لزيارتها ..فرحبت فائقة بصوتها الضخم وضحكاتها الرنانة بذلك ..ولم يمض يوم واحد حتى كانت تطرق الباب لتستقبلها امال مرحبة ومع فائقة ابنتها الصغيرة ذات العام الواحد ..جلست امال ترحب بها فى صالونها الانيق وتحركت الطفلة الصغيرة لتمسك باحدى الانتيكات الرائعة التى تفخر بها امال لانها هدية من اخيها الذى جلبها لها من الصين امسكت الطفلة بها رفعتها الى اعلى وطار قلب امال واسرعت تنقذ الانتيكة تسبقها صيحتها المزعورة الا ان يد الطفلة كانت اسرع فى الاطاحة بالتحفة الجميلة لتنزل الى الارض قطعا صغيرة ..وتوقف الزمن عند امال والغضب والحزن يملان قلبها ..ثم تحاملت على نفسها مواسية لها بان اجلها قد حان اقصد التحفةلا امال ..ومن الغريب ان فائقة لم تحرك ساكنا ولم تعتذر عن تصرف ابنتها ابدا الامر الذى ادهش امال التى ظلت تستمع الى حديثها المتدفق بنصف اذن وتتمنى ان تغادر حتى لا تتسبب ابنتها فى كارثة اكبر ..ثم سمع خبط على الباب الخارجى الذى فتح ليتفق بقية الاطفال الى الداخل تسبقهم صيحاتهم وشكواهم من بعضهم البعض ..صرخت فيهم امهم مؤنبة لهم على حضورهم اليها فى منزل الجيران ..ثم التفتت الى امال تكمل حديثها ..جلس الاطفال قرب المرأتين فى صمت اولا ثم تعالت اصواتهم ..خرجت امال الى المطبخ لتعود بعدها حاملة صينية بها عصير ناولتهم اياه وعادت لمجلسها قرب فائقة ..سالها احد الاطفال ان كان لها اولاد ؟فاجابت :نعم انهم فى غرفتهم يلعبون ..ودون سابق انذار تحرك اولاد فائقة بسرعة تفوق اسم امهم الى داخل المنزل يبحثون عن اولاد امال فى كل الغرف ..وجاءتها صيحات الترحيب تخبرها انهم قد وجدوهم ؟؟ياللهول ..لاتريد لاولادها ان يصادقوهم ابدا ..فالحال الذى جاءوا به يطلق جرس الخطر عند كل ام ..كانت ملابسهم متسخة جدا ..واظافرهم طويلة قذرة ..ولم تكلف فائقة نفسها عناء تهذيب شعر بنتيها فكان مهملا بشعا اغبرا ..سمعت احتجاج اولادها المفاجئ فاسرعت لانقاذهم من الغارة التى حدثت عندهم فطالعها منظر اغضبها كثيرا ..فاحد الاولاد وهو فى العاشرة تقريبا قد امسك باحدى الالعاب الالكترونية الغالية الثمن ليلعب بها وهو يحركها فى عنف وعدم خبرة ويجرى وابنها يطارده يحاول الامساك بها هباء فاولد كان اكبر واطول منه وهو يضحك فى سرور شرير وانفصلت من القابس الكهربائى فى دوى وشرار كثيف احرقها فورا ..وبكى ابنها فى حرقة ..رفعت امال يدها لتصفع الولد فى حرقة غضبها الكبير الا انها لم تفعل وانزلت يدها وهى تستغفر ..وتحاول ان تهدئ انفعالاتها ..كانت غرفة اطفالها قد تحولت الى ساحة معركة وكل اللعب تناثرت وتحطمت والاغطية على الارض جميعها ..والعصير الذى كان يشرب منه اولاد فائقة مسكوبا على الارض وعلى الفرش ..حاولت امال اخراجهم من الغرفة بالذوق اولا ثم استعملت العنف لتخرجهم منها ..وهى تحاول ان تهدئ من روع اطفالها .الباكين ..عادت بهم الى الصالون حيث وجدت فائقة قد استلقت على الاريكة تغط فى نوم عميق ..صعقت لمنظرها ..لم يخطر ببالها ابدا انها تستطيع النوم فى منزل اخر وهى زائرة له !جلست قربها غارقة فى دهشتها وغضبها ..استيقظت فجاة على اثر صيحة اطلقتها ابنتها الصغيرة وهى تحاول ان تاخذ المسند من تحت قدمى اختها التى كانت تجلس على الكرسى وترمى المساند على الارض وتجرى عليها جيئة وذهابا ..نهضت فائقة وهى تتمطى وتنظر الى اولادها مبتسمة :لعبتوا؟ اجابتها امال الغاضبة وهى لا تستطيع اخفاءه :كثير جدا ودمروا العاب اولادى ..نظرت اليهم فائقة بلا مبالاة :صحيح ؟ عندك سندوتش صغير يا امال ؟اشعر ببعض الجوع ..سكتت امال فى ذهول ..اولا ثم نهضت الى المطبخ يتبعها كل اولاد فائقة يطالبون بسندوتشات لهم ايضا ..وعند نهاية زيارتهم كان الصالون غير الصالون .اذ تبقعت كل الكراسى والكنبات) من دهن الاكل وبقاياه وعلى السيراميك الجميل تناثرت فتافيت الخبز والاكل ومفرش المنضدة الجميل اصبح لوحة سيئة من الالوان المتنافرة من العصير والدهون ..واحد الاطفال الصق المربى على الحيطان فى جميع الزوايا ! كيف فعل ذلك؟ولم تدرى امال اتبكى ام تصرخ ام ترحل الى مكان اخر ..ومنذ ذلك اليوم لم تعد تفتح بابها لفائقة ولم تزرها ابدا فهى لا تحتاج الى غارة اخرى كغارة الامريكان على العراق بحثا عن اسلحة الدمار الشامل التى لم توجد اصلا ولكن فائقة واولادها هم الدمار الشامل حمانا الله واياكم من هذه النوعية من الامهات ..

صحيفة الوطن

[/JUSTIFY]
Exit mobile version