استعرضنا بالأمس والأول منه قصة دخول وفد الجزيرة الرسمي والشعبي للقصر الجمهوري ومقابلة الرئيس. بدأنا القصة من اجتماع جامعة افريقيا ثم برج الفاتح ثم دخول القصر وحديث الوفد المقتضب ثم بدأ السيد رئيس الجمهورية بالقول إنه لم يكن يعلم أن هناك وفدا شعبيا من الجزيرة أتى لمقابلته إلا قبل دقيقتين؛ إلا لكان أتى بالمسؤولين الحكوميين لحضور اللقاء لأن الرئاسة تعمل بمؤسسية ولا يمكن أن تكلف شخصا ثم تهمشه فأخذ أعضاء الوفد ينظرون لبعضهم البعض ولسان حالهم (الله , معقولة دي بس امال الفندق والتحضير والويو وييو ويو كانت ليه ؟) ثم ألقى خطابه الذي أكد فيه أنهم يعلمون أن الوضع في الجزيرة ليس على ما يرام وأن الجزيرة هي المستهلك الأكبر لحصة السودان من مياه النيل وأنها أضحت عبئا على الخزينة العامة منذ زمن بعيد وأنها تشكو تدني الإنتاجية وتدني التقنية وأن قانون مشروع الجزيرة شاب تطبيقه الكثير من الأخطاء خاصة فيما يتعلق بالتركيبة المحصولية وقضية الأرض وهاجم مجلس الإدارة السابق ووصفه بأنه ورط الدولة بفرض وجودها بين الملاك والمزارعين وأنه شخصيا ليس مع امتلاك المزارع للحواشة وأن الولاية هي الأخرى لن تستطيع إدارة هذا المشروع لذلك سيظل قوميا وأن مشروع الجزيرة لا يحتاج لحلول إسعافية أو معالجات مؤقتة إنما تغييرات جذرية ثم قلب الصفحة قائلا إن مشروع الجزيرة هو فرس الرهان بالنسبة لاقتصاد السودان في الفترة القادمة وأنهم كحكومة سوف يتخذون من السياسات ما سيجعل هذا المشروع يقف على أرجله لمصلحة البلاد ومصلحة المزارع وأنه هو بصفة شخصية يتعهد بتغيير الأوضاع في الجزيرة فيما تبقى له من سنوات في الرئاسة. وبعد نهاية كلمته صافح أعضاء الوفد فردا فردا وخرج.
والوفد ينصرف من القصر ساد شيء من الوجوم لا بل انقسام في الرأي فهناك إجماع على أن اللقاء لم يكن تفاكريا بل كان تنويرا من جانب رئيس الجمهورية. بعض ما ذكر كان يحتاج لتعقيب ثم ما سبب هذه الربكة التي صاحبت كل العملية؟ الواضح أن رئاسة الجمهورية قد اتخذت قرارها فيما يتعلق بأمر الجزيرة ولا تريد أن تفتح بابا للنقاش مع الوفد المعني أو وفود أخرى فكان ما كان والأهم أنه يبدو أن الدولة أرادت الرجوع للمشروع بقوة ولكن السؤال هل سوف تصادر الحريات التي منحها قانون 2005 للمزارع؟ أم أنه سوف يتم تلافي الأخطاء بتشريعات إجرائية؟ وهل ستعود الطريقة الإدارية السابقة بكل تكاليفها وجيشها الجرار أم سوف يمكن المزارع من إدارة أمره؟ ولكن الأهم هو أن تعلم الحكومة أنها هي التي فرضت الإدارات السابقة على المشروع وبالتالي يجب أن تتحمل مسؤوليتها فيما هو قائم الآن.
كما بدأنا هذه السلسلة بجامعة جامعة إفريقيا لابد من أن نختم بها ونتساءل هل احترقت بدخولها القصر ضمن وفد الولاية وترشيحاته؟ هل أعطتها الحكومة (بالجنب) وألحقتها كيان الجزيرة الموؤود؟ أم هل سوف يلتئم شملها من جديد وتكون منبرها الأهلي ويتسع صدر الحكومة الضيق لها وتعمل من أجل أهلها والمشروع وبالتوازي مع أجهزة الدولة والحكومة؟ في الجزيرة ململة وإحباط وغضب مكتوم وأشواق حقيقية للإصلاح وكما قال صلاح احمد ابراهيم كل خيرات الأرض والنيل هنالك,, ولكن مع ذلك.. مع ذلك.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]