إنها الكلمة الوحيدة التي تتضمن حريته واختياره ومزاجه وشخصيته ، إنه يفتح بيته وقلبه ونفسه وروحه ، ويستقبل روحا أخرى ، ويستضيفها ويأنس بها ، وينتعش بها كما ينتعش بدخول الشمس إلى غرفته ، ويحضر معها بوجوده كله ، بجسمه ،وطبيعته ، وعاطفته ، وعقله ، وثقافته ، ويستمتع معها بهذا الحضور الكامل ، بلا كراهية ، بلا أنانية ، بلا غيرة ، والرجل لا يستطيع أن يبلغ هذه الدرجة من الحب إلا بعد الثلاثين ،، الرجل في حُبِّه الأول يكون إفلاطونياً خجولاً ، وفي حبه الثاني يكون شهوانياً جسوراً ، وفي حبه الثالث يكون عطوفاً حنوناً ، وهو في هذه المرحلة يكون أحسن حبيب وأحسن زوج .
* بين الحب والكراهية : حينما تقول البنت لصاحبها ، أكرهك جدا ، لا أطيق رؤيتك ، أود أن أُطلق عليك الرصاص ، لقاء الموت أهون من لقائك ، حينما تمزق شعرها من البغض ، وتنشب أظافرها في الهواء من الغيظ ، تكون في حالة حب وليست في حالة كراهية ،، لا فرق بين الحب والكراهية ، كلاهما نار ، كلاهما اهتمام شديد ، وارتباط حار بين قلبين ،، ولولا الإهتمام ، لما كان الدم يفور هكذا ، ولا الأعصاب تتمزق ، والكراهية تكلف أكثر من الحب ، لأنها إحساس غير طبيعي ، احساس عكسي مثل حركة الأجسام ضد جاذبية الأرض ، تحتاج إلى قوة إضافية وتستهلك وقودا أكثر ،، الكراهية نمو إلى تحت ، وليست نمواً إلى فوق ، إنما نمو يتغذى على نفسه ويأكل بعضه ، ، والحب الذي ينقلب بسرعة من غرام ملتهب إلى كراهية ملتهبة ، هو الحب الشهواني الأناني الصغير الضيق الأفق الذي لا يُحالفه الفهم والعقل ،،
إن انتقاله فجأة إلى البعض لا يدل على انفتاح العقل على فهم عميق ، ولا يدل على انفتاح النفس على تسامح كريم ، ولا يكشف عن إحساسات روحية رحيبة ، وإنما هو يكشف عن شح وبخل شديدين ، ويدل على انحصار النفس في رغبة واحدة أنانية أو لذة محدودة ماتلبث أن تقلب الحب حقداً ،، حينما تبوء بالخذلان ، فتسحب البنت قبلاتها وتستبدلها بصفعة عاجلة ،، إنها لم تكن تحب رجلها في الحقيقة ، وإنما كانت تحب نفسها ، وتحب غرورها وكرامتها وراحتها ولذتها ، وكانت تحب فيه أن يقضي لها هذه الحاجات ، ثم أصبحت تكره فيه أنه خذلها ،،
نار الحب ونار الكراهية ، كانت نارا واحدة ، هي غرامها بنفسها ، وتلذذها بما يرضيها ، ورفضها لما يجرحها ويؤذيها ، ، الكراهية ، والغيرة والإنتقام ، عواصف شريرة
تنبع من الأنانية ، ومن نفس مغلقة شديدة الحرص على صالحها شديدة البخل بحبها ، شديدة الندم على أن يفوتها شيء ، قليلة الصبر على خذلانها ،،
الكراهية لا تدوم طويلا ، إنها تحرق نفسها مع الزمن من فرط العذاب ، ومن فرط الهم ،ثم تنفتح في النهاية على فهم أرحب للدنيا ، وعلى ادراك حنون لطبيعة الناس وطبيعة الأشياء ..
* الصداقة بين الرجل والمرأة : الصداقة بين الرجل والمرأة لم تكن موجودة زمان ،، كانت خلوة الرجل بالمرأة نادرة جدا لدرجة أن الإثنين لم يكونا يفكران أن يضيعاها في الثرثرة والكلام في السياسة ، وكانا يفضلان إنفاقها فيما هو عملي أكثر !
ولكنها الآن موجودة ، لأن البنات أصبحن موجودات بكثرة حول الرجل في المكاتب والمدارس ، ولهذا بدأ نوع جديد من العلاقة ينشأ بين الرجل والمرأة هو الصداقة ، التي لا تتعدى تبادل التحية والسؤال عن الصحة ، ولكنها مازالت علاقة هزيلة ، ليست فيها جدِّية صداقة الرجل بالرجل ، ولا جدية غرام الرجل بالمرأة ،،
يصادق الرجال النساء ، ولكنهم لا يشعرون أن هذه الصداقة ضرورية أبدا ،، أليس كذلك معاشر الرجال ؟
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]