كم نسبة العاملين في الحكومة من مجموع الشعب السُّوداني بل كم هي الزيادة التي (تبشِّر) بها الحكومة ممثَّلة في رئيس اتحاد نقابات عمال السُّودان الذي يعبِّر عن حزبه (المؤتمر الوطني) لا عن عمال السُّودان.. أقول كم هي نسبة الزيادة المنتظَرة بالمقارنة مع الزيادة المترتِّبة عن رفع الدعم عن الوقود والزيادات الأخرى في قوت الناس وحياتهم المعيشيَّة؟!
البنزين لوحده ستكون الزيادة المتوقَّعة في سعره «67%» فكم هي الزيادة المتوقَّعة في ارتفاع أسعار جميع السلع نتيجة لارتفاع كلفة النقل التي ستدخل في كل شيء من حياة المواطن الغلبان؟! أقول إنها لن تكون بأي حال أقل من «100%» بل ربما أكثر وإن شئتُم فقدِّروا بأنفسكم من واقع الزيادة في نسبة ارتفاع أسعار الدقيق والتي بلغت «25%» حتى قبل أن يُعلَن عن قرار رفع الدعم عن الوقود الذي كان ولا يزال طي الكتمان والتكهُّنات بالرغم من أنَّ تصريح غندور يؤكِّده ويمهِّد له حتى يمتصّ آثارَه الكارثيَّة على الشعب المغلوب على أمره وحتى يخفِّف من ردَّة الفعل لدى (عُمَّاله) المساكين!!
أقول إنَّه قبل أن يُعلَن عن رفع الدعم زادت أسعار الدقيق وكل السلع بنسبة «25%» وتفاعل السوق بصورة مجنونة فكيف بربِّكم سيكون الحال عندما يُعلَن القرار وهل تمثل زيادات غندور في أجور العُمَّال والتي ستُمنَح لشريحة هزيلة من الشعب معشار ما يترتَّب على القرار الكارثي المرتقَب؟!
أكثر ما يفقعُ المرارة الجرأة التي تتمتَّع بها هذه الحكومة وهي تُقدِم على قرارات لا يُقدِم عليها إلا المنتحرون فوالله العظيم لو رُفع الدعم عن الوقود بنسبة «5%» في ظل الأوضاع المعيشيَّة التي يعاني منها هذا الشعب لكان أمراً جللاً يستحقّ أن يستدعي جدلاً واسعاً ومعارضة عنيفة داخل البرلمان الذي يُفترض أنَّه يمثل الشعب لكن متى كان البرلمان برلمانًا للشعب وهو الذي يحرص معظم أعضائه على استرضاء السلطة التنفيذيَّة بأكثر مما يفعل مجلس الوزراء؟! والذي فطر السماوات والأرض إننا لن ننعم بالعافية ونتنسَّم عبير الحكم الراشد ما لم ينته عصر هيمنة الجهاز التنفيذي على كل مؤسسات ومفاصل الدولة وتقوم المؤسسات والهيئات الرقابيَّة بدورها كاملاً.
هل يشكُّ أحد في وكالة كومون؟! لا والله لن أشكَّ في أنَّها مناهضة للحكومة إلا إذا شككت في مناهضة وكالة السُّودان للأنباء للحكومة؟! كومون قالت في استطلاع للرأي إنَّ الرافضين لحزمة الإصلاحات الاقتصاديَّة برفع الدعم وإنفاذها في هذا التوقيت تبلغ نسبتهم «80%» ولكن برلمان حكومة المؤتمر الوطني الذي لا يهشّ ولا ينشّ مثله مثل اتحاد غندور الذي يمثل الحكومة بدلاً من أن يمثل عمال السُّودان يسير خلف الجهاز التنفيذي كالقطيع فهل هؤلاء جديرون بأن يمثلوا هذا الشعب في أي انتخابات قادمة؟!
لن أسأل الحكومة عن الإجراءات الأخرى التي تمثل بديلاً لا يُرهق كاهل الشعب فقد جفَّت حلوقُنا ولا أمل في أن تحترم الحكومة القوانين التي تحرِّم الممارسات الفاسدة بما في ذلك قانون ولاية وزارة الماليَّة على المال العام الذي يحرِّم التجنيب لكني أسأل البرلمان الذي كان ينبغي أن يأطر الحكومة على الحق أطْرًا ويُلزمها باحترام القوانين بل ويقيلها إن هي خرجت عليها خاصةً أنَّ خرق تلك القوانين هو المتسبِّب في إهدار المال العام وفي الفساد المستشري وفي تمدُّد شركات القطاع العام التي يمتلك حزب الحكومة كثيرًا منها كما تمتلك مراكز القوى داخل الجهاز التنفيذي نصيب الأسد ولو عولجت هذه البلاوى وسُدَّت منافذ الفساد والمفسدين لكان الحال غير الحال ولما احتاجت الحكومة إلى هذه الإجراءات القاسية التي سنقاومها رحمةً بهذا الشَّعب المقهور.[/JUSTIFY]
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة