الحكومة حائرة.. والمواطن خائف.. والمعارضة متحفزة

[JUSTIFY]هذه المتاهة السياسية زادت من خوف وجزع المواطنين من (بعبع) رفع الدعم.. فالمؤتمر الوطني الذي يقود الحكومة الآن يصرح قادته بأن رفع الدعم رهين بإ ستكمال التشاور.. ولا ندري مع من سيتشاور وقد صرحت معظم القوى السياسية المؤثرة بموقفها الرافض له..!
بدأ مسلسل رفع الدعم عن المحروقات والقمح خجولا وخفيفا على صفحات بعض الصحف قبل أسابيع.. ثم لم يلبث أن ارتفعت وتيرة حمى محاولات رفع الدعم بعد لقاءات مكوكية قام بها وزير المالية مع بعض الأحزاب والقوى السياسية في إطار كسب مباركة هذه القوى لسياسة رفع الدعم. مضى بموازاة هذا الخط السياسي الداعم للتوجهات الاقتصادية للدولة لقاءات لرئيس الجمهورية مع قادة الأحزاب والقوى السياسية كان آخرها اللقاء مع السيد محمد عثمان الميرغني بدار أبو جلابية ببحري الأحد الماضي .. وفي موازاة ذلك بذل المؤتمر الوطني جهودا تعبوية وماراثونية من أجل مساندة رفع الدعم، فالتقى بداره ببعض القوى السياسية المشاركة في الحكومة من أجل ضمان دعمها لهذا البرنامج الاقتصادي.
ما الحصيلة ..؟؟
ولكن ماهي حصيلة هذه الجهود السياسية المضنية التي هدفت إلى كسب تأييد سياسي واسع لقرارات اقتصادية تزمع الحكومة اتخاذها بشأن رفع الدعم ..؟؟
معارضة رافضة للتحليل
أما أحزاب المعارضة فقد رفضت أن تكون ممرا ومحللا لقرارات إقتصادية خطيرة ذات تأثيرات سياسية لا تقل خطورة، ولم تفلح اللغة الدبلوماسية الرقيقة التي تعامل بها المؤتمر الوطني مع قادة هذه القوى في تليين موقف المعارضة تجاه رفع الدعم. فقد عقد رئيس حزب الأمة مؤتمرا صحفيا رفض فيه بصراحة سياسة رفع الدعم وهاجم السياسات الاقتصادية للحكومة.. ثم مضى في طريقته الساخرة من الحكومة والحزب الحاكم مضيفا أن حزب الأمة لن يكون (بنشرا) للحكومة يصلح لها رقعها، والحزب الشيوعي السوداني أصدر بيانا واضحا فيه رفض لتلك القرارات جملة وتفصيلا بحسب صيغة البيان.. أما المؤتمر الشعبي فقد سخر أيضا من قرارات رفع الدعم ورفض أن (يبصم) بالموافقة على تلك القرارات.
من جملة (فكة) الأحزاب المشاركة في الحكومة
أما الأحزاب المشاركة في الحكومة فإن اللقاء الذي دعا له المؤتمر الوطني بداره الأسبوع الماضي برئاسة نائب رئيس الجمهورية الدكتور الحاج آدم وقد حضره فقط حزبان من جملة (فكة) الأحزاب المشاركة في الحكومة، والحزبان وهما الاتحادي الأصل وجبهة الشرق وافق مندوبيهما ضمنا على مقترح رفع الدعم عن المحروقات.
لم يكن مفوضا
لكن على صعيد الإتحادي الأصل يبدو أن وزير الإرشاد الذي حضر لقاء نائب الرئيس بدار المؤتمر الوطني لم يكن مفوضا، فقد كون رئيس الحزب السيد محمد عثمان الميرغني لجنة لدراسة رفع الدعم ورفع رؤيتها للحزب دون أن يحدد لها الحزب سقفا لتلك المهمة، وقد ذكر جعفر أحمد عبد الله عقب لقاء رئيس الجمهورية أن لجنة الحزب المكلفة برؤيتهم بشأن رفع الدعم سترفع قرارها في أسرع فرصة، مما يعني ضمنا أن الحزب الاتحادي لم يوافق بعد على رفع الدعم وأن زيارة الرئيس للميرغني لم تفلح في إعلان الحزب الإتحادي لمباركته لخطوة رفع الدعم. واللجنة التي كلفها الحزب لدراسة موضوع رفع الدعم لم يُعلن عن عضويتها ولا عن سقفها الزمني.
حتى إنتقل رئيس اللجنة نفسه للرفيق الأعلى
وهذا يذكرنا بلجنة المرحوم منوفلي التي شكلها الحزب في الديمقراطية الثالثة للنظر في شأن التشريعات والقوانين الإسلامية، ولم نسمع عن تقريرها حتى انتهت فترة الديمقراطية الثالثة وحتى إنتقل رئيس اللجنة نفسه للرفيق الأعلى.
هؤلاء .. لم نسمع لهم رأي حتى الآن
أما احزاب الحكومة الأخرى ممثلة في الإتحادي الديمقراطي جناح الدقير المسمى بــ (الإتحادي المسجل) ، أو أنصار السنة المحمدية، أو مجموعة أحزاب الأمة، أو الحركات الدارفورية المشاركة في السلطة.. فلم نسمع لهم رأي حتى الآن في هذه المسالة الحساسة الشائكة بالغة الأهمية.. وعلى كثرة المداد الذي سال حول هذه المسألة لم نر بيانا واحدا أو تصريحا لهذه المجموعات المشاركة في الحكومة حول مسالة رفع الدعم.
دون الرجوع للبرلمان
ثم على جبهة المؤتمر الوطني والحكومة نشب نزاع آخر حول بعض الآراء التي ترى أن وزير المالية من حقه رفع الدعم دون الرجوع للبرلمان، وبين آراء أخرى .. ترى أن رفع الدعم بقرار رئاسي أو من مجلس الوزراء فقط مخالف للقوانين.
إلى أبعد مدى لتأكيد الجدية
وأخيرا رأى المؤتمر الوطني أن إعلان الإصلاحات الاقتصادية رهين بإستكمال التشاور بشأنها مع كافة القوى والفعاليات السياسية والتاكد من مدى اقتناع الأطراف بأن هذا هو الطريق القويم للإصلاح الاقتصادي وإلتزم الحزب بتقليص الهياكل وتقليل الانفاق الحكومي إلى أبعد مدى لتأكيد الجدية ..!!.
للموازنة الجديدة
من جهة أخرى كشف البرلمان أن وزارة المالية ستودع قرار رفع الدعم منضدة البرلمان ضمن الموازنة العامة الجديدة للدولة عام 2014م، لكنه استطرد بأن قانون الاعتماد المالي للعام 2011م منح وزير المالية الحق في رفع الدعم مع توصية من البرلمان.
متاهة سياسية
هذه المتاهة السياسية زادت من خوف وجزع المواطنين من (بعبع) رفع الدعم.. فالمؤتمر الوطني الذي يقود الحكومة الآن يصرح قادته بأن رفع الدعم رهين بإ ستكمال التشاور.. ولا ندري مع من سيتشاور المؤتمرالوطني وقد صرحت معظم القوى السياسية المؤثرة بموقفها الرافض لرفع الدعم.. بل ان اتحاد الطلاب الذي يُحسب مع الحزب الحاكم نُشر له تصريح فيه اعتراض واضح على سياسة رفع الدعم.
أخوف ما يخافه الناس
وأخوف ما يخافه الناس مع تضارب التصريحات وعدم وضوحها أن يتم الإعلان عن رفع الدعم ليس بداية العام القادم كما تم التصريح أكثر من مرة؛ وإنما يخافون أن يتم الإعلان عن ذلك مع إجازة عيد الأضحى القادم بعد أقل من شهر ليجد الناس بعد العيد واقعا يصعب عليهم تحمله كما يصعب عليهم مقاومته.

قراءة : حسن عبد الحميد : صحيفة أخبار اليوم

[/JUSTIFY]
Exit mobile version