ويوم أن وقعت اتفاقية التعاون المشترك بين الرئيسين كان الأمل داعب كليهما فى علاقات وثيقة قائمة على التعاون والاحترام المتبادل لعلاقات حسن الجوار، ولو كان للبلدين حسن حظ وقتها لكانت هذه الزيارة احتفاءً واحتفالاً باستكمال كافة مشاكلهما لعام كامل قبل أن تندفع جوبا باتجاه الخرطوم باحثة عن آفاق جديدة لعلاقتها بها فى مقدمتها قضية النفط أحد أهم ما ركزت عليه.
نجاح الرئيسين كير والبشير فى اللقاء فى حد ذاته كان مؤشراً على رغبة وإرادة البلدين فى حلحلة قضاياهما، فلأول مرة تسبق الزيارة عملية تحضير جيدة عبر وفد المقدمة الذى رابط فى الخرطوم ليومين، قطع فيهما فى العديد من القضايا والملفات المهمة بين الدولتين.
عملية التحضير وفقاً لمصادر تحدثت لـ(سودان سفاري) فى الخرطوم كانت بناءة ومختلفة تماماً عن عمليات التحضير السابقة ففي السابق كان غلاة المتشددين فى الحركة الشعبية يبالغون فى الأمور ويعملون على وضع القنابل الموقوتة فى طريق التعبيد، وحين يلتقي الرئيسان فإنهما يتفاجآن بأن الأمور ليست كما ينبغي.
لقد خادع الأمين السابق المقال للحركة الشعبية باقان أموم كثيراً ورتب لأمور بينما بلاده تفكر فى أمور أخرى الأمر الذي أدخل علاقات البلدين فى نفق مظلم. الزيارة الجنوبية الى الخرطوم وإن كانت قصيرة الوقت -ليوم واحدة- مع أنها كانت مقررة أن تستمر ليومين استطاعت أن تضع كل خلافات البلدين تحت المنشار، إذ ليس هناك فى العلاقات الدولية ما يمكن أن يستعصي على الحل طالما توفرت الإرادة السياسية لكل طرف فإلى أي مدى يا ترى توفرت الإرادة السياسية لطرفين هذه المرة؟
بلا شك كان الطرف الذى تعوذه الإرادة السياسية دائماً عن الطرف الجنوبي. الطرف الجنوبي نفسه لم تكن تعوذه الإرادة السياسية بقدر ما كانت تتلاعب به أهواء سياسية غير منطقية من شاكلة تمكين قطاع الشمال من الوصول الى السلطة ليسهل الحل.
لم يكن سراً أن مساعدي الرئيس الجنوبي أمثال أموم ودينق ألور كانوا يزينون له أن الحل السهل للقضايا الخلافية بين البلدين لا يتم مع الحكومة الحالية، إذ يجب أولاً إسقاط هذه الحكومة عن طريق دعم الحركات المسلحة ومن ثم يكون سهلاً سواء في ما يخص الحدود أو المناطق المتنازع عليها مثل أبيي والنفط الاتفاق مع سلطة وثيقة الصلة بالحركة الشعبية الجنوبية.
الآن مضى عامان على هذه المحاولات ولم تنجح وقد جربت جوبا كافة أشكال الدعم للحركات المسلحة ولكن لم ينجح مخططها فى بناء تحالف قوى يطيح بالحكومة السودانية ويحل محلها، ولهذا فإن الإرادة السياسية لجوبا لم تتوفر هذه المرة فحسب بقدر ما أنها صارت لديها قناعة بأن الطريق الى الحل هو بإلتقاء الجانب السوداني والتعامل مع السلطة الحاكمة الحالية بقدر من الصدق والجدية.
السودان من جانبه مع إدراكه لهذه الحقيقة سعى لكي يسهل مهمة جوبا فى الخرطوم حيث جرت عملية تمديد لإمدادات النفط وتصديره مما أرضى جوبا وأشعرها أن بالإمكان الاتفاق والتوافق !
سودان سفاري
[/JUSTIFY]