على أنني لو كنت «الحكومة» لسلكت طرقاً أخرى لتعويض «العجز» الناتج عن هذا الدعم.. مثلاً لا أحد يشك في أن أهل السودان يحملون من أجهزة الموبايل ما تنوء بحمله العصبة من الرجال أولي القوة.. وبألوان وأشكال وأحجام كثيرة بعضها أدخله أهلنا المغتربون.. وبعضها جاء إلى أسواقنا من الصين ومن الهند ومن دول الفرنجة وبني الأصفر.. ومؤخراً قالت التقديرات إن السودانيين الآن يحملون في أيديهم خمسة وثلاثين مليون جهاز موبايل أكثر مما هو موجود في جمهورية مصر العربية بزيادة مائة في المائة على الرغم من أن سكان مصر ثلاثة أضعاف سكان السودان. وإذا كان كل موبايل وكل زول يتحدث بمعدل «ألفين جنيه بالقديم «بس».. فهذا يعني أن جملة الكلام الفارغ «بتاعنا» تبلغ تكلفته سبعين مليار جنيه بالقديم في اليوم.. يعني اثنين ترليون ومائة مائة مليار في الشهر يعني خمسة وعشرين ترليون جنيه في السنة.. «بالقديم طبعاً»..
طيب يا جماعة لو كنت الحكومة لقمت بتحميل هذه «الفَرَقَة» في المحروقات والدقيق على كل موبايل في يد كل زول.. بمعنى أن «نخت» اثنين جنيه يومياً على كل موبايل أو قل نصف جنيه على كل محادثة.. وهذه سوف تأتي لنا بخمسة وعشرين ترليون جنيه في اليوم.. ولو كنت الحكومة لقلت لناس «الاتصالات» إنكم تستعملون الموبايل في عمل التحويلات المصرفية بممارسة «حوِّل رصيد».. وأن التحاويل اليومية عبر أجهزة الموبايل لا تقل بحال من الأحوال عن عشرين مليار جنيه في اليوم.. وهذه يمكنني أنا «الحكومة» أن أفرض عليها رسوم تحويل لا تقل عن خمسة في المائة.. يعني مليار في اليوم.. يعني ثلاثين مليار في الشهر .. يعني ثلاثمائة وستين مليار في السنة «وبالقديم برضو».
ومشكلة تهريب «الأبيضين» عبر دول الجوار يمكن معالجتها بالسماح بمرور «هذين الأبيضين» عبر الحدود عياناً بياناً في مقابل دفع رسوم جمركية عالية وفي وجود إجراءات أمنية وجمركية مشددة.. والخلاصة يا جماعة أن الشعب السوداني يبدو أنه غير مستعد لأن يدفع أي «تعريفة» في الدقيق والبنزين الذي يأكله في بطنه ولكنه مستعد جداً لكي يدفع خمسة وعشرين ترليون جنيه في «الكلام الفاضي» والونسة.. وعلى كل مواطن أن يتمعن قليلاً في بيته وسوف يجد أن رب الأسرة يملك تلفونين.. والزوجة عندها تلفونين.. والولد الكبير عنده تلفون وآي باد.. والبت الكبيرة عندها أي فون وآي باد.. والبت الصغيرة عندها آي بادين.. والخدامة في البيت عندها تلفون «تلاتين عشرة» والتلفونات «تتطاقش» في كل بيت.. فهناك تلفون ربيكا.. وسلفا كير ودلع البنات، والصفقة والباندا وهناك النوكيا والجلاكسي والسامسونج.. وهلم جرّاً..
وأخيراً من الأفضل أن نبتعد عن البنزين والدقيق والله أكبر عليك يا الموبايل.. أها يا شركات الاتصال.. أنا صاح واللا أنا ما غلطان؟[/JUSTIFY]
د. عبدالماجد عبدالقادر
صحيفة الإنتباهة