إذن فإن اللجنة التي هي في حالة انعقاد دائم لا تزال تبحث الأمر لرفع التوصيات بالرغم من مُضي أكثر من عشرة أيام من زيارة وزير الماليَّة للميرغني (الكبير)!!.
لستُ أدري والله هل هو لعب على الذقون أم نسمِّيه بماذا غير هذا؟! حزب الميرغني جزء من الحكومة ولستُ أفهم ماذا سيكون موقف ممثلي الحزب في مجلس الوزراء حين تُناقَش هذه القضيَّة: هل سيرفضون القرار عندما يُتخذ أم سيُعلِن كبيرُهم داخل مجلس الوزراء أنَّهم ينتظرون رأي مولاهم الذي ستُرفع له التوصيّات ربما بعد سنة أو سنتين وربما لن تُرفع إلى الأبد وإنما سيطوي الأمر النسيان كما طوى الحزب الذي لم ينعقد له مؤتمر عام منذ نصف قرن من الزمان ولا أحد يدري شيئاً عن قيادته وكيفيَّة انتخابها كما لا يعلم أحدٌ له نظاماً أساسياً يحدِّد هيكليَّته ونظامه الإداري بل ومرجعيَّته وأهدافه ومبادئه!!
أقول مخاطباً ناطق الحزب الرسمي صدِّقني إنكم تهرفون بما لا تعرفون فهلاّ احترمتم هذا الشعب وصمتُّم بدلاً من هذا الحديث الغريب الذي لا يصدِّقه أو يعقلُه أحدٌ من العالمين؟!.
لن يجرؤ حزبُكم على اتخاذ موقف ضد قرارات الحكومة لأنه جزء منها بل تابع لها يسير حيث سارت فهو مجرَّد (صحبة راكب) جيء به لكي يكون ديكوراً أو كومبارس بالرغم من أنَّه لا يُفيد المؤتمر الوطني في قليلٍ أو كثير بقدر ما يُسيء إليه ذلك لأنَّ المؤتمر الوطني يعلم أو كان ينبغي له أن يعلم أنَّه بسلوكه السياسي هذا يعطِّل مسيرة السُّودان السياسيَّة من خلال محاولة إحياء الموتى التي يمارسها في هذا الوطن المغلوب على أمره.
كان على المؤتمر الوطني أن يعمل على ترشيد الممارسة السياسيَّة التي لن تستقيم إلا من خلال قيام أحزاب ديمقراطيَّة حديثة ومستنيرة تحتكم إلى مؤسَّسات ومرجعيات وتعمل بصورة علميَّة تُحيط بالشأن المحلي والعالمي في شتى المجالات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة أما نهجُه الحالي القائم على السعي لإحياء العظام وهي رميم والاستعانة بأهل الكهف في عصر الإنترنت فإنه يُعتبر جريمة في حق الوطن تُضاف إلى مثالب كثيرة يرتكبُها في حق هذه البلاد ومن بينها اتجاهه لزيادة التضييق على هذا الشعب من خلال رفع الدعم عن الوقود بكل ما يعنيه من إشاعة للفقر والبؤس بين المواطنين بالرغم من علمه أنَّ هناك بدائل أخرى يعجز عن اتِّخاذها بعد أن اتَّسع الخرق على الراتق وضعُفت أو ماتت رغبتُه في اتِّخاذ القرارات الصحيحة بعد أن تحكَّمت مراكز القوى في مفاصل الدولة وأحكمت قبضتها على القرار السياسي والاقتصادي الأمر الذي أفرز هذا الواقع المأساوي في شتَّى المجالات بما فيها واقعنا الاقتصادي المتردِّي.
نعود لحزب الرجل الواحد لنضحك قليلاً مع خطاب ألقاه إمام مسجد الختميَّة الذي يبدو أنَّه جاء من كوكب آخر وليس من كرتنا الأرضيَّة هذه فقد قال الرجل في احتفال أُقيم في ذكرى (الإمام الختم) بحضور زعيم الطريقة الختميَّة محمد عثمان الميرغني.. قال (إن اتفاقيَّة السلام السودانيَّة التي وقَّعها الميرغني مع قرنق عام (1988) حقَّقت السلام وحافظت على وحدة السُّودان) ووالله لا أدري كيف حققت تلك الاتفاقيَّة التي لم تعتمدها أي حكومة سودانيَّة حتى اليوم والتي جاءت الإنقاذ إلى الحكم بعدها بأشهر قليلة.. لا أدري كيف حققت الوحدة والسلام!! ثم قال إن (الاتفاقيَّة ظلَّت باقية وحيَّة مؤكِّداً تمسك الجميع بالاتفاقيَّة لإعادة وحدة السُّودان)!!
قرنق مات وهلك ولكن الاتفاقيَّة عند أهل الغيبوبة لا تزال حيَّة ومضى ربع قرن من الزمان منذ توقيع تلك الاتفاقيَّة (العلمانيَّة) وجرت كثيرٌ من الأحداث بما فيها نيفاشا وانفصل الجنوب وأصبح دولة (مستقلة) بإرادة أهله ولكن هذا الشيخ المسكين لا يزال يتحدَّث عن الوحدة برغم أنَّه أمرٌ لا يخصُّه أو حزبه كما لا يخصُّ الشعب السوداني الشمالي بل إن الميرغني نفسه وافق ووقَّع على تقرير المصير عام (1995) في مؤتمر أسمرا الذي يتناقض مع اتفاقيَّة الميرغني قرنق الموقَّعة عام (1988) ولكن من يوقظ هؤلاء من حالة الغيبوبة التي يعيشون في مستنقعِها؟![/JUSTIFY]
الطيب مصطفى
صحيسفة الإنتباهة