وقال نجله ياسر : في بادئ الأمر لأبد من أن ابدأ بالحلقة ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ التي أعدها وقدمها الوالد حول غسل وتكفين الأموات بمشاركة الترزي الراحل ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺣﺎﺝ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ بتوتو المتخصص في تفصيل الأكفان وفي ذات السياق كان الراحل توتو قد قال في حواره معك بصحيفة الدار : (إن محجوب عبدالحفيظ آتي إليه ﻳﻮﻣﺎً يرافقه صديقه محمد ﺍﻟﻴﺎﺱ راجياً منه مشاركته في تبصير العامة بكيفية غسل وتكفين ودفن الموتي بعد أن روي له قصة صديقه الذي يقطن حياً راقياً بالخرطوم فتوفي ﻭالده ولكنه لم يجد من جيرانه من يلم بكيفية غسل وتكفين ودفن الميت الشيء الذي استدعاه إلي الاستعانة بمنجد (ﻋﻨﺎﻗﺮﻳﺐ) كان يمر آنذاك الوقت بالشارع.
وأرف : وما أن سمع العم ﺗﻮﺗﻮ تلك القصة إلا ووافق علي أن يشارك والدي في الفكرة ومن ثم دخلوا علي أثرها إلي ﺍﺳﺘﺪﻳﻮﻫﺎﺕ الفضائية السودانية في حلقات تابعها كل السودانيين بشغف شديد وفي حلقة تكفين الموتي كان العم توتو يود أن يكفن احد الشباب المتعاونين معه في هذا العمل الإنساني إلا أن والدي ﻣﺤﺠﻮﺏ عبدالحفيظ رفض ذلك وكان مصراً علي أن يكفن هو لا غيره باعتبار أن البرنامج من إعداده وتقديمه والفكرة فكرته فما كان منه إلا وخلع اللبسة التي كان يرتديها في تلك الأثناء ( البدلة ) و( اﻟﻜﺮﻓﺘﺔ) ما حدا بالعم توتو الاستجابة له وقام بغسل وتحنيط وتكفين الوالد عليهما الرحمة ومن ثم تم حمله علي ( عنقريب ) إلي هنا انتهت الحلقة.
ومضي : ولم يكتف الوالد بالحلقة التي أشرت إليها بل في اليوم التالي منها توجه إلي العم ﺗﻮﺗﻮ بالموردة وقال ﻟﻪ: ـ ( ما قمنا به عمل ناقص ) .. وعليه ارغب في أن نعد ونقدم حلقة ثانية عن صلاة الجنازة وكيفية دفن الموتي بالمقابر وبما أن العم توتو مهموماً بتثقيف الناس بما جاءه من أجله الوالد فلم يتردد في الذهاب معه إلي مقابر حمد النيل التي تم من خلالها تصوير مشاهد تمثيل الدفن وإلي هنا اﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ التي كانت هي الحلقة الأخيرة.
وأشار إلي أن العم ﺗﻮﺗﻮ علم بأن والدي ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﺣﺎﺩﺙ مروري بطريق ﻛﻮﺳﺘﻲ !.. وكان ﺗﻮﺗﻮ قد قال : ( ﺍﻧﻪ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﻤﺎﻥ ﻣﺤﺠﻮﺏ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺠﻰً ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻛﺎﻥ بجواره المشير ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﻟﺰﺑﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ نائب رئيس الجمهورية وكان الوالد عليه الرحمة قد وصاه بغسل وتكفين جثمانه فما كان منه إلا وأصلح له ﻛﻔﻨﻪ ومن ثم خرج من الغرفة تسابقه دموعه.
البرنامج في الإعداد والتقديم.
وأسترد : أما بخصوص سؤالك عن إحساس الأسرة والوالد يتم تكفينه بواسطة العم الراحل توتو أقول لك إنه إحساس مخيف ومرعب ومؤلم وأنا شخصياً لم أكن مؤيداً لما ذهب إليه الوالد في تلك الحلقات التلفزيونية وهي الحلقات التي لم أحببها نهائياً وكنت أتمني أن ألا ينفذها الوالد رغماً عن أنه كان في غاية السعادة ومستمتع جداً بالفكرة ولم يكن يأبه إلي التعب والإرهاق الذي يسببه له البرنامج في الإعداد والتقديم.
وماذا يتذكر عن اليوم الذي وقع فيه الحادث وراح ضحيته الإعلامي الشهير محجوب عبدالحفيظ؟ قال : ما أذكره بصورة جيدة هو أن الوالد كان مصرا إصرارا شديدا علي أن يشد الرحال إلي منطقة القطينة ولم يكن يرغب في أن يرافقه أي شخص.
وعن الكيفية التي تلقوا بها نبأ وفاة والدهم في الحادث المروري؟ قال : عندما تم إبلاغنا كنا ما بين مصدق وكذب للخبر الذي حينما تأكد لنا أدخلنا في حالة صدمة شديدة.
وعن أين هي العربة التي كان يقودها لحظة وقوع الحادث؟ قال : بعد حدوث الحادث تم استلام العربة من الجهة التي منحتها إليه من أجل برنامج ( الصلات الطيبة ) وهي العربة التي خصصها المشير الشهيد الزبير محمد صالح نائب الرئيس للبرنامج ولم تكن مسجله باسمه.
وحول الكفن الذي كفن به في البرنامج بواسطة العم الراحل توتو؟ قال : كان الوالد عليه الرحمة يحتفظ به في المنزل وهو نفسه الذي كفن به بعد أن توفي رغما عن انه لم يطلب أن يكفن به.
هل كان لديه إحساس بالرحيل عن الفانية؟ قال : في اعتقادي أنه كان يحس بدنو أجله لأنه عندما نوى السفر من أمام المنزل رفض رفضا باتا أن يرافقه أياً منا بما فيهم شخصي وزكريا ابن عمتي وصديقه محمد صديق.
وماذا قال لكم في تلك الأثناء قبل أن يغادر ألي وجهته؟ قال : كان مصر علي موقفه الرامي لعدم سفرنا معه متحججاً بأن لا يرغب في أرهقنا بعنا السفر مطالبا لنا بأن لا نشيل همه.
وهل كنتم في العادة تسافرون معه؟ قال : ﻻ ولكن هذه السفرية كانت الأولي التي يشد فيها الرحال.
وإلي أين كان عاقدا العزم ولماذا؟ قال : كان في طريقه إلي إتمام مراسم زيجات المعوقين حركياً بمدينة القطينة.
وما هو الإحساس الذي انتابك جراء هذه الوقائع المتعلقة بالسفر؟ قال : كان ينتابني إحساس بأن هنالك شيئا ما سيحدث من وراء هذه السفرية لأنني ومنذ استلامه للعربة الجديدة كنت متوقعاً حدوث حادث بها فأتذكر كلما كان يعود بها من العمل أقوم بالدوران حولها وتفتيشها تفتيشا دقيقاً لكي يطمئن قلبي وكان ذلك مجرد إحساس لا أدري من أين ينبع.
بعد وفاة الوالد هل يزوركم أصدقاء الراحل في حياته؟ قال : بكل أسف انقطعوا عنا جميعاً.
ومن كان هم الأصدقاء القريبين للإعلامي الراحل محجوب عبدالحفيظ؟ قال : محمد موسي واحمد سليمان والعقيد سليمان شرفي وغيرهم من الأصدقاء الذين لا تسعفني الذاكرة لذكر من تبقوا.
أين تمت مواراة جثمانه ومن الشخص الذي وضعه في (ود اللحد)؟ قال : تم دفنه في مقابر (حله حمد) أما في خصوص من وضعه في ود اللحد فلا أتذكر من هو لأن لحظة التشييع والدفن كان هنالك آلاف الناس وحينما تم إدخاله القبر لم أتحمل هذا المشهد فدخلت في حالة إغماء.
دعني ادلف بك إلي أفراد الأسرة فمن هي زوجة الإعلامي الراحل محجوب عبدالحفيظ ومن هم الأبناء بالإضافة إليك وأين هم الآن؟ قال : والدتي هي أمنة خالد علي وأشقائي حسب الترتيب
حباب واحمد وخلود وشخصي فأنا تزوجت وأنجبت ابن سميته علي والدي محجوب عبدالحفيظ وأيضا شقيقتي حباب تزوجت ورزقت بأربع أبناء أما شقيقي احمد فهو يعمل بدولة اﻻمارات.
وماذا عن الراحل علي الصعيد الأسري؟ قال : كان أباً حنوناً جداً ولم يكن يمد يده علينا إطلاقا لأنه
كان يتعامل معنا علي أساس أننا أصدقاء قبل أن نكون أبناء وكان أين ما ذهب يزرع الضحكة وكان دقيقا في المواعيد ومنظم جداً.
بماذا كان مهموما في حياته وبماذا كان يوصيكم؟ قال : كان مهموما جدا بقضاء حوائج الناس وهي الهموم التي كان يزرعها فينا ويحثنا بشكل مستمر علي الصلاة ومعاملة المحتاجين معاملة جيدة واعتبارهم أخوة ومن هنا يتضح لكم أن جل تفكيره منحصرا في مساعدة الآخرين الذين كثف نشاطه لهم في أيامه الأخيرة حتى أننا لم نكن نراه لعده أيام متتالية لأنه سخر وقته بالكامل لخدمة الإنسانية.
هل من بينكم من فكر في الاتجاه علي النحو الذي اتجه والدكم إعلامياً وإذا كانت الإجابة بلا لماذا؟ قال : ﻻ لان العمل اﻻعﻻمي يعتمد اعتماداً كلياً علي الموهبة.
ما هي الأحداث التي صاحبت وفاته؟ قال : حدثت بعض حالات النصب الاحتيال باسم اﻻسرة مستقلين وفاة الوالد ومن بينها سرقة أموال كشف العزاء فيما استقل ضعاف النفوس الأجواء الحزينة وطبعوا تذاكر يناشدون من خلاله الناس بالتبرع للأسرة ومن بين الأماكن التي ذهبوا إليها سوق سعده قشره وجمعوا مبالغ ماليه كبيرة الأمر الذي سارعنا إلي نفيه نفيا قاطعا- وقلنا أننا لم ولن نطلب من احد مدنا بالمال أو غيره وأيضا صرحت بعض الجهات المسئولة بالدولة مؤكدة إعفائنا من الرسوم الدراسية وهو الأمر الذي لم يتم نهائياً.
وكيف استطعتم أن تدرسوا وأنتم مازلتم صغار وقتئذ؟ قال : كنت أنا وشقيقي أحمد ندرس ونعمل في نفس الوقت ضف إلي ذلك أن عمنا إبراهيم كان يقف معنا من حين إلي آخر.
ومن هي والدة الإعلامي الراحل محجوب عبدالحفيظ وأين هي الآن وماذا عن والده وأشقائه؟ قال : جدتي موجده أمد الله في عمرها أما جدي فقد توفي إلي رحمة مولاه أما أعمامي فقد توفوا باستثناء عمي إبراهيم عبدالحفيظ وهما محمد وحسن وعماتي هن علوية ونورا بمدينة دنقلا أما عمتي زمزم فقد توفيت.
من أين انتم في الأصل؟ قال : من مدينة دنقلا العجوز من منطقة تسمي ( القدار).
الخرطوم : سراج النعيم
[/JUSTIFY]