أولى المتغيرات أن الرئيس الجنوبي جاء الى الخرطوم بطاقم وزاري مختلف. الرجل فيما يبدو عانى ما عانى من طاقمه السابق ومن غلاة المتشددين الذين لعبوا وتلاعبوا بقراراته مهما كانت تلك القرارات سوية أم متأرجحة.
الطاقم الجديد على الأقل تفادى تماماً سلوك مسلك الطاقم القديم، فالكلمة الأخيرة الآن بحكم طبيعة النظام الرئاسي فى جوبا فى يد الرئيس الجنوبي، وهذه تتجلى فائدتها فى أنه -من هنا فصاعداً- من الصعب القول أن أي مواقف غير مقبولة تقفها الدولة الجنوبية تجاه السودان خارجة عن سيطرة الرئيس كير، ففي السابق كانت هناك أجندات بين طيات طاقمه الوزاري وكبار مسئوليه. الآن جاء الرئيس الجنوبي هو صاحب القرار.
النقطة الثانية أن التحضير للزيارة هو نفسه -رغم قصرها- كان جيداً، بل يمكن القول إن قصر الزيارة سببه التحضير الجيد لها من قبل وفد المقدمة الذى جاء الى الخرطوم قبل الزيارة بأيام، فقد أمكن التفاهم على كافة الملفات الشائكة التى عانى منها البلدان.
وحين نتحدث عن التحضير الجيد نعني وضع الحروف كاملة المعاني، وواضحة التقاسيم ليضع الرئيسان عليهما النقاط المطلوبة، وهذا لم يكن بالوسع تحقيقه لولا سلاسة ومرونة الطرفين، ومن ثم يمكن القول إن هذه القمة من بين قمم عديدة بين الجانبين هي التى تستحق أكثر من غيرها صفة الجودة والجدية لأنها سبقت بتحضير جيد ففي العادة -وكما هو معروف- فإن درجة نجاح أي قمة رئاسية بين رئيسين إنما تقاس بدرجة التحضير والاستعداد لها، ففي طيات هذا الاستعداد تكمن عناصر النجاح، وقد كان فى السابق يصل أموم أو ألور الى الخرطوم ولا يحرصان على وضع جدول أعمال جيدة. كانت أجندة خاصة تعرقل القمة وتعيق تقدم المسار. هذه المرة تغيرت هذه الممارسة الشائهة.
النقطة الثالثة أن الرئيس الجنوبي -وبغض النظر عن أي مواقف سالبة أو موجبة مستقبلاً- جاء مسلحاً بوعي سياسي جيد يتمثل في ضرورة معالجة قضايا بلاده مع السودان لمصلحة بلده فالنفط على سبيل المثال واحد من القضايا الحيوية وإذا لم تتم معالجة كافة الملفات فهو سوف يظل فى يد السلطات السودانية وهو ما يجعل جوبا فى وضع لا تحسد عليه.
وأخيراً فإن الرئيس الجنوبي على أية حال دخل امتحاناً صعباً لم تظهر نتائجه النهائية بعد!
سودان سفاري
[/JUSTIFY]