فمناوي الذى بلغ به حسن حظه أن وطأت أقدامه -لأول مرة وربما لآخر مرة- عرصات القصر الجمهوري المطل على النيل فى الخرطوم كبيراً لمساعدي الرئيس فى مايو 2006 ورئيساً للسلطة الانتقالية فى دارفور هو الآن -لسخريات القدر- يحصل بالكاد على التشوين اليومي لقواته المنهكة الخارجة من مواجهات يائسة مع الجيش السوداني فى جنوب دارفور ويحصل بالكاد على فرصة لمقابلة الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني إذا أراد تقديم شكوى من أمر من الأمور لحق بقواته من استخبارات الجيش اليوغندي، ويحصل بالكاد على سانحة نادرة لمخاطبة الرئيس الجنوبي سلفا كير فى شأن يتعلق بمعسكرات قواته فى جوبا.
والأدهى وأمرّ أن مناوي فشل هو رفيقه عبد الواحد فى الحصول على حقهما فى رئاسة الجبهة الثورية رغم وجود لائحة تمنحهما هذا الحق ويتساوى معهما فى هذا الظلم المرير جبريل إبراهيم وفصيله المشتت.
عبد الواحد من جانبه فترت علاقاته كأمر طبيعي بإسرائيل، فالدولة العبرية ليست كما يتوهم عبد الواحد لقلة خبرته السياسية وعجلته وتعجله الأمور، ليست الدولة العبرية دولة عاطفية تحيط من يقاتلون معها بالرعاية والحنو الإنساني.
هي بدأت تشعر أن عبد الواحد لم يعد كما كان فى السابق مسيطراً على معسكرات اللاجئين والنازحين والمعسكرات نفسها لم تعد أمراً جاذباً، فقد أدرك معظم قاطني هذه المعسكرات أنهم لا يمكنهم أن يعيشوا كل حياتهم فيها.
عبد الواحد ايضاً طغت عليه قوى دارفورية أخرى أبرزها حركة التحرير والعدالة الموقعة على اتفاقية الدوحة بقيادة التيجاني السيسي وهي الآن تدير الأمور -كسلطة إقليمية- فى دارفور بحيث لم يعد من الممكن تجاهلها. أما مناوي فقد أصبح ملاحقاً من الجيش السوداني وفى الوقت نفسه لم يجد التقدير المطلوب من الثورية.
معاودة الحنين للرجلين للإلتئام من جديد هو نفسه حتى ولو تحول هذا الحنين الى واقع أصبح غير مجدي، فالأوضاع على الأرض قد تغيرت ولم ينسَ عبد الواحد ولن ينس لمناوي عقده لمؤتمر حسكنيته الذي أقصاه بموجبه كما لم ينس له دخوله فى العملية السلمية وذهابه الى الخرطوم قبل أن يعود مرة أخرى الى القتال فاراً من الخرطوم.
مناوي تزداد خسارته كلما تقدم فصيل حركة العدل والمساواة سواء الذى وقع الآن على اتفاقية الدوحة أو ذاك الذي يقوده جبريل إبراهيم لأن الإثنية التى ينتميان إليها هي ذات الإثنية التى ينتمي إليها مناوي وهي أثنية الزغاوة.
عبد الواحد هو الآخر تزداد خسارته كلما تقدمت حركة د. التجاني السيسي والتي يعد جزءاً مهماً منها فى أحشاء حركته. والأكثر خطورة من كل ذلك حين ينكشف غطاء الثورية فيخرج قطاع الشمال منها آجلاً أم عاجلاً بفعل تنامي حركة المصالحة بين جوبا والخرطوم وضرورة أن يكون الطرفين فى حالة من تبادل الثقة والاستقرار وقربان ذلك هو ذبح قطاع الشمال قرباناً على عتبة استقرار الدولتين!
سوداني سفاري