} أخي” الهندي عز الدين”.. تحية وسلاماً..
} جزاك الله خيراً في منافحتك في (المجهر) يوم جهرت بها عني، وهو أمر يبقى به رصيد جميل عندي، ولقد جاء في وقت ساورتني فيه همزة انفعال، لكنني حبست لساني، حين قفزت إلى ذهني ناهية القرآن: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)، فهمد وخبا ما بنفسي، فما نطقت بشيء معيب عن إخوتي، واسترجعت حال خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبي بكر” حين غضب بما دفع عليه مما قالوه في “عائشة” – رضي الله عنها – ابنته، حتى جاءت البراءة: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ). ولكن الله أمر “أبا بكر” وهو القدوة بقوله: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فانصاع “أبو بكر” وانصعت أنا، وكيف لا أفعل وقد فعل؟!
وقلت ما بال هؤلاء إن ذكروا قول الله حين يسمعون (فتبينوا) وفي رواية الكسائي وحمزة وخلف (فتثبتوا) وليتهم فعلوا.
} نحن يا أخي في زمان عاد الإسلام فيه غريباً، لكأنه زمان وقرن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أيام الجاهلية الأولى، فالقوم هم القوم كأنهم قريش، وجاهلية حديثة ومسلحة بسهام لا تطيش، تناصرت يومها ضد محمد صلى الله عليه وسلم، كما تناصرت اليوم ضد الإسلام والقرآن من ملل العلمانية واللادينية ضدنا، وضد إخواننا في مصر، تحالف من الجيش والشرطة والإعلام وأصحاب الأموال ودول مقرها في مهبط الوحي، حيث نزل القرآن على محمد عليه السلام، وهم يرنون ويتطلعون أن يفعلوا بنا نفس المنوال. ألا ينبغي أن تتناصر وتتوحد في وجهها، فعلاً بفعل وقولاً بقول، تحت راية قول الله (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)، استعداداً واستباقاً للتي هم يكرهون، ونصطف كما يصطفون.
} وذلك ما قلته بتوحيد الصف المسلم في الداخل، الموصوف في القرآن والمحبوب من الله: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)، وهو صف طويل يسع كل أهل السودان بمكوناته في الغرب والشرق، والجنوب والشمال، وكل من توجه شطر المسجد الحرام، وممتد في الخارج من هنا إلى منابت الزيتون في الشام، ومن الخليج إلى المحيط، إلى الهند والسند، حيثما أشرقت شمس الاسلام ووصلت إليه رسالة “محمد” عليه السلام.
} ونحن مأمورون بالتآخي بيننا، وبالحوار دعوة مع غيرنا (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وذلك إما (مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ)، علّ منهم من يتذكر أو يخشى، حتى وإن كان طاغية، أو عصى ربه فغوى كفرعون موسى. فإن قبل واستجاب فيبقى حكم الله (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، وكذلك في (إلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ). ويبقى من بعد ذلك من أبى حينها أمر الله (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ).. (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ).
} أختم قولي يا أخيو أكرر لك تحيتي، فلعل ما كتبت شهادة تلقاها يوم يقف الناس أمام رب العالمين، وأوصيك بقول الشاعر:
وما من كاتب إلا سيبلى .. ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فاكتب لنفسك شيئاً يسرك في القيامة أن تراه
إبراهيم السنوسي
صحيفة المجهر السياسي
[/JUSTIFY]